مميزات الثقافة اليونانية
العادات والتقاليد اليونانية
مفهوم الأسرة عند اليونانيين
تعدّ الأسرة هي اللبنة الأساسيّة في بناء المجتمع اليونانيّ، فالأسرة هي من تقدّم الدعم العاطفيّ والمادي لأفرادها، وعلى الرغم من تراجع دور الأسر في المجتمع اليونانيّ نتيجة لصغر حجمها إلّا أنّها حافظت على مكانتها في الحياة الاجتماعية الإغريقية ، فما زالت الأسر الممتدّة تلعب دوراً مهماً في حياة أفراد المجتمع محافظةًّ بذلك على العلاقة الوثيقة بين أفراد العائلة الواحدة، فأصبح اسم العائلة وأصولها وسمعة أبنائها مدعاة للتفاخر بين الناس، فبرز لدى الإغريق أن يمدح الناس عوائلهم لصفاتهم النبيلة من كرم أو نزاهة أو إنجازات.
يميل معظم اليونانيين للعييش مع أسرهم الصغيرة، لكن مع الحفاظ على العلاقات المترابطة مع الأسرة الممتدة وأقاربهم، وفي بعض الحالات يمكن أن يعيش الأجداد في نفس بيت العائلة وخاصةّ إن كانوا من كبار السن المحتاجين للعناية الخاصّة، فعُرف عن اليونانيين تقديرهم واحترامهم لكبار السن والأخذ بآرائهم وقراراتهم، كما أنّ بعض الأسر تتيح لأبنائها العيش معهم حتّى بعد الزواج كمساعدة لهم قبل عثورهم على سكنهم الخاص.
الثقافة المُجتمعية عند اليونانيين
تعدّ المصافحة هي التحيّة الأكثر انتشاراً في المجتمع اليونانيّ بكافة أطيافه عند اللقاء، فمن آداب اللقاء عند اليونانيين أن يحافظ الشخص على التواصل البصري مع الآخرين وخاصّة عند اللقاء الأول، ومخاطبة الأشخاص الأكبر عمراً بألقابهم وليس بأسمائهم الأولى إلّا إن سُمِح لهم بذلك، ومن المحبب أيضاً مناداة كبار السنّ بالعمّ أو العمةّ تقديراً لهم، ولا شكّ أن بعض هذه الآداب ليس لها ضرورة بين الأصدقاء والشباب.
يُعرف عن الإغريق اليونانيين حبّهم وبراعتهم بتبادل النقاشات والآراء والجدال فيما بينهم، لكنّهم في ذات الوقت يحترمون المنطق في ذلك، كما أن لديهم مرونة ومهارة في الحوارات واستخدام المنطق، والحجج العقلانيّة والعاطفيّة لتوصيل آرائهم والوصول لمرادهم،ويتّبع المجتمع اليوناني بعض العادات الحسنة في تعامله مع الآخرين، وهي عادات محببة ينصح باتباعها عند التعامل مع هذا الشعب، ومنها:
- الاهتمام بالآخرين والتفكير بهم، بغضّ النظر عن المعرفة بهم، مما يساهم بتوطيد العلاقات الاجتماعية معهم.
- الانفتاح على الآخرين، فمن المعروف أن اليونانيين يحبّوبن مشاركة تفاصيلهم الشخصية ويحبّون من يشاركهم إياّها أيضاً.
- منح الطرف الآخر المجال لإنهاء فكرته والتعبير عنها بما يكفي قبل إعادة توجيه الموضوع لموضوع آخر.
- الالتزام بالوعد، فالشعب اليونانيّ شعب صادق يقدر الالتزام بالوعود ويتوقّع من الطرف المقابل الشيء نفسه.
اللباس التقليديّ اليونانيّ
اشتُهر اليونانيون القدماء بملابسهم البسيطة، فبالحديث عن الملابس النسائية فإنّها تختلف من منطقة لأخرى، إذ اشتهر لديهم ما يسمّى بالبيبلوس وهو لباس نسائيّ تقليديّ يتكوّن من قطعة قماش واحدة مع فتحة بالرأس وبلا أكمام للأذرع، وقد يضاف إليه المآزر والزنانير أيضاً، كما اشتهر ما يسمّى بالكيتون وهو فستان تقليدي يشبه اللباس سابق الذكر إلّا أنّه يحتوي على أكمام للأذرع، وكلا اللباسين كانا مصنوعين من الصوف نظراً لوفرته نتيجة تربية الأغنام في ذلك الحين، أمّا الزي التقليديّ للزفاف فهو القرغونة (karagouna) الذي يميّزه الألوان الجميلة، إذ يتكون من عدّة طبقات مختلفة جعلت منه زيّاً ثقيلاً، كما ترتدي المرأة مع هذا اللباس منديلاً على رأسها مرصّعاً بالعملات الذهبيّة دلالة على الثروة والمال.
تميّز الرجال اليونانيون بلباسهم التقليديّ المسمّى الفوستانيلّا (foustanella) وهو الزيّ الوطني الذي يرتديه الحرس الرئاسيّ في بعض المناسبات الخاصة، إذا يحتوى هذا الزيّ على 400 طيّة والتي ترمز لمدّة حكم العثمانيين لليونان، وقميص أبيض ذي أكمام واسعة تعلوه سترة صوفيّة مطرّزة، كما يُرتدى مع هذا الزيّ جوارب طويلة بيضاء اللون، ووشاح، وأحذية مدببة متميّزة، أمّا في الجزر اليونانية فيوجد زيّ تقليديّ آخر يتكوّن من بدلة تحتيّة بيضاء ذات سروال واسع، وقميص أبيض ومعطف بلا أكمام ووشاح وسترة، وما تجدّر الإشارة إليه احتفاظ اليونانيون بتقاليدهم الخاصة بالملابس وبعض العناصر الأساسيّة باللباس بالوقت الراهن، خاصة في المهرجانات والأعياد الوطنيّة.
الدين وعلاقته بالثقافة اليونانية
ترتبط الثقافة اليونانية وأصولها ارتباطاً وثيقاً بالمعتقدات الدينية والكنيسة، فالكثير من العادات اليونانية القديمة والتي ما يزال الكثير منها في هذا الوقت هي ذات أصول دينية وعقائدية يتّبعها اليونانيون، فعلى سبيل المثال يحتفل الكثير من اليونانيين بيوم ميلاد أطفالهم، فبدلاً من ذلك فإنّهم يحتفلون بما يسمّى بيوم الاسم، وهو اليوم المرتبط باسم القدّيس الذي يحمل نفس اسم الطفل، إذ أنّ الكنيسة تحوي المئات من القديسين فيجد اليونانيون أنّ معظم تقويم العام فيه تكريم لقديسين متعددين، ويتمّ الاحتفال بيوم الاسم باستضافة أفراد العائلة والأصدقاء والأقارب بمكان ما، ويعتقد الأرثذوكس اليونانيون أن الاحتفال بيوم الاسم يعدّ تقرّباً لله.
تمتد التقاليد الدينيّة التي يتّبعها اليونانيون حتّى في حالات الوفاة، فعادة ما ترتدي النساء اللون الأسود لمدة طويلة قد تصل عاماً كاملاً، أمّا الرجال فيرتدون ملابس ذات أكمام سوداء لمدة تصل 40 يوماً، ويُصنع في هذا اليوم طعام خاص معدّ من القمح وأشبه بالبسكويت، وبعد الوفاة بأربعين يوماً يقام للمتوفىّ حفل تأبين تذكاريّ، كما يتمّ تقديم خدمات سنويّة في ذكرى وفاة الفرد إظهاراً للحزن بأن الفرد لم يعد جزءاً من العائلة، ومن ناحية أُخرى يعتبر الدين جزءاً أساسياً في حياة الشعب اليوناني، إذ يظهر ذلك في العديد من عاداتهم كاحترامهم وتقديرهم لكبار السن وانتمائهم للأسرة، ومحافظة الشباب على زيارة الكنيسة لمشاهدة طقوس حفلات الزفاف والجنازات، والاحتفال بعيد الفصح ، حيث مكنّت هذه الأمور من دور الكنيسة في المجتمع اليونانيّ، وسمحت لها بالتدخل في الشؤون السياسيّة، والمدنيّة، والحكومية في اليونان.
الفلسفة والعلوم في اليونان
كان للحضارة اليونانية دور في سمو العقل، والمنطق، والحياد، وقد جعلتهم أساساً لفلسفتها وتطوّر علومها ونظرتها للعالم والطبيعة، ومن رواد مجال الفلسفة أفلاطون، وسقراط، وأرسطو، بالإضافة إلى ذلك قدّمت هذه الحضارة للعالم مساهمات جمّة في العلوم المختلفة، ففي الرياضيات برز العديد من العلماء اليونانيين كفيثاغورس ، وإقليدس، وأرخميدس الذين يعزى لهم الفضل بتكوين الأفكار والمبادئ الأساسية في علوم الهندسة والبراهين الرياضية، أما بالنسبة لعلوم الفلك فقد طوّر اليونانيون القدماء بعض النماذج الفلكيّة الأوليّة التي تهدف لوصف حركة الكواكب، ودوران الأرض، ووضعِ الشمس كمركز للنظام الشمسيّ، أمّا في الطب فقد كان الطبيب اليونانيّ أبقراط من أشهر الأطباء في العصور القديمة ومؤسس الطب الحديث.
الفن والأدب في اليونان
ارتبط الأدب بالمسرح في المجتمع اليونانيّ ارتباطاً وثيقاً، فقد كانت بداية المسرح اليونانيّ في القرن السادس قبل الميلاد، وذلك بتقديم المسرحيات التراجيديّة في المهرجانات الدينيّة، والتي جاء بعدها المسرحيات الكوميديّة، وبهذا أصبح هذان النوعان من المسرحيات هم الأكثر شهرة وانتشاراً في الدراما اليونانية القديمة، وقد عُرف عن هذه الحضارة العريقة العديد من الكتّاب المسرحيين مثل سوفوكليس، وأريستوفان اللذين شكّلت أعمالهم مبادئ المسرح الحديث، ومن ناحية أُخرى تميّزت الحضارة اليونانية أيضاً بفنونها وخاصة في مجال النحت والعمارة، حيث استلهمت هذا الفنّ من الحضارة المصريّة القديمة وحضارة الشرق الأدنى، لكنّها طوّرتها لتكوّن رؤيتها الخاصة والفريدة، وقد وصل النحّاتون اليونانيون إلى درجة فائقة من إتقان نحت الجسم البشريّ وتفاصيله وانسياباته، واشتهرت العديد من هذه المنحوتات باليونانية وخاصة تلك المنحوتة على الحجارة والبرونز.
وللتعرّف إلى الحضارة اليونانية يمكنك قراءة مقال ما هي الحضارة اليونانية
الاحتفالات اليونانية
تشتهر اليونان بالعديد من الاحتفالات والعادات والمناسبات، ومن أشهر هذه الاحتفالات ما يأتي:
- عيد الفصح الأرثذوكسي في اليونان: هو الاحتفال الأكبر خلال العام، إذ يمتد لمدة أسبوع كامل يبدأ من يوم السبت، فيزيين السُكان المحليون المنازل والكنائس، أمّا الأطفال فيحتفلون بطريقتهم الخاصة، وذلك من خلال غناء الترانيم الخاصة بهذه المناسبة، وجمع العيديّات والبيض الملوّن.
- موسم الكرنفال في اليونان: وهو احتفال مرتبط بالديانة الأرثذوكسيّة اليونانيّة، حيث يبدأ قبل الصيام السنوي بثلاثة أسابيع، وتنتشر في هذا العيد عروض الأزياء الجميلة والملوّنة وعروض الرقص.
- المهرجان الهيليني في اليونان: وهو من المهرجانات الصيفية اليونانية، تُنظّم فيه العروض المسرحية والموسيقية، والرقص، والدراما المحلية والعالمية.
- أسبوع البحرية في اليونان: يختص هذا الأسبوع بتكريم واستضافته القرى الصيد والموانئ في جميع أنحاء اليونان من خلال مجموعة من الأنشطة مثل، الموسيقى، والغناء، والرقص، والسباحة.
ثقافة الرقص في اليونان
يحتل الرقص لدى اليونانيين مكانة عظيمة، بسبب اعتقاد القدماء بأن الرقص من صنع الآلهة، مما جعله يرتبط بالاحتفالات الدينية الخاصة بهم، فقد اشتهرت العديد من الرقصات الشعبيّة الخاصة بهم، ومن ناحية أُخرى يعتبر اليونانييون الرقص تعبيراً عن هويّتهم، وحياتهم اليوميّة والاجتماعيّة، فلم يقتصر الرقص على الاحتفالات والمناسبات المختلفة فقط.
ثقافة الموسيقى في اليونان
اتخذت الموسيقى لدى قدماء اليونانيين مكانةً عظيمة، فقد اعتبروها هديّة الآلهة لهم، فما زالت الموسيقى اليونانيّة تحتفظ بمكانتها حتى بعد سقوط اليونان القديمة، وتمّ تطويرها وإدخال بعض الأدوات الموسيقيّة الشرقيّة التي لم تُستخدم من قبل كالطبل، والدف وأدخلوها في أغانيهم، ومن ناحية أُخرى يستخدم اليونانيون الموسيقى في جميع المناسبات، والاحتفالات المختلفة، والأنشطة العسكريّة، والعروض المسرحيّة والدراميّة، كما تأثرت الموسيقى اليونانيّة بالأوبرا، ليؤدي ذلك لدخول العديد من الأنماط الموسيقيّة الجديدة وما زال بعضها سائداً حتى هذا الوقت.
أماكن ثقافية في اليونان
تزخر اليونان بالعديد من الأماكن الثقافيّة التي تعبر عن تاريخها، وثقافتها، وعاداتها، وتقاليدها المُختلفة، ومن أشهر هذه الأماكن ما يأتي:
- أثينا: مركز اليونان التاريخيّ وعين على الثقافة اليونانية العريقة، إذ يجد الزائر في أثينا المسارح، والمتاحف والمعارض الفنيّة، والعديد من المقاهي.
- يوانينا: تتميّز هذه المنطقة بطبيعتها وتضاريسها المتنوّعة من مرتفعات وعرة، وقُرى ريفية، بالإضافة للعديد من المعالم ذات الأصول العثمانيّة، إذ يجدها الزائر مركزاً تاريخياً قديماً وفرصة لا تعوّض للتنزّه والتمتع بالطبيعة، بالإضافة لركوب القارب على بحيرة بامفوتيدا وزيارة العديد من المقاهي.
- جزيرة كريت: تُعد جزيرة كريت من أشهر الجزر اليونانية ، إذ لا تحتاج لفترة طويلة لاكتشاف معالمها وطبيعتها ، رغم ذلك فهي مقصد لعشاق أشعة الشمس، وهواة الطعام والباحثين عن التاريخ والمعالم الأثرية القديمة والعريقة، ومُحبي الطبيعة الفريدة، ولمعرفة المزيد من الجزر اليونانية، يمكنك قراءة مقال جزر اليونان .
- جزيرة خيوس: تُعد جزيرة خيوس واحدة من أشهر جزر اليونان ، فقد اشتهرت بإنتاج مادة المستكا ذات الاستخدامات العديدة اليونان سواء داخل اليونان أو خارجها، أمّا تاريخياً فالجزيرة موطناً للعديد من الأديرة البيزنطية والقلاع التي تعود للعصور الوسطى.
- البيلوبونيز: هي شبه جزيرة تقع في جنوب اليونان، إذ تعتبر موقعاً غنيّاً بالتاريخ والمواقع الأثريّة العريقة التي يجدها زوارها فرصة لا تعوّض لالتقاط الصور التذكارية، كما أنّها موطناً لموقع الألعاب اليونانية القديمة، كما أنّها ذات جمال وطبيعة فريدة من نوعها.
ولمعرفة مزيد من المعلومات حول اليونان، يمكنك قراءة مقال معلومات عن دولة اليونان .
نبذة عن الثقافة اليونانيّة
تعتبر الحضارة اليونانية من أقدم وأعرق الحضارات عبر التاريخ حيث تعود نشأتها لما يقارب 3650 عاماً قبل الميلاد في جزيرة كريت، ممّا جعلها أساساً ومرجعاً للحضارة الغربية بأكملها، إذ تُعد هذه الحضارة مهداً للديموقراطية، والفلسفة، والأدب، والدراما، وقد ساهمت الحضارة اليونانية في التطوّر العلمي في العديد من المجالات مثل، الرياضيات، والفيزياء، والطب، كما انطلقت منها الألعاب الأولمبيّة.