مفهوم الاجتهاد
الفقه الإسلاميّ
يتربّع الفقه الإسلاميّ على رأس العُلوم الشرعيّة التي ينبغي على المُسلم أن يتعلّمها ففي تعلّم الفقه سلامةٌ لدين المرء من الوقوع في الخطأ والمحظور وتبيانٌ للُمسلم أُمورَ دينه وكيفيّة عباداته ومُعاملاته مع الناس، والفقه الإسلاميّ يستند إلى فهم مصادر التشريع وهيَ القُرآن الكريم والسُنّة النبويّة، وما ينبثق عنهما من إجماع أهل العِلم وقياسِهم على ما جاء في مصادر الدين الأصيلة.
الاجتهاد
لتعريف الاجتهاد يجب أن نقف على المعنى اللغوي لكلمة الاجتهاد المُشتقّة من جهد بفتح الجيم وضمّها إذ يُقصد بها بذل المجهود واستنفاذ الوسع في طلب أمرٍ ما والسعي لتحقيقه أو فهمه أيّاً كانَ هذا الأمر وهذا العمل، وهذا المعنى اللغوي للاجتهاد هوَ معنى واسع يتسّع لعُموم الأمور والأعمال، فالطالب الذي يدرس لنيل شهادةٍ ما أو درجةً علميّة فإنّهُ يقوم بالاجتهاد وبذل ما في الوِسع والطاقة لتحصيل ما يسعى إليه فهوَ بهذا الأمر مُجتهد، أمّا ما يخصّ الاجتهاد في هذا الموضوع فهو ما يُبيّنهُ الاصطلاح الشرعيّ وهو ما يتعلّق بعُلوم الفقه.
الاجتهاد في الاصطلاح الذي عرّفهُ به الأصوليون هوَ استنفاذ الوسع من قِبل الفقيه لتحصيل ظنٍّ في حُكم شرعيّ وهذا المعنى هو من المعاني الجامعة للاجتهاد والذي يعني أنَّ الاجتهاد هوَ من واجبات الفقيه وليسَ لغير الفقيه وهذا ما سنبيّنه في شروط الاجتهاد والمُجتهد، وأيضاً لا يكون هذا السعي واستنفاذ الوسع إلا في الأمور الشرعيّة، حيث يكون الهدف من الاجتهاد الوصول إلى الحُكم الشرعيّ، كما أنَّ الاجتهاد هوَ في الأمور الظنيّة أي التي ليسَ فيها نُصوص قطعيّة أو أحكامٌ قطعيّة كصريح لفظ القُرآن والسُنّة وإجماعُ الأُمّة، إذ لا مكانَ للاجتهاد مع وجود النصّ القطعيّ، وهذا هوَ التفسير الاصطلاحيّ للاجتهاد في تحصيل الأمور الظنيّة.
شُروط المُجتهد
للاجتهاد والمُجتهدين شُروطٌ ضابطة تتقيّد بها عملية الاجتهاد وهيَ تتعلّق أيضاً بشروط الفقيه الذي يُخوّل بالاجتهاد ونذكر بعضاً من هذهِ الشُروط:
- أن يكونَ المُجتهد مُسلماً.
- أن يكونَ المُجتهد بالغاً عاقلاً مُميّزاً.
- أن يكون المُجتهد عالماً بالقُرآن الكريم وحديث رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم.
- أن يكون المُجتهد على عِلمٍ باللغة العربيّة وفنونها وبلاغتها.
- أن يكونَ المُجتهد ذا عِلمٍ بتفسير كلامِ الله تعالى وشرح حديثِ رسولهِ صلّى الله عليهِ وسلّم.
- أن يكون المُجتهد على عِلم بما اتفق عليهِ العُلماء من إجماع وما صدرَ من أحكام شرعيّة كيلا يسعى في بذل الجهد في فهم ظنِّ قد قطعهُ العُلماء بإجماعهم.
- العِلم بالناسخ والمنسوخ فلا يجتهد في استخراج حُكمٍ شرعيّ من خلال نصٍّ منسوخ.