مفهوم الحداثة في علم الاجتماع
مفهوم الحداثة في علم الاجتماع
هي فترة زمنية من الحياة تتميّز بنشوء التفكير العلمي، والفرديّة، وزيادة التركيز ، والاهتمام بالتصنيع، والتطوير التقني، وعدم قبول العديد من القيم التقليدية الشائعة، كما ارتبطت بالموضوعيّة الفردية، وتقليل التركيز على القيم الدينية على اختلافاتها، وبروز البيروقراطية والدول القوميّة، والتسارع، وتواصل التبادل الاقتصادي، أي تُعبر الحداثة عن الانتقال من المجتمع البدائي إلى المجتمع الحديث.
الحداثة في الفكر الغربي
تعد من الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي بدأت بالظهور تدريجيًا بعد العصور الوسطى، يكمن الهدف منها في التقدم عن طريق العقل والعلم، والتكنولوجيا ، فالتراجع والاضمحلال الذي حدث سابقًا في أوروبا بعد ضعف الكنيسة ومؤسسات الدولة في العصور الوسطى كان من أهم الأسباب التي دعت إلى وجود نظام حديث.
لا تظهر الحداثة في تقدم التكنولوجيا أو فنون الدول أو الأنواع المختلفة للاتجاهات الحديثة وغيرها، بل تمثل النقلة النوعية في التفكير الإنساني، والعلاقات البشرية والتي نتج عنها ظهور العلوم الحديثة، ومذاهب الاقتصاد والتكنولوجيا، والقومية ، والصناعة في المجتمعات الغربية؛ مثل الرأسمالية.
الحداثة في الفكر العربي
تتمثل الحداثة في كل من الاقتصاد، والسياسة، والدين، والعلوم، والفنون، والأدب، وهي من أبرز معالم الحضارة، إذ تتعارض مع التقليد، ويشمل مفهومها التطور التاريخي الكامل، وتتمثل بالثورة على التراث والتقليد، وتكمن مهمة التقليد في الحفاظ على الماضي والعادات والتراث، على عكس الحداثة التي تهتم بالتقدم وكل ما هو جديد دون النظر إلى الماضي بهدف التغيير الذي يعتمد على القيم الجديدة وخوض المغامرة، والاتجاه إلى المستقبل، ولا يعني ذلك الهروب من الحاضر، بل تأكيدًا على الحاضر.
سمات المجتمعات الحديثة
وفقاً لما ذكرناه سابقاً فإنّ مُصطلح الحداثة في علم الاجتماع يُطلق على المجتمعات الحديثة الّتي بدأت في أوروبا ، ومن السمات الرّئيسية الشائعة والّتي تغلب على المجتمعات الحديثة ما يأتي:
الطبقية المُجتمعية والرأسماليّة
إذ تسود المجتمعات الحديثة في أوروبا الطبقيّة المُجتمعية الّتي تحدّدها المكانة الاجتماعية للشخص وحالته المادية، وينقسم الشعب في هذه المُجتمعات إلى قسمين؛ القسم الأول من يمتلك عمل خاص به، والقسم الثاني هو العمالة الّتي تُقدّم خدماتها للقسم الأول مُقابل المال، وبناءً عليه يتحكم بالإنتاج الاقتصادي الصناعة والرأسماليّة.
تحضُّر المُدن
فقد أصبحت المُدن خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين مركزاً لأهالي الريف الّذين انتقلوا إليها بحثاً عن العمل، ولإيجاد مكان للسكن.
بروز الدولة البيروقراطية
فقد حازت الحكومة المحليّة والمركزيّة مكاناً رائداً في حياة الشعوب، إذ ساهمت في تطوير التعليم وإلزاميّته، ونشر الإسكان العام، والعمل على إنشاء دولة رفاهيّة.
الفكر العلمي هو الأساس
إذ إنّه من المعروف أنّ المُعتقدات الدينية والخرافات والأساطير هي الأساس في مُعتقدات الناس ومفاهيمهم وأفكارهم، ولكن بعد نشوء عصر الحداثة بدأ العلم يتخذ مكانه الصحيح كأساس لمعرفة الناس وتفكيرهم.
الإيمان بالتقدم القائم على العلم
بحيث آمنت المجتمعات الحديثة بأنّه كُلّما زادت الثقة بالعلم والاعتماد عليه، كُلّما تطوّرت الحياة وكانت المُجتمعات أفضل.
ما بعد الحداثة
يُشير هذا المُصطلح إلى أنّ الحياة والتقاليد والأفكار ونمط العمل وطرق العيش وغيرها من المفاهيم والأشياء قد اختلفت اختلافا كُليّاً عن المُجتمعات الحديثة، وبالتالي طرق تفكير جديدة وفكر جديد أعمق، كما يُشير عُلماء ما بعد الحداثة إلى أنّ هذا النمط الجديد من الفكر يُشير إلى التفكير في المعرفة الموجودة مُسبقاً من أجل فهمها بطريقة مُختلفة عن الموجودة مُسبقاً والّتي أنشأها عُلماء الحداثة؛ كالوظيفيين، والماركسيين، وبناءً على ما سبق فإنّه ليس كُل فكر موجود في فترة ما بعد الحداثة يعني أنّه وُجِدَ في وقتها، بل قد يتبع لعصر الحداثة.
خصائص مجتمعات ما بعد الحداثة
من الجدير بالذكر أنّ مُجتمعات ما بعد الحداثة لها سمات أيضاً، ونذكر منها ما يأتي:
- العولمة: ويُشير مُصطلح العولمة إلى أنّ التواصل والترابط بين الناس في مُختلف أنحاء العالم يكون بسهولة ويُسر، بالإضافة إلى سلاسة تداول المعلومات، والأفكار، والأشخاص، والأموال عبر الحدود.
- زيادة أهمية وسائل الإعلام: فقد ظهر في عصر ما بعد الحداثة كم هائل من وسائل الإعلام والاتصال؛ كالإنترنت، وبالتالي تضخُّم عدد المُستخدمين لها، وانتشار تنوُّع المحتوى الإعلامي والواقعي والخيالي، مما زاد التفاعل والمرونة، وقد أدّى انتشار وسائل الإعلام بالاعتماد عليها كوسيلة لنقل الأخبار حول ما يدور في العالم.
- مجتمعات استهلاكية: أي زادت في استهلاكها لجميع الموارد المتاحة.
- الاختلافات الثقافية والهجينة: إذ أدت الحداثة إلى دخول ثقافات جديدة وحديثة ومتنوعة.