مظاهر قدرة الله في الخلق
الخلق من العدم
إنّ من مظاهر قدرة الله -تعالى- الخلق من العدم، ومنها خلق الإنسان، وقد منّ عليه بالنعم الظاهرة منها والباطنة، ولهذا فإنّ أقل ما على الإنسان من واجبات أن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، ومن الآيات الدالة على أنَّ الإنسان مخلوقٌ من العدم قول الله -تعالى-: (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا* أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا).
جيث إنّ هذه الآيات بيَّنت أصل خلق الإنسان وكونه مخلوقاً من العدم، فلن يكون صعباً على خالقه -سبحانه وتعالى- من العدم أنَّ يُعيد إحياءه ومحاسبته في الآخرة على ما بدر منه في هذه الحياة الدنيا.
ومن مظاهر عظمة الخلق أيضاً خلق الله للملائكة العِظام من النور، وخلق الجنّ من النار، قال الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ).
خلق الإنسان في أحسن تقويم
خبق الله كلّ شيء فصوّره في أحسن صورة، فالله هو الخالق المصور ، قال الله -تعالى-: (مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتٍ)، ومن هذه المخلوقات التي خلقها الله -تعالى- فأحسن خلقها ووضعها في أجمل صورها الإنسان، حيث خلقه الله -تعالى- وجعله في أجمل هيئة.
قال الله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، وقال -عزّ وجل-: (الذي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)، فخلق الإنسانُ عظيمٌ من جميع النواحي؛ وذلك في خلاياه وأنسجتِه وفي جميع أعضائِه، والمتدبّر في خلق أجهزة الإنسان يجد أنّ فيها من التعقيدِ والدقَّةِ والإتقانِ ما يَعجَزُ عن فهمِه.
خلق السموات والأرض
خلق الله -تعالى- هذا الكون وسخَّر ما فيه من موجودات لخدمة الإنسان وتسهيل حياته، ومن ذلك خلق الأرْض؛ فقد خَلَقها الله بطريقةٍ تساعد الإنسان على المسير في حياته الدنيا، فجعلها مبسوطة وممهدة، قال الله -تعالى-: (لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً).
وخلق الله -سبحانه- السماء فرفعها بلا عمد، ومن الآيات التي تحدثت عن خلق السموات والأرض قوله -تعالى-: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، والمتتبع بفكره والمتدبر بعقله يجد من عجائب قدرة الله ما يدفعه للإيمان يقينًا بقدرة الله وحده على الخلق والإتقان.
خلق الكائنات الحية
خلق الله -تعالى- الكائنات الحية في هذا الكون على أحكم هيئة، ففي خلق الحيوان قال -سبحانه وتعالى-: (وَاللَّـهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). حيث بيَّن الله -تعالى- أصل خلقتها، ثم ذكر أشكال ومظاهر هذه الحيوانات؛ فمنها من يمشي على رجلين أو أربع ومنها من يزحف، وفي كلّ ذلك حكم عظيمة.