ملخص رواية الفقراء لدوستويفسكي
ملخص رواية الفقراء لدوستوفيسكي
تعدّ رواية الفقراء من روايات دوستوفيسكي التي تناولت ظاهرة اجتماعية مهمة في السياق الروسي، وهي ظاهرة الفقر وآثارها على المجتمع، فقد كان دوستويسكي واقعيًا، ينطلق في رواياته من خضم مشكلات الشعب الروسي الاجتماعية، ولا بد من الإشارة إلى أنّ هذه الرواية هي أول رواياته، وسبب شهرته، ومن أقلّها حجمًا.
تقوم الرواية في مجملها على شخصيتين تتبادلان الرسائل، فتبدأ الرواية برسالة ماكار ألكسيفيتيش إلى فارفارا دوبروسيلوفا، يحدثها فيها عن مشاعره وشوقه تجاهها، وعن انتقاله للمسكن الجديد وحالة البناء المزرية، فهو في منطقة شعبية مكتظة، لا تهدأ فيها الضوضاء، ومن ثمّ يحدثها عن العاملة تيريز، وعن كونها مُسخّرة لنقل رسائله إليها، لكنها على الرغم من لطافتها ورقتها، إلا أنّها تعاني من سيدة البيت التي تكلفها بأعمالٍ شاقة.
فهذه الرواية تقوم من أولها إلى آخرها على مثل هذه الرسائل المتبادلة، التي تلقي الضوء على أجزاءٍ من حياتهما، وعن أشكال المعاناة اللاتي يعيشانها في مسيرة يومهما، فهي حياة بائسة، لا تحتوي إلا الهموم والحديث عن العمل، والفضاء الذي يعيشان فيه أيامهما، فهو مجتمع فقير، ومملوء بالأوساخ والروائح السيئة، وكذلك الضجيج الدائم، لكنهما دائما الحديث عن أحلامهما الوردية.
فالسرد في هذه الرواية سرد اعتيادي يسير في زمن باتجاه المستقبل، ونلحظ في السرد حضور السوداوية التي طغت على حياتهما ورسائلهما، فهما يعيشان في وسط مظلم، وبظروف مالية صعبة، لكن حبهما هو ما يخفف عنهما العبء، فالسرد في هذه الرواية كان واقعيًا، ودائمًا ما يشير إلى وضعهما المعيشي الصعب.
الشخصيات في رواية الفقراء
تقوم هذه الرواية على شخصيتين أساسيتين وهما ماكار وفارفارا، ونستطيع توضيحهما كما يلي:
ماكار
تعد شخصية ماكار شخصية عطوفة، وهو محبُّ وعاشق لفارفارا، ودائم إرسال الهدايا والطعام لها، ولكن لا بد من الإشارة إلى أنّ شخصية ماكار كان يكبر فارفارا بالسن، وقد كان هذا الفارق العمري يشعره بنوع من الدافعية لأن يعتني أكثر بفارفار، لكنه كان يشعر بأنها تضع حدودًا بينهما بسبب سنه، وقد كان هذا الأمر يثير حفيظته، لكنّ فارفارا كانت تؤكد له أنها لا تعيب عليه كبر سنه، ولا تعده أمرًا مهمًا في علاقتهما.
ويكشف ماكار في إحدى رسائله عن كونه يسكن في زاويةٍ من مطبخ الشقة، ويحاول أن يبرر لها قبوله لهذا المسكن، فهو يجد أنّه قد وفّر عليه المال، ولأن هذا الركن له نافذةٌ مطلّة على نافذتها، فيستطيع رؤيتها كل يوم وهي تخرج من مسكنها، وكأنه مستمتع بها، وأن له ركنًا خاصًا به، ولكنه يسكن مع غير قليل من الأشخاص في هذا المسكن القديم، وهم في كل صباح يثيرون ضجة كبيرة في أثناء تجهزهم للانطلاق للعمل.
لكن هذه الشخصية كانت متناقضة مع ذاتها، فهو لم يحقق هدفًا من أهداف الانتقال، لا سيما توفير المال، إذ إنّ المال الذي وفّره صرفه على الشاي والسكر، فهو يرى أنّ من يسكنون معه أشخاص لهم مكانة، ويجب عليه أن يظهر أمامهم بمظهر لائق وهو يشرب الشاي كل يوم، فهذه الشخصية مهزوزة وضعيفة، بالإضافة إلى إصراره على شراء الهدايا لها.
فارفارا
إنّ المتتبع لشخصية فارفارا يجد أنّها شخصية بسيطة في تعاملها، محبة لماكار ودائمة الاهتمام به، فنرى في بعض رسائلها أنها تفيض حبًا وامتنانًا على هداياه، لكنّها في ذات الوقت تعاتبه دومًا عليها، فهي عاجزة عن الرد على هذه الهدايا، وأيضًا لا تريد له أن يحرم نفسه من الضروريات حتى يشتري لها الأزهار والحلوى، فقد كان مولعًا بإرسال الهدايا والطعام والزهور لها، وهذا ما أكدته أنه يؤثر عليه سلبًا.
وقد كانت هذه الشخصية تعاني من اضطهاد قريبتها، فهي تسكن معها في الشقة المقابلة لمسكن ماكار، وقد كانت تعطيها أعمالاً كثيرة إلى درجة أنها لم تكن تستطيع أخذ وقت لكتابة الرسائل له، وقد كانت دائمًا ما تتعجب من استئجاره لهذه الغرفة في المطبخ، وأنّ هذا المسكن لا يليق به وبسنه، فقد كانت دائمًا تدعوه إلى العناية بنفسه والحذر ممن يسكنون معه، وكانت دائمًا ما تطلب منه أن يزورها في الأيام القادمة، فهي تمرض من حين لآخر لضعف جسدها.