مفهوم الغلاف المائي
مفهوم الغلاف المائي
يُعرّف الغلاف المائي (بالإنجليزية: Hydrosphere) بأنّه كمية الماء الكليّة على كوكب الأرض بحالاته الثلاثة المختلفة؛ الماء السائل، وبخار الماء، والجليد، حيث يكون الماء موجوداً على سطح الأرض وتحت الأرض وفي الغلاف الجويّ أيضاً.
ويُعدّ كوكب الأرض الكوكب الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يحتوي على الماء بحالته السائلة، إذ يُغطّي الماء ثلثيّ المساحة الكليّة لسطح الأرض.
ويشتمل هذا الغلاف على الماء بحالاته الثلاث المختلفة سائلاً وبخاراً وجليداً، ويكون موجوداً على سطح الأرض وتحت الأرض وفي الغلاف الجويّ أيضاً.
مكونات الغلاف المائي
يشكّل الغلاف المائي مجموع كمية المياه الموجودة على سطح الأرض، سواء أكان مصدر هذه المياه المحيطات، أو الأنهار، أو البحيرات، أو طبقات المياه الجوفية الموجودة في الغلاف الجوي، ويقدر العلماء القيمة الإجمالية للغلاف المائي بحوالي 1.3 مليار كم3. وفيما يأتي تفصيل لتلك المكونات:
البحار والمحيطات
تشكل مصارف الأنهار المصدر الرئيسي لمياه البحار والمحيطات، وتحتوي مياه البحار على 3.5% من الأملاح الذائبة، كما وتمتاز مياه البحار والمحيطات بكثافة عالية، وتشكل أملاح الصوديوم والكلور النصيب الأكبر من أملاح البحار.
بينما تأتي أملاح المغنيسيوم والكبريت في المركز الثاني، ثم الكالسيوم والبوتاسيوم والكربونات والبيكربونات، وبالتالي تشكل هذه العناصر بالإضافة إلى الهيدروجين والأكسجين حوالي 99% من مياه البحار والمحيطات.
البحيرات
تُشكل مياه البحيرات نسبة ضئيلة جدًا من كمية المياه في الغلاف المائي، ورغمًا عن ذلك فإنها تلعب دورًا رئيسيًا في تسيير عجلة الحياة اليومية بشكلٍ فعالٍ لكونها أحد مصادر تخزين المياه العذبة.
وتُستخدم مياه هذه البحيرات في أغراضٍ متعددةٍ، مثل: الصناعة، والزراعة، والأغراض المنزلية المتعددة من شربٍ وطهيٍ وتنظيفٍ، وتتأثر مياه البحيرات بالعوامل الكيميائية بشكل كبير تبعًا للأغراض التي تستخدم فيها.
المياه الجوفية
تتشكل المياه الجوفية في باطن الأرض بفعل عوامل بيولوجية وكيميائية مثل: الذوبان، والتحلل المائي، والترسيب، والأكسدة والاختزال، وتبادل الغازات بين الغلاف الجوي والمياه الجوفية، وتمتاز المياه الجوفية مقارنة بمياه الأنهار بأنها غنية بأيونات الأملاح والمعادن، مثل: الصوديوم، والمغنسيوم، والكبريت، والكالسيوم، والكلور.
المياه المتجمدة والأنهار الجليدية
تُغطي المياه المتجمدة والأنهار الجليدية رُقعةً شاسعةً من المساحة على سطح الأرض، فهي تُشكل حوالي 2.1% من كمية المياه الموجودة على سطح الأرض، وهي ثاني أكبر نسبة بعد مياه البحار والمحيطات.
ويزداد الجليد البحري والجبال الجليدية والأنهار الجليدية كلما اقتربنا شمالًا أو جنوبًا نحو الأماكن القطبية أو صعدنا لأعلى نحو قمم الجبال المرتفعة.
مياه الغلاف الجوي
تتصاعد الأبخرة المائية على مدار اليوم من الأنهار والمحيطات والبحار نتيجة للتأثير الحراري للشمس، و ترتفع إلى الغلاف الجوي وتتكاثف معًا لتكون السحب التي سرعان ما تتشابك معًا لتغطي الأفق، فإذا ما ثقلت بالماء وحركتها الرياح، أدت إلى سقوط المطر، لتبدأ دورة جديدة من دورات الماء على سطح الأرض.
ديناميكية الغلاف المائي
يتحرّك الغلاف المائيّ حركةً ديناميكيةً مُستمرّةً يُمكن ملاحظتها من خلال تدفّق مياه الأنهار والجداول، بينما تكون أقلّ وضوحاً في البحيرات والبرك، أمّا مياه البحار والمحيطات فتتدفّق مُحدثةً تيّارات مائية ضخمة على جوانب القارّات يصعب ملاحظتها مباشرةً لأنّها تكون على نطاقات واسعة ومُمتدّة سواء على مستوى على سطح المحيطات والبحار أو في أعماقها.
ينتقل الماء لمسافات طويلة جداً مثل انتقاله بين المناطق الاستوائية والأقطاب، ويكون هذا الانتقال إمّا على شكل تيّارات دافئة تبدأ من المناطق الاستوائية وتنتقل إلى القطبين الشماليّ والجنوبيّ، أو على شكل تيّارات باردة من المناطق القطبية باتجاه المناطق الاستوائية، إذ تُساهم هذه التحرّكات المائية بين جميع المسطّحات المائية على سطح الأرض بحدوث تغيّرات واضحة على المناخ.
أهمية الغلاف المائي
تكمن الأهمية الرئيسية للغلاف المائي في المحافظة على أشكال الحياة المختلفة، إذ يلعب دورًا هامًا في النظم البيئية وتنظيف الغلاف الجوي، واستمرار دورة المياه على سطح الكوكب، وفيما يأتي تفصيل لأهمية الغلاف المائي:
- تكوين الخلية
تحتوي الخلية في تركيبها على نحو 75% من المياه ، إذ تحتاج إلى ما يحتويه الماء من أملاحٍ ومعادنٍ لتتمكن من أداء وظائفها على نحوٍ تامٍ.
- استخدامات البشر
يستخدم البشر الماء في أغراض متعددة، مثل؛ الشرب، والنظافة، والغسيل، والصناعة، والزراعة، كما يستخدم في توليد الكهرباء أيضًا.
- توفير موطن ملائم للعديد من الكائنات الحية
يعد الغلاف المائي بيئة مثالية لعيش بعض النباتات والحيوانات فيه؛ كالأسماك، والحيتان، والطحالب، والشعب المرجانية، وتذاب العديد من الغازات في المياه مثل؛ ثاني أكسيد الكربون، والأكسجين، والمواد المغذية مثل الأمونيوم والنتريت، بالإضافة لأيونات أخرى، ويعد وجود هذه المواد ضرورة أساسية لوجود الحياة في الماء.
- تنظيم المناخ
يحافظ الغلاف المائي على تنظيم درجات الحراة على سطح الأرض.
العوامل البشرية المؤثرة على الغلاف المائي
تُسبّب الأنشطة البشرية في المجتمعات الحديثة اضطراباً في استقرار الغلاف المائي من خلال تلويثه بالمواد الكيميائية السامّة، والمواد الإشعاعية، والنفايات الصناعية، بالإضافة إلى تسرّب المواد المعدنية والمبيدات الكيميائية إلى مجاري المياه السطحية والجوفية، والتخلّص الخاطئ من مياه الصرف الصحي، والتصريف المتعمّد أو غير المتعمّد للنفط في جوف الأرض، إلى جانب الملوّثات الحرارية التي تُلحق الضرر بنوعية الماء الموجود في الغلاف المائيّ.
تتدخّل بعض الأنشطة البشريّة كإقامة السدود وغيرها في تدفّقات المياه الطبيعية عن طريق تحويل مجاري الأنهار والجداول أو حتّى إغلاقها، ممّا يُلحق الضرر بالأنظمة البيئية المحيطة بها والتي تعتمد عليها كمصدر للمياه، وقد يؤدّي ذلك إلى جفاف بعض المناطق المائية وزيادة الرواسب الموجودة في بعض الأنهار والجداول، فكلّ هذه التدخّلات البشرية تستنزف موارد المياه العذبة على سطح الأرض، وتجدُر الإشارة إلى أنّ نسبة المياه العذبة قليلة جداً في الأصل ممّا يؤدّي إلى تفاقم المشكلة.
العوامل الطبيعية المؤثرة على الغلاف المائي
يتأثّر الغلاف المائيّ بالعديد من العوامل والتغيّرات الطبيعية؛ فعلى سبيل المثال قد يتغيّر نوع الهطول من هطولٍ ثلجيّ إلى هطولٍ مطريّ، وهو ما قد يؤدّي إلى انخفاض نسبة الثلج المتراكم على الجبال ويؤثّر على أوقات الجريان السطحيّ وكميّاته الموسمية، ممّا يخلق تغيّرات في أنماط جريان الأنهار المعتمدة في تغذيتها على الثلوج، وهذه التغيّرات تؤثّر على أنماط حياة الناس الذين يعيشون في تلك المناطق ويعتمدون على الأنهار الجليدية لتدبير أمورهم المنزلية، والزراعية، والصناعية، وغيرها.
وعلى صعيدٍ آخر يتأثر الغلاف المائي بارتفاع درجات الحرارة على الأرض، مما يتسبب بارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات وذوبان الجليد وبالتالي ارتفاع منسوب المياه عن الحد الطبيعيّ وانخفاض المساحات المُغطّاة بالثلوج، مما يؤدي إلى غمر العديد من المناطق الساحلية والجزُر بالمسطحات المائية، وهو ما يُشكّل كارثة حقيقة لسكان تلك المناطق.
طرق المحافظة على الغلاف المائي
يُعدّ الماء العنصر الأساسي في حياة جميع الكائنات الحيّة؛ لذلك لا بدّ من المحافظة على الغلاف المائيّ ومكوّناته من خلال اتباع ما يأتي:
- زراعة النباتات المحليّة؛ فهي أكثر تكيّفاً مع مُناخ المنطقة وقد لا تحتاج لكثير من الماء والأسمدة.
- التخلُّص من المواد الكيميائية السامة، مثل: علب الدهان، وعلب الدواء، والبلاستيكيات، وغيرها بطرقٍ سليمة دون تعريض المسطّحات المائية لخطر التلوّث بها.
- عدم حراثة الأرض في الحديقة المنزلية لأنّ ذلك قد يؤديّ لمنع تّرّب المياه للتربة وبالتالي انخفاض منسوب المياه الجوفية في المنطقة.
- عدم رمي المخلّفات والقمامة في البِرك أو الآبار المائية أو أيّ مُسطّح مائي.
- استخدام أدوات خاصة لترشيد استهلاك الماء .
- التأكّد من عدم وجود تسريب للماء في المراحيض أو صنابير المياه في المنزل.
- استخدام عصير الليمون والخل في تنظيف المنزل بدلاً من الإسراف باستخدام المياه، حيث إنّ هذه البدائل ليس لها آثار سلبية على البيئة والمسطحات المائية.
- عدم الإسراف في استخدام الماء لغايات التنظيف؛ كغسل السيارات، أو الملابس، أو غسل الخضروات الفواكه.
- البحث عن حلول لمشكلة تسرّب النفط في المحيطات والبحار والتي تُعد من أكثر المشاكل المؤثّرة على الغلاف المائي؛ حيث يؤدّي تسرّب كميات من النفط في الماء إلى تشكّل طبقة رقيقة على السطح تؤثّر على عملية التبخّر.
- نشر الوعي بمدى أهميّة المسطحات المائية، وما تتعرّض لها من مخاطر بيئية، واقتراح طرق فعّالة يُمكن اتّباعها لإدارة استخدام المياه وترشيد الاستهلاك.