مفهوم الأزمة الاقتصادية
مفهوم الأزمة الاقتصادية
يُمكن تعريف الأزمة الاقتصادية بأنّها حالة من الصعوبة التي تمرّ بها بلد أو مجتمع أو دول، نتيجة حالة غير اعتيادية من التطوّرات غير المُتوقّعة في تشغيل النظام المالي ومكوّناته، ممّا يُؤثّر في الحالة الاقتصادية بشكل سلبي، كما تُعدّ الأزمة الاقتصادية نقطةً مفصليةً تُؤدّي إلى تحوّل الحالة الاقتصادية الجيّدة والمُستقرّة إلى حالة مُضطربة، وتحدث هذه الأزمة نتيجة خلل في التوازن الاقتصادي ما بين الاستهلاك و الإنتاج ، وعلى مستوى الدول فإنّ الأزمة الاقتصادية تكون نتيجة لتداعيات سلبية في الهيكلة الاقتصادية والسياسية للدولة، ويُشار إلى أنّ مفهوم الأزمة الاقتصادية دخل لأدبيّات العلوم الاجتماعية في ستينيات القرن الماضي.
تَنتُج الأزمات الاقتصادية عن حالة عامّة من عدم الاستقرار الاقتصادي الكليّ في دولة ما، ممّا يُؤدّي إلى تسارع في حالة التدهور الاقتصادي يتجلّى في انخفاض الإنتاج، وإفلاس الشركات والأفراد، وارتفاع معدّلات البطالة ، والإضرار بعلاقات الإنتاج القائمة، وانهيار في سوق الأسهم، وأزمة صرافة للعملة، وبالتالي انخفاض مستويات المعيشة للسكّان، وانخفاض الناتج القومي الإجمالي للدولة، وقد تقتصر الأزمة الاقتصادية على قطاع البنوك فقط، وقد تشمل قطاعات اقتصادية أخرى لتطال اقتصاد بلد أو منطقة بأكملها، وفي بعض الحالات تكون أزمةً عالميةً.
تشهد أسعار الأصول خلال الأزمة الاقتصادية انخفاضاً حادّاً في قيمتها، ولا تستطيع الشركات ولا العملاء سداد ديونهم المُترتّبة عليهم، كما أنّ المؤسسّات المالية تُعاني من نقص في السيولة، وتتسبّب الأزمة الاقتصادية بحالة ذعر بين المستثمرين عادةً، فيتسارعون لبيع مُمتلكاتهم أو سحب أموالهم من حسابات التوفير البنكية خوفاً من انخفاض قِيم المُمتلكات.
أنواع الأزمات الاقتصادية
يُمكن تلخيص أنواع الأزمات الاقتصادية كالآتي:
- الأزمة الائتمانية: ترتبط هذه الأزمة بالقطاع المالي بشكل رئيسي، وتُشير إلى نقص في الأموال الائتمانية في البنوك والمؤسسّات المالية الأخرى.
- الأزمة المالية : تُشابه إلى حدّ كبير الأزمة الإئتمانية ولكّنها على نطاق أوسع، وتتضمّن صعوبة في الحصول على التمويل، وترتبط بعدم قدرة البنوك والعملاء على الاقتراض، ممّا يُؤدّي إلى معاناة البنوك من عجز في التمويل.
- الأزمة المالية العامة: تحدث الأزمة المالية العامة نتيجة محاولة الحكومات سداد ديونها، ومحاولة الاقتراض لتغطية العجز في ميزانيتها.
- أزمة العملة: تحدث أزمة العملة عند وجود انخفاض سريع في قيمة العملة، ممّا يجعل المُستثمرين في حالة من الخوف من التملّك في الدولة.
- التضخّم المفرط: تحدث هذه الأزمة عندما يحدث تضخّم مرتفع وانهيار في قيمة العملة، ممّا يجعل المعاملات العادية صعبة.
- الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط: يُؤدّي الارتفاع السريع في أسعار النفط إلى كساد اقتصادي، وبالتالي ارتفاع معدّلات التضخّم ، وانخفاض الإنتاج.
أمثلة على الأزمات الاقتصادية
من أشهر وأبرز الأزمات الاقتصادية التي حدثت في العالم ما يأتي:الأزمة الاقتصادية | أسبابها ونتائجها |
انهيار البورصة عام 1929 م | شهدت هذه الأزمة انهياراً تامّاً في أسعار الأسهم بعد فترة من المضاربة والاقتراض الحادَّين، ممّا أدّى إلى كساد كبير، ويعود سبب الأزمة إلى وجود فائض هائل في العرض وضعف في الطلب وبالتالي انخفاض حادّ في الأسعار، واستمرّ تأثير هذه الأزمة الاقتصادية أكثر من 12 سنة، كما استمرّت آثارها الاجتماعية أطول من ذلك. |
أزمة نفط أوبك عام 1973 م | بدأ أعضاء مُنظّمة أوبك النفطية حظراً نفطياً استهدفوا به بعض الدول لأهداف سياسية، ممّا أدّى إلى ارتفاع سعر برميل النفط إلى 12 دولاراً مُقارنةً بـ 3 دولارات من قبل، وأدّت هذه الأسعار المرتفعة إلى انهيار في سوق الأسهم بين عاميّ 1973-1974 م، كما خسر مُؤشّر داو جونز الصناعي 45% من قيمته تقريباً. |
الأزمة المالية العالمية بين عاميّ 2007-2008م | تُعدّ أحد أشدّ الأزمات الاقتصادية التي مرّت على العالم بعد أزمة الكساد الكبير، حيث أحدثت هذه الأزمة فوضى في جميع الأسواق المالية العالمية، ونشأت هذه الأزمة عن انهيار المشاريع الإسكانية في الولايات المُتّحدة الأمريكية، وأدّت إلى انهيار أحد أكبر البنوك الاستثمارية في العالم، ووصول العديد من الشركات والمؤسسّات إلى حافّة الانهيار والإفلاس، وتطلّبت عمليات تدارك الأزمة تدّخلات حكومية، واحتاجت الأزمة لِما يُقارب من 10 سنوات لعودة الأمور لطبيعتها، وتعويض ملايين الوظائف التي فُقدت ومليارات الدولارات التي ضُيّعت حول العالم. |
الآثار الاجتماعية للأزمات الاقتصادية
تتأثّر المجتمعات بالعديد من الآثار الاجتماعية نتيجة لوقوع الأزمات الاقتصادية، ومن أهمّها: ارتفاع معدّلات البطالة، وفقدان الدخل، ويُشار إلى أنّ الأزمات الاقتصادية تُؤدّي إلى حالة من الانكماش الاقتصادي للدوّل، وبالتالي تعطّل النمو الاقتصادي ، ممّا يُعطّل تقدّمها في تحقيق أهداف التنمية للألفية الجديدة وغيرها من أهداف التنمية المُتّفق عليها دولياً.
تحاول الأُسر خلال المرور بالأزمات الاقتصادية تغيير أنماط الإنفاق كمحاولة للتقليل من آثارها، ورغم ذلك فإنّ أيّ أزمة اقتصادية تترك آثاراً سلبية على جوانب التعليم، والصحّة، والتغذية، خاصّةً لدى الأطفال، ومن جانب آخر فإنّ الأزمات الاقتصادية قد تُشكّل فرصةً لتحقيق التقدّم الاجتماعي من خلال جعل الحماية الاجتماعية حقيقةً فاعلةً، وإعادة النظر في الآثار الاجتماعية للعولمة ، والبحث عن مجالات نمو أكثر شمولية واستدامة.
كيفية الوقاية من الأزمة الاقتصادية
تُوجد إرشادات عامّة يُمكن اتّباعها لتجنّب التأثّر بالأزمات الاقتصادية، ومن هذه الإرشادات ما يأتي:
- سداد جميع ديون بطاقات الائتمان وعدم مُراكمتها.
- توفير ما يُقارب من 3-6 أشهر من نفقات المعيشة، حيث سيُساعد ذلك الفرد في حال فقد وظيفته.
- البحث عن مستشار مالي ذي خبرة، واستشارته في وضع خطّة مالية مُحدّدة تُلبّي حاجات الفرد أو المؤسسّة، وتحديد الأصول، وتنويع مصادر الدخل.
- إعادة موازنة الحِصص مرّة أو مرّتين خلال العام، واقتطاع الأرباح من الاستثمارات الناجحة، وضّخها في استثمارات الأصول الضعيفة.