مفهوم النظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية
مفهوم النظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية
تُعد النظرية الواقعية الجديدة (بالإنجليزية: Neorealism) من النظريات الرائدة في علم العلاقات الدولية، وهي محاولة لبناء نهج أكثر علمية لدراسة العلاقات الدولية، وقد حلّت محل الواقعية الكلاسيكية (بالإنجليزية: Classical Realism) في القرن الـ20، يتم في الواقعية الجديدة تجاهل الأسئلة الأخلاقية إلى حد كبير؛ حيث يُشكك الواقعيون بشكل عام في وجود علاقة بين العلاقات السياسية والقيم والأخلاق، ويدّعون عدم وجود مكان للأخلاق في العلاقات الدولية.
جاءت النظرية الواقعية الجديدة كمجاولة لحل وعلاج العيوب في الواقعية الكلاسيكية من خلال نهج أكثر علمية؛ فعلى عكس الواقعية الكلاسيكية المتجذرة في الصراع على السلطة وربطه بالطبيعة البشرية؛ تتجنب الواقعية الجديدة أي مناقشة فلسفية للطبيعة البشرية، وتبني بدلًا من ذلك نظرية للسياسة الدولية مماثلة للاقتصاد الجزئي؛ تنص على أنّ الدول في النظام الدولي تُشبه الشركات في الاقتصاد المحلي، ولها نفس المصلحة الأساسية؛ البقاء على قيد الحياة.
ترفض الواقعية الجديدة تصور انعكاس الطبيعة البشرية على سلوك الدولة الخارجي؛ حيث ترى أنّه من الصعب اتباع معايير علمية لتحديد الطبيعة البشرية، وأنّ دراسة الجوانب الشخصية لصُنّاع القرار لا يعني بالضرورة فهم العلاقات الدولية بشكل صحيح؛ فمثلًا يُمكن أن يكون صانع القرار كريمًا بطبعه، ولكنّه قد يُضطر إلى التصرف بأنانية في سياق السياسة الدولية، ولذلك يجب التركيز على طبيعة بنية النظام بدلًا من ذلك.
تُركّز الواقعية الجديدة على طبيعة بنية النظام الدولي، والذي يتكون، من تصوّر والتز كينيث؛ مُؤسس النظرية، من عدة قوى عظمى تسعى للبقاء، وترى النظرية بأنّ بنية النظام فوضوية؛ حيث لا يُوجد سلطة أعلى من الدول لتُقوّم سلوكها وتحميها من بعضها البعض، ولذلك تسعى كل دولة للحفاظ على بقائها ذاتيًا، والحفاظ على أمنها الدولي؛ من خلال السعي المتواصل لزيادة ومضاعفة قوتها.
هدف النظرية الواقعية الجديدة
تهدف نظرية الواقعية الجديدة إلى تفسير سبب تصرف الدول بطرق متشابهة على الرغم من اختلاف شكل حكوماتها، ووجود العديد من الأيديولوجيات السياسية المتنوعة فيها، كما تهدف إلى تفسير انخفاض احتمالية تغيّر الصورة العامة للعلاقات الدولية، على الرغم من تزايد الاعتماد المتبادل بينها، ولا يُمكن تطبيق نظرية الواقعية الجديدة على السياسة المحلية، ولا يُمكن أن تُساعد في تطوير سياسات الدول فيما يتعلق بشؤونها الدولية أو الداخلية.
مبادئ النظرية الواقعية الجديدة
يُمكن حصر الملامح العاملة للنظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية بمجموعة من المبادئ الأساسية التي تنطلق منها النظرية، وهي كالآتي:
- الدولة هي الفاعل الأساسي في ساحة السياسة الدولية، ولها الحق في تأمين بقائها، كما أنّها مستقلة وذات سيادة.
- التأكيد على أنّ القوة هي محول السياسة الدولية الأساسي، وأنّها سبب الفوضوية الحاصلة في النظام الدولي.
- افتراض نشوء الصراع الدولي نتيجة رغبة الدول في البقاء، بعيدًا عن الطبية البشرية لصُنّاع القرار.
أنواع النظرية الواقعية الجديدة
هناك نوعان أساسيان من النظرية الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية، وهما كما يأتي:
- النظرية الواقعية الهجومية
ترى الواقعية الهجومية (بالإنجليزية: Offensive Realism) أنّ الدول تسعى لمضاعفة قوتها لتحقيق أقصى مستوى من الأمن فيها، ويتبنى هذه الفكرة ميرشايمر (Mearsheimer).
- النظرية الواقعية الدفاعية
ترى الواقعية الدفاعية (بالإنجليزية: Defensive Realism) أنّ الدول تسعى للحفاظ على الوضع الراهن (بالإنجليزية: The Status Quo) للحفاظ على أمنها الداخلي، بدلًا من مضاعفة قوتها، ويتبنى هذه الفكرة جاك سنايدر (Jack Snyder)، وتشارلز جلاسر (Charles Glaser).