مقاصد سورة الإسراء
تعريف بسورة الإسراء
سورة الإسراء من السور المكية التي نزلت قبل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، سوى عددٍ من الآيات المدنيّة فيها، وهي الآية السادسة والعشرون، والثانية والثلاثون، والثالثة والثلاثون، والسابعة والخمسون، والآيات من ثلاثٍ وسبعين إلى الآية الثمانين، وآياتها سورة الإسراء مئةٌ وإحدى عشرة آيةً، وهي السورة السابعة عشرة في ترتيب المصحف الشريف، وموقعها في الجزء الخامس عشر منه، وكان نزول سورة الإسراء على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد سورة القصص، وسمّيت سورة الإسراء بهذا الاسم؛ لذكرها لأعظم حادثةٍ، وهي حادثة الإسراء والمعراج، وآتيًا في هذا المقال بيانٌ لمقاصد هذه السورة الكريمة.
مقاصد سورة الإسراء
جاءت سورة الإسراء على ذكر معجزةٍ؛ وهي معجزة الإسراء والمعراج ، كما تضمّنت الكثير من المقاصد العظيمة التي ركز معظمها على العقيدة، وضبط سلوك الفرد والجماعات، وتحدّثت عن موقف سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- من قومه في مكّة المكرّمة، ولعل من أبرز مقاصد سورة الإسراء ما يلي:
- تحدّثت آيات سورة الإسراء عن توحيد الألوهيّة وعبادة الله سبحانه وتعالى، وتسبيحه وتنزيه جلّ وعلا.
- بر الوالدين والإحسان إليهما وطاعتهما وعدم التذمر من هما، فقد قال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا)، فوضحت الآية الكريمة كيفيّة تحقيق هذا المقصد.
- بيّنت لنا سورة الإسراء أثر الهداية على النفس وما يترتّب عليها من ثوابٍ، وكذلك بينت لنا إثم الضلال وما يُخلّفه من آثارٍ على صاحبه وأنّ كلّ إنسانٍ مسؤولٌ ومحاسبٌ على أعماله وحده؛ فقد قال الله تعالى: (مَنِ اهتَدى فَإِنَّما يَهتَدي لِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسولًا).
- أكّدت السورة على إعجاز القرآن الكريم ، وأنّه من الاستحالة أن تأتي مخلوقات الله -سبحانه وتعالى- بمثله؛ فالقرآن الكريم هو معجزة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الدالّة على صدقه وصدق دعوة الإسلام، قال تعالى: (قُل لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلى أَن يَأتوا بِمِثلِ هـذَا القُرآنِ لا يَأتونَ بِمِثلِهِ وَلَو كانَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ظَهيرًا).
- بينت الآيات سبب نزول القرآن الكريم مفرِّقًا لا دفعةً واحدةً؛ ليكون في وسع الناس استيعاب الأحكام التي جاء بها القرآن الكريم، ويتمكّنوا من تطبيق أوامره واجتناب نواهيه، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلًا).
- بيّنت سورة الإسراء سنَّةً من سنن الله -سبحانه تعالى- في كونه؛ أنّه لا يعذّب قومًا أو يعاقبهم حتى يبعث فيهم رسول، قال الله سبحانه وتعالى: (وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسولًا).
- بيّنت سورة الإسراء سنَّةً أخر من سنن الكون، والمتمثّلة في أنّ الإنسان عندما يصيبه الضرّ يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحرِ ضَلَّ مَن تَدعونَ إِلّا إِيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُم إِلَى البَرِّ أَعرَضتُم وَكانَ الإِنسانُ كَفورًا).
- بيّنت سورة الإسراء عظمة قدر القرآن الكريم وذلك بتكرار كلمة القرآن في السورة إحدى عشرة مرَّةً.
- اهتمّت سورة الإسراء ببيان مكارم الأخلاق فحثّت على برّ الوالدين، وعلى صلة الرحم، والعطف، والإحسان إلى الفقير والمسكين وغيرهم، وحذّرت ونهت عن الربا، والقتل، وأكل أموال الناس بالباطل، والتعدّي على أموال اليتيم، ونهت عن الغرور، والتكبّر.
- بيّنت السورة أقوال المشركين وادعاءاتهم الكاذبة عن الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: (أَفَأَصفاكُم رَبُّكُم بِالبَنينَ وَاتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِناثًا إِنَّكُم لَتَقولونَ قَولًا عَظيمًا).
- حذر الله -عز وجل- في سورة الإسراء من الانقياد خلف وسواس الشيطان، وبينت الآيات أنّ الشيطان هو العدو الأول للإنسان.
- بيّنت سورة الإسراء الحكمة من عدم إنزال المعجزات التي طلبها المشركون، قال الله تعالى: (وَقالوا لَن نُؤمِنَ لَكَ حَتّى تَفجُرَ لَنا مِنَ الأَرضِ يَنبوعًا).
- تحدثت سورة الإسراء عن يوم البعث والحشر .
فضل سورة الإسراء
لسورة الإسراء فضلٌ عظيمٌ، وفيما يلي ذكرٌ لبعضها:
- ترسيخ السورة لأصول ومبادئ العقيدة ، وتنقيتها ممّا يشوبها من الادعاءات والافتراءات.
- من فضلها ما ورد عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه كان يقرؤها كلّ ليلةٍ.
- سورة الإسراء من السور العتاق؛ لكونها من أوائل السور التي نزلت، فكانت من أوّل ما حفظه الصحابة.