مظاهر قطيعة الرحم
مظاهر قطيعة الرحم
هناك العديد من مظاهر قطيعة الرحم، ومن الأمثلة عليها ما يأتي:
- الإهمال وتجاهل الأقارب والأرحام من السؤال أو الزيارة، وعدم دفع الضرر والأذى عنهم، أو العطف عليهم والرفق بهم، أو مساعدتهم بالمال والصدقة عند الحاجة.
- الإساءة للأقارب بالقول أو الفعل، وتقديم الغريب عليهم، وعدم مشاركتهم بأفراحهم وأحزانهم.
- المعاملة بالمثل وعدم وصل الأقارب والأرحام إلا إذا وصلوا الشخص، فقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من المداومة على القطيعة، بل حثّ على وصلها حتى في حال قطع الرحم لوصل الشخص، جاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها).
- عدم تقديم الموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأقارب ذوي الرحم، والتغافل عن دعوتهم، وهذا الفعل يُنافي منهج الرسول -عليه السلام- في الدعوة، حيث قال الله -تعالى-: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).
- التقليل من شأن وأهمية العالِم أو المؤثِّر في العائلة، وعدم الاكتراث له، وإنكار فضله وأثره الطيب عند تقديمه للنُّصح والإرشاد لأقاربه.
- إثارة الفتن، وبثّ روح البغضاء والمشاحنة بين الأقارب بهدف التفريق ونشر الكراهية بينهم.
- ترك الإحسان إليهم.
أسباب قطيعة الرحم
تتعدّد أسباب قطيعة الرحم، وفيما يأتي بيانٌ لبعض هذه الأسباب:
- الجهل بما يترتّب على العبد من الذنوب والآثام بسبب قطع الرحم، وما يترتب من الأجر والثواب على صلة الرحم وتقوية العلاقات بين الأقارب.
- قِلّة الوازع الديني عند الناس، والانشغال بالدُّنيا، فيغدوا البعض غير مكترثٌ برَحِمِه، ويغفل عن أقل الحقوق والواجبات التي عليه الانتباه لها وتطبيقها.
- العُجب والكِبر والتّعالي الذي يصيب الإنسان في حال ثرائه أو نيله مكانةً رفيعةً بين الناس، مما يجعله لا يُكلّف نفسه التواضع لغيره من الأرحام إن كانوا أقلّ منه منزلة.
- بُعد وطول المدّة في زيارة الأرحام، والتسويف والتأجيل المُستمر لذلك، مما يؤدّي إلى الجَفوة والتنافر بينهم، ويصل ذلك إلى العتاب وكثرة اللّوم، ثمّ الخصام والقطيعة.
- التكلّف والتبذير المُبالغ فيه عند زيارة الأقارب، أو البخل والشحّ المادي والمعنوي معهم؛ فالمادي يكون بقلة إكرامهم، وعدم دعوتهم أو الإنفاق على من يحتاج منهم، والمعنوي بقلة الاهتمام والترحيب بهم، وعدم مشاركة اللحظات السعيدة معهم، وعدم المبادرة بتوجيبهم واحترامهم.
- وجود الإشكالات بين الأقارب؛ كالمشاحنات، والطلاق، وكثرة القيل والقال، والحسد والبغضاء، والمزاح بالاستهزاء، والأمور المتعلّقة بالميراث، وغير ذلك.
سُبُل عدم قطع الرحم
يجب أن يحرص العبد على اجتناب قطيعة الرحم، والابتعاد عن كل ما يؤدّي إليها، والمداومة على الصلة والتودّد للأرحام امتثالاً لأمر الله -تعالى- وتأسّياً بالرسول -عليه الصلاة والسلام-، وهناك العديد من السُّبُل التي تُعين على دوام الصّلة وتجنُّب القطيعة، وبيان بعضها فيما يأتي:
- ابتغاء الأجر والثواب العظيم من الله -تعالى- في الدنيا والآخرة، وسؤاله التوفيق على صلة الرحم، والابتعاد عن كلّ ما يؤدّي للنّفور أو العداوة في العلاقة بين الأقارب، والمبادرة بعمل ما يجلب المحبة والمودّة بينهم.
- مُقابلة الإساءة بالإحسان؛ فقد ثبت في السيرة النّبوية أنّ رجلاً كان يصل رحمه رغم تعرّضه للأذى منهم، فأثنى عليه النبي -عليه السلام- وبشّره بالثواب من الله -تعالى-.
- قبول الأعذار والصّفح عند الإساءة، فهي من أخلاق الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام-، ويُضرب المثل في ذلك بسيّدنا يوسف -عليه السلام- رغم ما فعله إخوته به؛ إلا أنه عفى عنهم وسامحهم ليُبقي حبل الودّ قائماً بينهم.
- الجود بالنفس والمال على الأرحام دون انتظار المُقابل منهم، واجتناب المِنّة عليهم وتحميلهم ما لا طاقة لهم به.
- التواضع وحُسن الخلق معهم، والصبر والترفّع عن أخطائهم وزلّاتهم، وإحسان الظنّ بهم، وعدم الإكثار من لَوْمهم ومُعاتبتهم.
- الحرص على تجميع الأقارب فيما بينهم؛ كدعوتهم في المناسبات والولائم، والتواصل معهم على الهاتف، والإكثار من الاجتماعات التي تفتح المجال للتّعبير عن أنفسهم وآرائهم.
- تعويد الأطفال وتربيتهم على ضرورة وأهمّية صلة الرحم؛ ليقتدوا بذلك ويطبّقوه عندما يكبروا.
- حل الماشاكل العائلية بالمشورة واللطف، خاصة ما يتعلق بقضايا الميراث .
إثم قطع الأرحام
قطع الرحم من الأمور التي شدّد عليها الإسلام وحذّر من الوقوع فيها؛ لِما لها من الأثر السلبيّ في حياة الناس والمجتمع، وهي من الذنوب العظيمة التي يُحاسب فاعلها عليها في الدنيا قبل الآخرة، إذ جاء عن أبي بكرة نفيع -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن ذنبٍ أحرى أنْ يُعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرةِ مِن قطيعةِ الرَّحِمِ والبَغيِ)، وقد أنذر الله -تعالى- وتوعّد قاطع رحمه بتحريم دخول الجنّة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ. قالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: قالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ)، فهذا الفعل من كبائر الذنوب، وإثمه كبيرٌ عند الله -تعالى-، وقد ذمّه -سبحانه- في كتابه، فقال: (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، ومن عِظم الرحم عند الله -تعالى- أنها متمسّكةٌ ومتعلّقةٌ بعرشه العظيم، فمن يقطع روابط القرابة بينه وبين أرحامه يقطعه الله -تعالى-، وقد ثبت ذلك عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ).