مقاصد سورة الأنعام
وممّا تجدر الإشارة إليه بخصوص سورة الأنعام ما يأتي:
- سميت سورة الأنعام بهذا الاسم لحديثها عن الأنعام، حيث تكرر لفظ الأنعام فيها ست مرات، وذلك من قول الله -تعالى-: (وَجَعَلوا لِلَّـهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الحَرثِ وَالأَنعامِ نَصيبًا) ، إلى قوله -تعالى-: (إِذ وَصّاكُمُ اللَّـهُ بِهـذا) .
- تعدّ سورة الأنعام إحدى سور السبع الطوال في القرآن الكريم، وهي السورة الوحيدة من بين سور السبع الطوال التي نزلت جملة واحدة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وممّا دلّ على ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (نزلتْ سورَةُ الأنعامِ بمَكَّةَ ليلًا جملةً ، حولَها سبعونَ ألفَ ملَكٍ يجأرونَ حولَها بالتَّسبيحِ).
- يعود سبب نزول سورة الأنعام جملة واحدة؛ لاشتمالها على أصول الاعتقاد، و أدلة التوحيد ، والعدل، والنبوة، والميعاد، وإبطال العقائد الفاسدة.
مقاصد سورة الأنعام
من مقاصد سورة الأنعام ما يأتي:
إثبات وجود الله -تعالى ووحدانيته
حيث بيّن الله -تعالى- في هذه السورة أنّه وحده من يستحق الحمد، فهو وحده من خلق الخلق وحدّد لهم نظام الحياة والموت، وأبدع العوالم، وأبطل تأثير الأصنام والجن، وكان -تعالى- قد أشار إلى تنزيهه عن اتخاذ الولد والصاحبة.
الدعوة إلى الاتعاظ بالقرون السابقة
دعا الله -تعالى- في هذه السورة الكافرين المكذبين بآياته -سبحانه- بالعودة إلى دينه الحق والإيمان به، وهدّدهم بما حلّ بالقرون السابقة التي كذبت رسلها وكفرت بنعم الله -تعالى-، وأنّ عذابهم سيلقونه حين تُنزع أرواحهم، ثمّ العذاب الأكبر والأشد عند البعث.
التسلية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حيث دعا الله -تعالى- في هذه السورة الكريمة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى التحلي بالصبر وتحمل مسؤولية الدعوة والرسالة، وحثّه على الاقتداء والتأسي بمن سبقه من الأنبياء والرسل الذين تعرضوا للتكذيب والأذى من قِبل أقوامهم.
الحكمة من إرسال الرسل
بيّن الله -تعالى- في هذه السورة الكريمة الحكمة التي من أجلها بعث الأنبياء والرسل ، وهي التبشير والإنذار، أمّا التبشير فيكون لمن يؤمن بالله -تعالى- ويتبع رسوله، والإنذار يكون للمعرض الكافر الذي أعرض وصدّ عن دين الله -تعالى-، وقد نبّه الله -تعالى- إلى أنّ وظيفة الرسل ليست في إخبار الناس وإعلامهم بالأمور الغيبية.
حقيقة التقوى
بيّن الله -تعالى- في هذه السورة الكريمة أنّ التقوى لا تقتصر على حرمان النفس وإبعادها عن الطيبات، بل حرمان النفس وإبعادها عن الشهوات والمعاصي التي من شأنها أن تحول بين العبد وربه، كما وقد أشار الله -تعالى- إلى أنّ التقوى والانتساب إلى دين الله -تعالى- هو لَبِنة التفاضل بين الناس.
الحديث عن حال المشركين في الآخرة
تحدث الله -تعالى- في هذه السورة الكريمة عن حال المشركين ومآلهم في الآخرة، حيث قال الله -تعالى-: (وَلَو تَرى إِذ وُقِفوا عَلى رَبِّهِم قالَ أَلَيسَ هـذا بِالحَقِّ قالوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذوقُوا العَذابَ بِما كُنتُم تَكفُرونَ* قَد خَسِرَ الَّذينَ كَذَّبوا بِلِقاءِ اللَّـهِ حَتّى إِذا جاءَتهُمُ السّاعَةُ بَغتَةً قالوا يا حَسرَتَنا عَلى ما فَرَّطنا فيها وَهُم يَحمِلونَ أَوزارَهُم عَلى ظُهورِهِم أَلا ساءَ ما يَزِرونَ) .
ثمّ بعد ذلك أشار الله -تعالى- إلى حقيقة الدنيا وفنائها وأنّ الآخرة هي دار الخير والبقاء حيث قال الله -تعالى-: (وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَلَلدّارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلَّذينَ يَتَّقونَ أَفَلا تَعقِلونَ) .
فضل سورة الأنعام
لم يثبت حديث صحيح يُشير إلى فضل خاص بسورة الأنعام سوى حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- المُشار إليه مسبقاً والذي قال فيه: (نزلتْ سورَةُ الأنعامِ بمَكَّةَ ليلًا جملةً ، حولَها سبعونَ ألفَ ملَكٍ يجأرونَ حولَها بالتَّسبيحِ).
لذا فليس لسورة الأنعام فضيلة خاصة كما يتناقله عامة الناس في كونها سبب في قضاء الحاجات، وتيسير الزواج أو الولادة، كما ولم يثبت مشروعية قراءتها عند المحتضر، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ القرآن كله يمكن الدعاء منه وليس ذلك مقتصراً على بعض السور دون غيرها، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ قرأَ القرآنَ فلْيسألِ اللهَ بهِ ، فإنَّهُ سَيجِيءُ أقوامٌ يَقرؤُونَ القرآنَ ، يَسألُونَ بهِ الناسَ).