مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان
مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان
تُعرَّف حقوق الإنسان (بالإنجليزيّة: Human Rights) على أنها مجموعةٌ من الحقوق المتأصِّلة في جميع البشر، بغضِّ النظر عن جنسيتهم، ومكان إقامتهم، وجنسهم، وأصلهم العرقي، ولونهم، وديانتهم، ولغتهم، أو أي حالةٍ أخرى، وتشمل حقوق الإنسان حقوقاً عديدة لكلِّ فردٍ على وجه الأرض بشكلٍ متساوٍ دون تمييز أو تحيُّز، ومن هذه الحقوق: الحقُّ في الحياة والحريّة، وحقُّ التحرُّر من العبوديّة والتعذيب، وحقُّ حرية الرأي والتعبير، والحقُّ في العمل والتعليم، وغيرها من الحقوق.
يُمكن تعريف المواطنة (بالإنجليزيّة: Citizenship) على أنّها العلاقة بين الفرد والدولة بحيث تقدِّم الدولة لمواطنيها الحماية ويردّون بدورهم على ذلك بأن يمنحوها الولاء، وتؤطر المواطنة العلاقة بين الفرد والدولة في الحقوق والواجبات؛ بحيث تضمن للمواطنين حرياتهم وحقوقهم وتفرض عليهم الواجبات والمسؤوليات تجاه الدولة، وتحدِّد الدولة هذه المسؤوليات للمواطنين، كما أن لها الحقُّ بتمديد أو سلب بعض الصلاحيات لغير المواطنين أو الأجانب المقيمين فيها.
العلاقة بين المواطنة وحقوق الإنسان
تهتم حقوق الإنسان بالفرد على اعتباره إنساناً بشراً، أما المواطنة فتهتم بالفرد على اعتباره مواطناً يحمل جنسية تلك الدولة وأحد أعضاء المجتمع السياسي فيها، واعترافاً بأهمية حقِّ حصول الفرد على الجنسيّة؛ أيّ المواطنة الفعّالة فقد نصَّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحديداً في المادة رقم 15 على: "أنّ لكلِّ فردٍ حقُّ التمتّع بجنسيةٍ ما، وأنّه لا يمكن حرمان أيّ إنسانٍ تعسفاً من حقِّ الحصول على جنسيّة أو إنكار حقّه في تغييرها".
تبرز أهميّة حقِّ الفرد في الحصول على الجنسيّة باعتبارها الحقَّ الأوليّ للحصول على باقي الحقوق الأساسيّة للفرد في الدولة التي يحمل جنسيتها؛ إذ يُمكن اعتبارها بوابةً للحقوق الأخرى، وتُعتبر الجنسية أقوى علاقةٍ قانونيّة بين الفرد والدولة، وضماناً لحقوق الفرد في الدولة؛ إذ تُقدّم الدولة بحيازتها للفرد الحماية الدبلوماسيّة، وغالباً ما تكون الجنسيّة شرطاً قانونيّاً لممارسة باقي الحقوق الأساسيّة في الدولة، بِمَا في ذلك كامل الحقوق السياسيّة، مثل: الحقِّ في التصويت أو تقلّد المناصب العامة أو غيرها، وبالتالي فإنّ الأفراد الذين حُرِموا تعسّفاً من حقِّهم في الحصول على الجنسيّة هُم من أكثر الأشخاص عرضةً لانتهاكات حقوق الإنسان في العالم.
أوجه الاختلاف بين المواطنة وحقوق الإنسان
تجدر الإشارة عند الحديث عن المواطنة وحقوق الإنسان إلى اختلاف هذان المفهومان عن بعضهما البعض وبأنه لا يجب الخلط بينهما كما أشار الباحثون المختصون؛ ويتشارك كلا المفهومين في المنظور القانوني للفرد إلا أنهما يختلفان بارتكاز حقوق الإنسان على المفاهيم الأخلاقيّة للأفراد أما المواطنة فتقوم على المفاهيم السياسيّة؛ فحقوق الإنسان هي الحقوق الأساسيّة التي يتمتّع بها عموم البشر، في حين تقتصر المواطنة على نطاقٍ أضيق يتمثَّل بحقوق أفراد مجتمعٍ محدَّد، ويبين الآتي أوجه الاختلاف الجوهريّة بين حقوق الإنسان والمواطنة:
- تختصُّ حقوق الإنسان بحقوق جميع الناس بغضِّ النظر عن عضويتهم في أيّ مجتمعٍ سياسي؛ أما المواطنة فتختصُّ بشكلٍ حصري بِمَن هُم أعضاء مجتمعٍ سياسي أو إقليمي محدَّد.
- يُنظر لحقوق الإنسان على أنها حقوقٌ عالميّة، بينما تكون المواطنة أكثر خصوصيّة؛ إذ إنّ الحقوق والامتيازات التي تمنحها تظل محصورةً داخل دولٍ معينة.
- تُعتبر حقوق الإنسان حقوقاً معنويّةً وقانونيّة من حيث المبدأ الذي تقوم عليه رغم أنها تُظهِر جانباً سياسياً في كثيرٍ من الأحيان، في حين أنّ المواطنة تُجسِّد دلالاتٍ سياسيّةٍ بحتة؛ حيث تُعتبر المواطنة وسيلةً سياسيّةً أساسيّة تحكم المصير الديمقراطي.
- تتجاوز حقوق الإنسان النطاق الدولي حينما يكون الهدف منها حماية الأفراد، في حين تُمنح المواطنة بشكلٍ حصري من قِبَل الدول.
- تُعتبر حقوق الإنسان بمثابة حقوقٍ ذات أهميةٍ وقائيّة، أما المواطنة فتُعتبر مجموعة استحقاقاتٍ يُمكن ممارستها بشكلٍ عملي.