مقال عن حسن الخلق
الأخلاق
تعدّ الأخلاق أحد الأساسات الرئيسية التي تُبنى عليها المجتمعات، فاهتمّ جميع الفلاسفة والمفكرين عبر العصور بمفهوم الأخلاق وطبيعتها وبطريقة ارتقائها بالمجتمعات، فكانت فلسفة سقراط المتعلقة بالأخلاق على سبيل المثال إحدى النقاط الفاصلة في تاريخ اليونان، فساهمت مفاهيمه الأخلاقيّة وتعاليمه بارتقاء اليونان حتى وصلت إلى عصورها الذهبيّة نتيجةً لذلك. وتعدّ الأخلاق الحميدة إحدى الصفات الرئيسيّة للمسلم والتي ركّز الرسول صلى الله عليه وسلم على تعليمها للصحابة والمسلمين من بعده، فنال المسلمون بهذه الأخلاق احترام العالم بأسره.
حسن الخلق
حسن الخلق يكون للمسلم باتباعه لما أمر به الله تعالى واجتناب ما نهى عنه، والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، فمن أهمّ الصفات التي كان يتحلّى بها الرسول صلى الله عليه وسلم اويجب أن يتحلى بها المؤمن هي الصدق والأمانة، فالمؤمن ليس بخوّانٍ ولا كذّاب. وكلّ إنسانٍ معرّضٌ للخطأ، ولكن الكذب ليس بالأمر الصواب أو الأخلاقي مطلقاً، إلّا في الحالات التي يصحّ فيها والتي حدّدها عليهالصلاة والسلام لهدفٍ أسمى كالإصلاح بين المتخاصمين على سبيل المثال، ففي مثل هذا يكون الكذب أسمى من الصدق. كما يجب أن يبتعد الإنسان- لتمام حسن الخلق - عمّا حرّم عليه الله تعالى من الكبائر ، والتي تعتبر إحدى المفاسد العظمى، فصاحب الخلق العظيم لا يرتكب الفواحش والآثام ويرى فيهم قمّة الفساد سواءً كان من المسلمين أو غيرهم، ولا يمكن لصاحب الخلق على سبيل المثال أن يشرب الخمر، الذي يُذهب العقل فيجعل الإنسان في أوضع وأدنى حالاته. وصاحب الخلق العظيم لا يترك لنفسه العنان عند الغضب فيتجرّد من جميع مبادئه وأخلاقه، إنّما يمسك نفسه ويعفو عند مقدرته على ذلك، وإذا تحلّى الإنسان بهذه الأخلاق وغيرها فمن المؤكد أنّه سينال بذلك مرضاة الله تعالى وحبّه وسينال حبّ الناس من حوله أيضاً أكثر ممّا يناله صاحب الخلق البذيء الذي يزدريه الناس ولا يطيقونه.
خلق الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد عرفت قريش الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بمكارم أخلاقه، وكانت أخلاقه التي عرفها القاصي والداني أحد الأمور الرئيسية التي جعلت الصحابة الكرام يتبعونه ويدخلون في دين الإسلام، وأكد هذا الأمر قوله تعالى:(وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران:159].
بالرغم من أنّه عليه الصلاة والسلام قد أوتي المعجزة الكبرى وهي القرآن الكريم وأوتي الفصاحة والحق، إلّا أنّه ما كان لأحدٍ أن يتبعه لو كان فظأً ودون خلق، ولهذا فإنّه صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى لحسن الخلق سواءً في صدقه، أو عدله وإنصافه، أو جمح غضبه، أو في جميع النواحي الأخلاقيّة، فيلخص الرسول صلى الله عليه وسلم الهدف من دعوته بقوله:(إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ) [مختصر المقاصد].