معنى الحديث الحسن الصحيح
معنى وصف الحديث بحسن صحيح
استشكل على المُحدّثين ورود لفط الحسن الصحيح على حديثٍ واحِد؛ لأن الحديث الحسن أقلُّ درجةً من الحديث الصحيح، وبيان تعريفات المحدّثين للفظ "حسن صحيح" فيما يأتي:
- ابن الصلاح: قال إنه لفظٌ غير مُستنكر؛ لأن المقصود بالحسن قد يُرادُ منه معناه اللُغويّ، وقال: "إنه قد يُراد أن الحديث قد ورد بإسنادان، أحدُهما حسن، والآخر صحيح".
- ابن دقيقٍ العيد: قال: "إن المقصود قد يكون منه أنه حسن اللفظ"، وقال: "إمّا أن الحسن قد ارتفع إلى درجة الصحة؛ لأن وُجود الدرجة الأعلى وهي الحفظ والإتقان لا تنفي وُجود الدرجة الأقل كالصدق".
- إن إسناده حسن، ومتنه صحيح.
- إنهُما بنفس المعنى، ولا يوجد فرقٌ بينهُما.
- إنه في مرتبةٍ أعلى من مرتبة الصحيح.
- إنه في مرتبةٍ أقل من مرتبة الصحيح.
وفيما يأتي في المقال بيان أقوال العُلماء في معنى الحديث الحسن الصحيح بالتفصيل، بالإضافة إلى بيان من اشتُهِر باستخدام هذا اللفظ من المحدّثين.
الرأي الأول: درجة فوق الحسن دون الصحيح
قال ابن دقيقٍ العيد إن الحديث فيه وصف الحسن وزيادة على اعتبار حيازته على الدرجة الدُّنيا، وقد تعدّاها إلى ما هو أعلى منه، أي أنه يكون في مرتبةٍ أعلى من الحسن وأقل من درجة الصحيح، حيثُ إنه لم يبلغ درجة الحديث الصحيح.
الرأي الثاني: التردد في الحكم بين حسنه وصحته
يُقصد بذلك أن عُلماء الحديث قد تردّدوا في الحُكم عليه بين الحسن والصحيح، فبعضُهم يجعله في مرتبة الصحيح، وآخرون يجعلونه في مرتبة الحسن، وذكر ابنُ دقيقٍ العيد أن الحديث إن كان صحيحاً فيلزم فيه توافر شُروط الحسن؛ لأن وُجود الدرجة العُليا في الإتقان والحفظ لا تنفي وُجود الدرجة الدُنيا كالصدق، فيكون الحديث حسنٌ باعتبار صفته الدُّنيا، وصحيحٌ من جهته العُليا، وعليه فيكون كُل حديثٍ صحيحٍ حسناً.
الرأي الثالث: حسن عند قوم صحيح عند آخرين
يُقصد بذلك أن يكون الحديث صحيحاً عند قومٍ وحسنٌ عند آخرين، فقول الترمذي للحديث حسنٌ صحيح: أي أن أهل الحديث اختلفوا في أحد رواة إسناده بين تمام وخفّة ضبطه، فمن جعلهُ تمام الضبط فهو عندهم صحيح، ومن جعله خفيف الضبط كان عندهم حسناً، أو أن يكون الحديث له إسنادان؛ أحدُهما صحيحاً، والآخر حسناً، حتى وإن كانا لا يتطابقان من حيث ألفاظ المتن، وإنما يكونا مُتشابهين من حيث المعنى، فهو صحيحٌ بالنظر إلى إسناد، وحسنٌ من حيث إسنادٍ آخر له، وهذا يُفيد تعدّد الأسانيد التي رُوي بها الحديث، وبُلوغ بعضها إلى درجة الصحيح، كما أنّ جمع الإسناد الحسن مع الأسانيد الحسنة الأخرى يُفيد بأنّ الحديث خرج عن حدّ الغرابة.
المحدّثين الذين استخدموا وصف "الحسن الصحيح"
استشكل على المُحدّثين الجمع بين الأحاديث التي يُطلِق عليها الترمذي في جامعه "حديثٌ حسنٌ صحيح"، حيثُ يوجدُ فرقٌ بين الحديث الصحيح والحسن من حيث التعريف والشُروط، وتم بيان قول ابن الصلاح وابن دقيق العيد تعريفاتهم في ذلك، وقيل: إن الحسن الصحيح هو أعلى مرتبةً من الحسن ولكنهُ أقل من مرتبة الصحيح.
ومُصطلح الحسن الصحيح هو من المُصطلحات الحديثية الخاصة بالإمام الترمذيّ، واستعمله بعض المُتقدّمين بِشكلٍ قليل، وتعدّدت آراء المُحدثين في بيان معناه؛ لعدم ورود معنى خاص به عند الإمام الترمذيّ، وظُهور الإشكالية في بيانه، وذكر الحافظ مُحمد بن أبي بكر المواق أن كُل حديثٍ صحيحٍ عند الترمذي هو حسن لا العكس. وكانت هذه الآراء اجتهادٌ من أهل الحديث في بيانهم لوصف الحسن الصحيح، وغاية ما يُمكن الاستفادةُ من آرائهم أنه نوعٌ من الإجتهاد، وليس فيه ما يؤكّد على الجزم والقطع بأحدها دون الأخرى.