مقال عن وصف الجنة ونعيمها
وصف الجنة ونعيمها
قال في وصف نعيمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فِيهَا ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ)؛ فإن نعيمها ليس مما يُحصى أو يمكن حصره وذكره، ونذكر فيما يأتي بعضاً منه -جعلنا الله من أهلها-، وفيما يأتي وصف لبعض نعيم الجنة كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
درجات الجنة
عدد درجات الجنة مئة درجة كما بيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (فإنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ما بينَ كلِّ درجَتينِ كما بينَ السَّماءِ والأرضِ، والفِردَوسُ أعلى الجنَّةِ وأوسطُها، وفَوقَ ذلِكَ عرشُ الرَّحمنِ، ومنها تُفجَّرُ أنهارُ الجنَّةِ، فإذا سَألتُمُ اللَّهَ فسَلوهُ الفردوسَ).
والمسافة بين كل درجة ودرجة في الجنة كما بين السماء والأرض، فقد جاء في الحديث: (ما بينَ كلِّ درجَتينِ كما بينَ السَّماءِ والأرضِ)، ويوضح سعة المسافة في الدرجات قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَراءَوْنَ أهْلَ الغُرَفِ مِن فَوْقِهِمْ، كما تَتَراءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغابِرَ مِنَ الأُفُقِ مِنَ المَشْرِقِ أوِ المَغْرِبِ، لِتَفاضُلِ ما بيْنَهُمْ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، تِلكَ مَنازِلُ الأنْبِياءِ لا يَبْلُغُها غَيْرُهُمْ، قالَ بَلَى، والذي نَفْسِي بيَدِهِ رِجالٌ آمَنُوا باللَّهِ وصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ).
أنهار الجنة
قال -تعالى-: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى)،في الجنة الكثير من العيون والأنهار الرّائعة والتّي تخرج من الفردوس الأعلى، وجاء ذكرها في القرآن الكريم؛ كنهر الكوثر الذّي يسقي منه الرّسول -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين، فلا يظمئون ولا يشعرون بالعطش بعد الشّرب منه، ولقد سمّيت إحدى سور القرآن باسمه، وذكر أن حافتاه من اللؤلؤ والتّراب من المسك وبياضه أشدُّ من بياض الثّلج وطعمه أحلى من السّكر، والآنية التّي يشرب منها مُصنعةٌ من الذّهب والفضة، كما يوجد نهر البيدخ، فيدخل به الشّهداء ويَخرجون منه ضوؤهم كضوء القمر؛ وقد ذهب عنهم أيّ دم أو أذى، وتوجد العديد من العيون أيضاً؛ ومن العيون الذي ذكرها القرآن الكريم:
- عين الكافور، قال -تعالى-: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ).
- عين التسنيم، قال -تعالىٍ-: (يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ* خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ* وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ).
- عين السلسبيل، قال -تعالى-: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا*عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا).
أشجار الجنة
وصفت أشجار الجنّة من نمو سيقانها من الذّهب، وقد ذكرت بعض أشجار الجنة في بعض آيات القرآن الكريم؛ كشجرة سدرة المنتهى وهي من أكبر أشجار الجنة، تقع تحت عرش الرّحمن يجلس حولها العديد من الملائكة، وسيّدنا إبراهيم ومعه العديد من الأطفال الذّين توفوا في صغرهم؛ حيث يرعاهم، وتوجد بها جميع أنواع الفاكهة اللذّيذة، ولا يوجد منها في الدّنيا، يقول -عزّ وجلّ- في محكم تنزيله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾؛ فقد وعد الله -تعالى- عباده المؤمنين بنعيم الجنّة، وثمارها وأشجارها، ما لا يخطر على قلب البشر، وقيل في أوصاف ثمارها ما يأتي:
- إنّ الثمار متشابهةٌ في اللون مختلفةٌ في الطعم في الجنّة.
- الثمار متشابهةٌ في الجنّة كما في الدنيا مع اختلاف الطعم.
- إنّها متشابهةٌ في الجنّة في لونها وطعمها.
- إنّ ثمار الجنّة وثمار الدنيا متشابهةٌ في اللون والمنظر والطعم.
- إذا تناولوا ثمرةً بعد أخرى ظنّوا أنّها الأولى.
- موجودة في كلّ أوانٍ لا تنقطع عنهم، ولا يصعب تحصيلها؛ بحيث لو أرادوها وكانت في أعلى الشجرة، تذللت لهم واقتربت، قال -تعالى-: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ .
وجاء ذكر بعض الثّمار الموجودةِ في الجنة كالتّين والعنب والرّمان والسّدر والبلح، وتوجد شجرةٌ أخرى تسمى بشجرة الطّوبى والتّي قال عنها الرّسول صلى الله عليه وسلم أنها شجرةٌ تشبه كثيراً شجرة الجوز، وحجمها كبير جداً، وكل ثمرةٍ منها يوجد بها سبعون لوناً من السّندس والاستبرق لم يُر مثيلاً لها.
صفات أهل الجنة
بيان صفات أهل الجنة ما يأتي:
- الخلود في الجنة، قال الله -عز وجل-: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)، أي دائمون باقون فيها ملازمون لها لا يخرجون منها، وقال الله -عز وجل-: (وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ).
- لا غل ولا حقد في قلوبهم، قال الله -عز وجل-: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)، ولقد طهّرْنا قلوبَهم من الحسد والغِل والكراهية، فاجتمعوا فيها على المحبَّة والصفاء، يجلسون على سرر متقابِلين ويتزاورون ويتواصلون يأمنون من التحاسد والتباغض؛ لأنَّه قد فُقدت أسبابه.
- لا يموت أهل الجنة، قال الله -عز وجل-: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)، أي: لا يذوقون في الجنة الموت البتة لأنهم خالدون فيها، إلا الموتة الأولى أي: لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا، وكذلك لا ينامون؛ لأنَّ النوم كالموت كما صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- لا يخاف أهل الجنة ولا يحزنون، قال الله -عز وجل-: (بلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، أي لا يخافون من ما هو آت ولا يحزنون على ما فات.
- فاكهون ومشتغلون بنعيم الجنة، قال الله -عز وجل-: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ)، أي في شأن كبير من المسرة والنعيم فاكهون: أي مرحون في عيش ناعم.
- أزواجهم مطهرة، قال الله -عز وجل-: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)،أي إنَّ أزواجهم مطهرة من الحيض والنفاس.
- لباسهم الحرير والسندس والذهب، قال الله -عز وجل-: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ).
- وجوههم مبيضة بيضاء، قال الله -عز وجل-: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
- لا يتعب أهل الجنة، قال الله -عز وجل-: (لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ)، أي لا يمسهم الإعياء وتعب.