مفهوم الأخلاق عند سقراط
نظريات الأخلاق القديمة
لا تقوم أي نظرية باختراع الأخلاق، لكن هناك بعض النظريات التي اهتمت في طرح التفكير المنهجي؛ للتأثير على الممارسات الأخلاقية، فالنظريات الأخلاقية القديمة لم تصف الظواهر الأخلاقية وصفاً شاملاً، بل عرضت آراء بعض العلماء حول الجوهر الأساسي للأخلاق، بالإضافة إلى تقييمهم ونقدهم لبعض الممارسات الأخلاقية؛ لتقديم توقعات وتأملات حول ممارسات مهمة وأساسية، لخلق التكامل داخل المجتمع المحلي، وبين أنماط المجتمعات المختلفة.
مفهوم الأخلاق عند سقراط
اعتقد سقراط أن الأخلاق هي الحكمة، وقد عارضه الفلاسفة المعاصرون له، من خلال ثلاثة أمور، وهي اعتبارهم أن الأخلاق هي سعادة الطغاة، وأن النوايا تختلف بين البشر، بالإضافة إلى اعتراض إيمانويل كانت وهو فيلسوف ألماني له آراؤه وتوجهاته الخاصة بالأخلاق، وقد جاء رد سقراط على الاعتراضات السابقة كما يلي:
- سعادة الطغاة: إن الطغاة لا يستطيعون الشعور بالسعادة، لأن العمل الضار للآخرين لا يفيد فاعله.
- اختلاف النوايا: أشار سقراط إلى توحد النوايا لدى الجميع، لكنهم يختلفون في المعتقدات باختيار الأفضل.
- العالم إيمانويل كانت: كان يعتقد كانت أن الأخلاق هي قيمة العمل الخُلقية الذي يقوم به الفرد وليس مشاعره، فرد عليه سقراط بأن الأعمال ليست اعتباطية أو مستقلة عن الله.
مميزات التعاليم السقراطية
لقد تميز سقراط في أسلوبه في الحوارات، لذا فقد كانت حواراته لها دور كبير في النظريات، حيث كانت شخصيته تلعب دورًا رئيسيًا في كل حوار، فأحياناً كان يدعي بعدم معرفته للفضيلة ، ثم يقوم بطرح أسئلة عن شخصيات أخرى، وفي حوارات أخرى كان يعتذر عن تكملتها، فتنتهي بشكل غير حاسم، ويعتقد سقراط بأن المرء يستطيع خلال الحوارات المختلطة فصل بعض التعاليم الأخلاقية، لذا فقد امتازت حواراته حول الأخلاق كما يلي:
الجودة البطولية
ويتم ذلك من خلال ما يلي:
- فقد استخدم أسلوب الاعتذار في حواراته، لاعتقاده أن الرجل الذي لا قيمة له لا يأخذ بعين الاعتبار فيما إذا كان قيامه بهذا العمل سيعرضه للخطر.
- من تعاليم سقراط الأخلاقية بأنه ينظر إلى عمل الشخص إذا كان عادلاً أم لا، ليحدد فيما إذا كان صالحاً أم سيئاً.
- يضع سقراط الاعتبارات الأخلاقية فوق كل الاعتبارات الأخرى، فالعدالة اللازمة للتعامل مع الآخرين تكون بعدم السرقة أو الخيانة.
- تتمثل بطولته باحترام الذات، ومثال ذلك عندما وبخ بعض الأثينيين؛ لأنهم سعوا لاكتساب الثروة والسمعة، ولم يهتموا في الحكمة والحقيقة، وامتلاك فضيلة أخلاقية.
- يلتزم سقراط بالفضيلة إيماناً منه بقيمتها العظيمة للروح، فيقول إن الفضيلة تصدر عن الشخص الصالح، والإثم يقضي على الفضيلة.
العقلية
ويتم ذلك من خلال ما يلي:
- يقوم الفكر السقراطي على أن الفضيلة هي المعرفة ، فإذا علم الفرد ما هو جيد سيقوم به.
- يقوم الفكر السقراطي على أن الفضيلة هي سبب سعادة الفرد، وأن الشر لا يحدث للرجل الصالح في حياته.
- يدعو سقراط بالفكر العقلاني، لأن الفكر هو الذي يحفز الأفعال، وهو ناتج عن معرفة عقلانية.
- يرى سقراط أن الحكمة هي نوع من أنواع المعرفة التي تجلب السعادة، من خلال استخدامها في إدارة واستثمار ما يملكه الشخص من صحة وذكاء وشجاعة بشكل إيجابي.
الأخلاق والمعرفة
امتاز سقراط بالحديث البسيط والبليغ في نفس الوقت، وامتلاكه القوة المنطقية، وامتازت نظريته الأخلاقية بارتباط الأخلاق بالمعرفة، فقد أوضحها من خلال الأمور التالية:
- ربط سقراط الفضيلة بالمعرفة، وأوضح بأن تصرف الإنسان مبني على معرفته عن الفضيلة ومعرفته للشر.
- يبرر سقراط أن الأعمال السيئة الصادرة عن الإنسان هي نتيجة جهله، والأعمال الصالحة الصادرة عنه هي نتيجة المعرفة الكاملة بالفضيلة.
أقوال سقراط
من أقوال سقراط المأثورة والتي تُشير إلى أهمية المعرفة في أخلاق البشر، ما يلي:
- "إن حياتي وما قدمت من خير أكرم مما أعددت من دفاع".
- "ليس هناك إنسان في كامل قواه العقلية يرغب في أن يجلب الأذى لنفسه، ولذلك فأنا أنكر أنني قد سببت الأذى يومًا عن قصد لأي فرد في هذا العالم".
- "وأيها الأثينيون: لست خجلًا مما قمت به من أعمال قد تؤدي إلى الموت قبل أن ينتهي عمري الطبيعي، وذلك لأني أؤمن بأن الرجل الذي يجد في نفسه الكفاية للقيام بعمل من الأعمال، ينبغي ألا يأخذ في اعتباره مسألة موته أو حياته، وألا ينظر إلا إلى شيء واحد بعد: هل كان مصيبًا أم مخطئًا؟"
- "إنني أخشى العار ولكنني لا أهاب الموت، لأنه ليس شرًا: وهو إحدى اثنتين، إما أن يكون كرقدة النائم لا تزعجه الأشباح، وهذا نفع بلا ريب.. وإما أن يكون ارتحالًا إلى مكان آخر أفضل، وهذا خير كل الخير"