مفهوم إمارة المؤمنين في الإسلام
الإمارة في الشريعة الإسلاميّة
إنّ الشّريعة الإسلاميّة شريعةٌ مهيمنةٌ وخاتمة لما قبلها من الشّرائع السّماويّة، وقد كان من مقتضيات ذلك أن ميّز الله -تعالى- الشّريعة الغرّاء بخصائص وسماتٍ لم تتميّز بها ما قبلها من الشّرائع، ومن تلك الخصائص أنّها شريعةٌ شاملة في أحكامها لجميع جوانب الحياتية، وكان من ضمن ما عالجته الشّريعة الإسلاميّة قضيّة الحكم والإمارة، فقد وضعت الشّريعة لمسألة الإمامة منهجًا واضحًا وأحكامًا محدّدة تضمن التّطبيق الصّحيح له، فما المراد بمفهوم إمارة المؤمنين في الإسلام؟ ومتّى ظهر وما هي صفات الإمام.
مفهوم إمارة المؤمنين
الإمارة في اللغة تأتي بمعنى كبر الشيء، وقد ورد مفهوم الإمارة في سنّة النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-؛ ففي الحديث الشّريف: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)،وقد تكون الإمارة على مستوى الجماعات الصّغيرة في السّفر أو الحضر، أو في المعارك والحروب الإسلاميّة؛ حيث يولّي الحاكم أميرًا للجيش يقودهم في المعركة، وقد تكون تلك الإمارة على مستوى الدّولة والمجتمع؛ بحيث يختار المسلمون حاكمًا عليهم وخليفة يحكمهم بشريعة الله، وفق أسس وضوابط معيّنة،
ظهر مفهوم إمارة المؤمنين بعد وفاة النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسّلام-، فقد اجتمع المسلمون على تولية أبي بكر -رضي الله عنه- ليكون خليفةً لرسول الله عليهم وحاكمًا وأميرًا للمؤمنين، وفي وقته لم يلّقب الصديق إلاّ بخليفة رسول الله، إلاّ أنّه بعد وفاته رضي الله عنه اتفق المسلمون على أن يطلق لقب أمير المؤمنين على خليفته وهو الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي كان أوّل من لقّب بأمير المؤمنين، ثمّ لقّب كلّ خليفة بعده بهذا اللقب.
أهميّة إمارة المؤمنين
لا شكّ بأنّ إمارة المؤمنين لها أهميّة كبيرة في حياة المسلمين؛ فبالإمارة تستقيم أمور المسلمين، ويتحقّق الأمن والاستقرار في البلد، كما أنّ لأمير المؤمنين دوراً في متابعة تطبيق شرع الله تعالى وأحكامه، ورعاية مصالح المسلمين، وغير ذلك الكثير من المهمّات، ولذلك حرص العلماء والدّعاة على الدعاء للحاكم بالتّوفيق والصّلاح؛ لأنّ في صلاحه خيرًا للناس، وفي ضلاله وغوايته شرّ للنّاس وخسران.
صفات وشروط أمير المؤمنين
لا بدّ من توافر مجموعةٍ من الشروط في الشخص الذي سيلي أمر المؤمنين ويحكم شؤونهم، وقد حدّد الفقهاء عددًا من الشروط، منها ما هو شرطٌ واجبٌ لا بد منه في الإمام، ومنها ما هو شرطٌ مستحبٌّ من الأفضل والأكمل أن يتوافر فيه، ومن أبرز هذه الشروط ما يأتي:
- الذكورة: فقد اشترط الفقهاء في أمير المؤمنين أن يكون ذكرًا.
- الحريّة: حيث لم يكن يقبل في التاريخ الإسلاميّ أن يكون أمير المؤمنين ومن يتولّى شؤونهم من العبيد.
- البلوغ: فلا يُقبل أن يتولّى إمارة المؤمنين صبيٌّ صغيرٌ.
- العقل والرشد: قلا تقبل إمارة المؤمنين من المجنون أو السفيه الذي لا يستطيع إدارة الشؤون وتدبير الأمور.
- العلم: لأنّ الجاهل لن يقدر على الإحاطة بأمور الحكم، وسياسة شؤون الناس ومصالحهم.