مفهوم الغيب لغةً واصطلاحًا
مفهوم الغيب لغة واصطلاحا
علْم الْغيبِ هوَ منَ الأمور الّتي اختَصّ الله -عز وجل- بها نفسه، فلَم يُطْلع أحدًا عليه، وكانَ من ثَمراتِ الإيمانِ بالله -سبحانه وتعالى- الإيمانُ بالأمور الغيبيّة، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، فما مفْهوم الْغيب في اللُّغَةِ والاصْطِلاح؟
مفْهوم الغيب لُغة
الغيب لُغةً: هو كُلّ ما غابَ عنِ الْحواس، وقالَ الأصْفَهاني: هو مصْدر، وغابت الشَّمس وغيرها أي إذا استَترت، أي غابتْ غيْبًا، قال -تعالى-: (عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ الكَبيرُ المُتَعالِ)، أي ما يغيب عنكم وما تشهدونه.
مفْهوم الغيْب اصطلاحًا
قدْ عرّفَه الإمامُ الْقُرطبي -رحمه الله- بأنّه: "كل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم مما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة وعذاب القبر والحشر والنشر والصراط والميزان والجنة والنار"، إلى آخر الأُمور الغيْبيّة.
أقسام علم الغيب
ينقَسِمُ علمُ الْغيبِ كما فصّلَ العلَماءُ إلى قِسميْن:
القِسم الأوّل: الْغيب المُطْلق
وهو الغيبُ الَّذي يخْتَصّ به الله -سبحانه وتعالى- وحده، فلا يُنازِعُه في علْمِه أحد، ومن نازعهُ في ذلكَ أو ادّعى عِلمَه فهو كافر، قال -تعالى-: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ).
الْقِسم الثَّاني: الْغَيْب النِّسبي
هو ما يكون غيبًا بالنّسبة لِأَحد، وشهادة بالنسبَةِ للآخرين؛ فما يحدث مثلاً في بلَد ما بعيدةٍ عنَّا الآن هو غيبٌ بالنسبَة لنا، لأنَّه غائِب عن أعْيُننا، لكنّه عن أهل تلك البلاد ليس بغيب، وإنما هو شهادة.
وقدْ يكونُ من الأمثِلة على ذلك في وقْتِنا الحالي: علمُ الْأَرْصاد الْجويَّة؛ فهو علْمٌ يتنبأُ بالطّقس قبل أيَّام اعتمادًا على دِراسة حركة الرِّياح وطبقات الجو المُخْتَلفة، فلا يُعتبرُ من الاطّلاعِ على الغيْب.
هل يُطلِع الله أحداً على الغيب
قدْ يُطْلِعُ الله -عز وجل- بعْض رُسُلِه على جزئيَّةٍ من الغيْب، فلا يعلَمونَ إلا في حُدودِ ما أطْلعَهم الله عليه، وهو من مُقْتضى نبوتهِم وحتّى يزدادَ النَّاسُ يقينًا بِأنّهم مبعوثون من عند علّامِ الغُيوب، ومن الأمور الّتي أطلَعهُم الله عليها:
- قصّة بِداية الْخلق.
- أخْبار الأُمم السَّابِقة.
- بعْضُ أخبار المُسْتقبل، كأنباء آخر الزَّمان و علامات السَّاعة وأخبار البَعث والْقيامة، وما ذلكَ إلَّا جُزء يسيرٌ من الغيب الّذي لا يملِكُ مفاتِحَهُ إلا الله -سبحانه وتعالى-.
حُكم التّنجيم
التَّنجيم نوعان، وهُما:
- نوْع مُباح
وهو ما يُعْرَف بعِلم الْحساب والفلَك، كمعرِفة وقت الكسوف والخُسوف، والرّصد الْجوّي الذي يعتمِدُ على حركة الرّياح واتّجاهاتِها، فهذا علمٌ بحْت، ومقرونٌ بمَشيئَة الله -تعالى-.
- نوع محَرَّم
وهو ما يدّعي فيه البعضُ علم الغيب، عن طريقِ النظَر في النّجوم والاعتِقاد بأنّ لها تأثيرًا مباشرًا، فيما يحصُل للإنسان من خير أو شر، وهذا النوعُ مُحرمٌ باتّفاق العُلماء، ودليل تحريمهِ ما رواه ابن عبّاس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَنِ اقتبَسَ شُعبةً مِنَ النُّجُومِ اقتَبَسَ شُعبَةً مِنَ السِّحْرِ).