مقاصد الصلاة
الصلاة
- لا شكّ أنّ الاسلام قد أولى الصلاة مكانة عظيمة، حيث جعلها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ)، وجعلها عماد الدين الذي لا يقوم بدونه لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)، كما جعلها أول عمل يُحاسب عليه العبد يوم القيامة لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ ، فإِنْ صلَحَتْ صلَح له سائرُ عملِهِ ، وإِنْ فسَدَتْ ، فَسَدَ سائرُ عملِهِ).
- وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الاسلام أيضاً قد خصّ الصلاة بعدة أمور ومنها ما يأتي:
- سمّاها الله -تعالى- بالإيمان حيث قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) .
- خصّها الله -تعالى- بالذكر دون الشرائع الأخرى، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (وَأَوحَينا إِلَيهِم فِعلَ الخَيراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ) .
- قرنها الله -تعالى- بالعديد من العبادات كقوله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) .
- وحري بالمسلم العلم أنّ الله -تعالى- قد جعل للعبادات حِكماً ومقاصداً وغاياتٍ، وأنّ عليه طاعة الله -تعالى- سواء علم مراده من العبادة أم لم يعلم، وفيما يأتي بيان لأهمّ مقاصد الصلاة.
مقاصد الصلاة
من مقاصد الصلاة ما يأتي:
ذكر الله -تعالى-
فرض الله -تعالى- الصلاة بغية ذكره والتقرّب إليه وتجديد العهد معه، حيث قال الله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري) ، فقد أشار العلامة ابن عاشور -رحمه الله- في تفسير هذه الآية إلى أنّ الحكمة من مشروعية الصلاة هي ذكر الله -تعالى- حيث قال -رحمه الله-: "واللام في لذكري للتعليل، أي أقم الصلاة لأجل أن تذكرني، لأنّ الصلاة تُذكر العبد بخالقه، إذ يستشعر أنّه واقف بين يدي الله لمناجاته، ففي هذا الكلام إيماء إلى حكمة مشروعية الصلاة".
تعظيم الله -تعالى-
اشتملت الصلاة على الدعاء، والتسبيح، والتحميد، والركوع، والسجود، وهذا يعدّ بلا شكّ أعظم أنواع التعظيم والتمجيد لله -تعالى-.
الخضوع لله -تعالى- والانقياد له
لا شكّ أنّ اشتراط الطهارة لأداء الصلاة، واشتمالها على الركوع، والسجود، والقيام، والالتزام بها بأوقاتٍ محددةٍ، وبعددٍ معينٍ من الركعات من شأنه أن يعلّم المسلم على الانقياد لله -تعالى- والاستسلام لأوامره سواء عُلمت الحكمة من الأمر أم لا.
تزكية النفس
ويُقصد بالتزكية التطهير والنماء والزيادة، فقد أشار الله -تعالى- إلى أنّ النفس تطهَّر بالطاعات وفعل الخيرات، وتصغَّر وتدنَّس بالذنوب والمعاصي والآثام، حيث قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) ، ولا شكّ أنّ الصلاة أعظم العبادات التي من شأنها تزكية النفس وتطهيرها.
تهذيب الأخلاق
بيّن الله -تعالى- أنّ الصلاة تهذّب الأخلاق وتنهى العبد عن الفحشاء والمنكر والمعاصي، حيث قال الله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) ، فلا شكّ أنّ تأدية العبد للصلاة على حقيقتها كما أمر الله -تعالى- من شأنه أن يترك ذلك أثراً في نفسه يدفعه لمجانبة المعاصي والذنوب والتّحلي بمكارم الأخلاق .
جلاء للهم والغم والحزن
من مقاصد الصلاة أنها تُذهب الحزن والهمّ والغمّ عن العبد حيث قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، ولعلّ سبب ذلك يعود إلى رضا الله -تعالى- عن المصلي، حيث قال العلامة ابن عاشور -رحمه الله-: " علَى أنّ فِي الصلاة سراً إِلاهياً لعَله ناشئ عن تجلي الرضوان الرباني على المصلي فلذلك نجد للصلاة سراً عظيماً في تجلية الأحزان وكشف غم النفس".
غذاء الروح
خلق الله -تعالى- الإنسان من جسدٍ وروح،ٍ وجعل غذاء الجسد بما يخرج من الأرض لكون أصل الجسد من الأرض، بينما جعل غذاء الروح في ذكره -سبحانه- والاتصال به لكون الروح من أمره -تعالى- حيث قال الله -تعالى-: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ) .
والصلاة بلا شكّ أعظم العبادات التي فيها ذكر الله -تعالى- لقوله -تعالى-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) ، وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أقربَ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ فأكثِروا الدُّعاءَ).