مصادر القواعد الفقهية
مصادر القواعد الفقهية
تنقسم القواعد الفقهية بحسب مصدرها إلى ثلاثة أقسامٍ، وفيما يأتي بيانها.
قواعد فقهيةٌ مصدرها النصوص الشرعية
إنّ كثيرًا من القواعد الفقهية مصدرها النصوص الشرعيّة من الكتاب والسنة، وهذه أعلى أنواع القواعد وأهمها في الاعتبار، فما كان مصدره نصًّا من القرآن الكريم أو السُّنة النبويّة؛ سيكون أعلى رتبةً ممّا كان اجتهادًا من بعض العلماء، وحصل فيه خلافٌ بينهم.
قواعد فقهيةٌ مصدرها الإجماع
القواعد الفقهية التي مصدرها الإجماع المستند إلى الكتاب والسنة، كقولهم : (لا اجتهاد مع النص)؛ فهذه القاعدة تفيد تحريم الاجتهاد في حكم مسألةٍ ورد فيها نصٌّ من الكتاب أو السنة أو الإجماع؛ لأنّ الاجتهاد لا يكون إلا عند عدم وجود النص، أما عند وجوده؛ فالمطلوب فقط هو فهم النص ودلالته.
قواعد فقهيةٌ صاغها المجتهدون في مقام الاستدلال القياسي
وهي القواعد الفقهية التي ذكرها الفقهاء المجتهدون في مقام الاستدلال القياسي الفقهي، حيث إنّ تعليلات الأحكام الفقهيّة الاجتهادية أعظم مصدرٍ لتقعيد هذه القواعد وإحكام صيغها عند استقرار المذاهب الفقهيّة ، لا سيما بعد اهتمام أتباعها بعد استقرار مذهبهم؛ بتحريرها وترتيب أصولها وأدلتها.
معنى القواعد الفقهية
هي الأصول والمبادئ الكليّة التي تُصاغ بصورةٍ موجزةٍ بحيث تتضمّن أحكامًا تشريعيَّةً عامَّةً للفروع الفقهيّة التي تتبع هذه القاعدة، وقد عرّفها الإمام شهاب الدين القرافي بأنّها: قواعد كليَّةٌ فقهيَّةٌ مشتملةٌ على أسرار الشرع وحِكمه، وكلّ قاعدةٍ تحتها ما لا يُحصى من الفروع في الشريعة، وهذه القواعد مغايرةٌ للقواعد الكليّة المذكورة في أصول الفقه .
قال القرافي في أهميّتها: "وهي مُهمَّةٌ في الفقه، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه، ويعرف وتتضح له مناهج الفتاوى، ومن جعل يُخرّج الفروع بالمناسبات الجزئيّة دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛لاندراجها في الكليات".
أهم القواعد الفقهية
قاعدة اليقين لا يزول بالشك
ومعناها أنّ الشك إذا طرأ على الإنسان، وكان عنده يقين سابقٌ، فإنّه لا يلتفت إلى الشك، بل يرجع في الحكم إلى اليقين السابق الذي كان عليه في الأساس، أي أنّه لا عبرة بالشك في هذه الحالة، وقد وردت عدَّة نصوصٍ في السنة النبوية مما يُستدلّ بها على هذه القاعدة، ومنها ما ورد في الصحيحين أنّ رجلاً شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه يُخيَّل إليه أنّه يجد الشيء في الصلاة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا ينفتل -أو لا ينصرف- حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً).
قاعدة وجوب إزالة الضرر
أي أنّ إلحاق المفسدة بالغير مطلقًا لا يجوز، سواءً كان الإضرار ابتداءً، أو انتهاءً، فيجب أن يُزالُ الضررُ سواءٌ قبل وقوعه أو بعده، أو كما فسره بعضهم بقوله:"لا يضر الرجل أخاه ابتداءً ولا جزاءً"؛ فهي قاعدة كلية تنضبط بها كل أنواع الضرر، والأصل في هذه القاعدة ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا ضرر ولا ضرار).
قاعدة المشقة تجلب التيسير
معنى هذه القاعدة أنّ الأحكام التي يترتب على تطبيقها حرجٌ على المكلّف ومشقَّةٌ في نفسه أو ماله، فالشارع خفّفها عنه بما يقع تحت قدرة المكلف دون عسرٍ؛ فالشريعة تكون قابلةً للتطبيق من غير مشقَّةٍ لا تُطاق، والدليل على هذه القاعدة موجودٌ في عشرات النصوص في القرآن والسنة، ومنها قوله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
قاعدة العادة محكمة أو العرف معتبر
أي أنّ الأصل في الكلام والخطاب ما عمَّ وغلب استعماله، ولا عبرة فيما شذَّ ونَدَر، فالكلام يمضي على ما تعارف عليه كل قومٍ في مكانهم، لا بما يقصده فردٌ دون غيره، وأصل هذه القاعدة مأخوذ من قوله -تعالى-: (خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ).
قاعدة الأمور بمقاصدها
بمعنى أنّ أعمال المكلف وتصرفاته تختلف نتائجها وأحكامها الشرعية التي تترتب عليها باختلاف مقصود الشخص وغايته من وراء تلك الأعمال والتصرفات، أي أنّ الحكم الذي يترتب على أمرٍ يجب أن يكون موافقًا و مطابقًا لما هو المقصود أصالةً من ذلك الأمر، ومن الأحاديث النبويّة التي تُعتبر مرجعاً رئيسًا لهذه القاعدة؛ الحديث المشهور الذي رواه أصحاب الكتب الستة ، عن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).