مشاركة الرسول الكريم في بناء الكعبة المشرفة
مشاركة الرسول الكريم في بناء الكعبة المشرفة
اشترك في البناء معظم أهل مكة، وشارك في ذلك الشيوخ وأصحاب الصدارة، لما لهذا العمل من الشرف والمكانة، وكان ممن شارك في البناء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعمه العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-.
ومن الحوادث التي حصلت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أثناء البناء أنّ العباس أشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يضع رداءه على عاتقه حتى يحميه من قسوة الحجارة التي ينقلونها في البناء، وهذا ما كان يفعله الرجال، فلما فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا به يسقط على الأرض وترتفع عيناه إلى السماء، وأخذ ينادي إزاري، إزاري ولم يرَ بعدها عُرياناً.
سبب إعادة بناء الكعبة المشرفة
تعرضت الكعبة المشرفة خلال عمرها الطويل للكثير من الحوادث، من تلك الحوادث أنّها تعرضت لسيل أدى إلى انهيار بعض أجزائها، وأرادت قريش أن تعيد بناءها، وكان ذلك قبل ظهور الإسلام بخمس سنوات، وكان عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- خمسة وثلاثين عاماً.
كيف بدأ العمل في إعادة بناء الكعبة
اتفقت قريش على ألّا يستخدموا في بناء الكعبة أي مال جاء من حرام، بل يستخدموا المال الطيب الحلال، ولما أرادوا البدء بالعمل واجهتهم مشكلة أنهم يجب أن يهدموا الكعبة أولًا ثم يعيدوا بناءها مجدداً حتى يكون البناء متينًا، فتهيبوا أن يقوموا بذلك حتى لا يصيبهم مكروه.
وتطوع الوليد بن المغيرة أن يبدأ بالهدم، وإذا لم يحدث له شيء انضم إليه الناس، وفعلاً لم يصبه شيء، فبدأ العمل، وظلّوا ينقضون الحجارة حتى وصلوا إلى قواعد سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، ثم قسّموا الكعبة لكل قبيلة قسم تقوم ببنائه.
قصة الحجر الأسود والحل النبوي الحكيم
استمر العمل في البناء على أفضل ما يكون من التعاون حتى بلغ البناء إلى موضع الحجر الأسود، فاختلف الناس على من سينال شرف وضعه في مكانه، وكل منهم يريد ذلك، وكل قبيلة أصرت على رأيها، حتى كاد ينشب بينهم قتال في الحرم، واستمر الخلاف أربع ليال أو خمس، حتى أشار عليهم رجل يدعى بأبي أمية المخزومي أن يحكِّموا بينهم أول داخل إلى الحرم باب الصفا.
وشاءت إرادة الله -سبحانه وتعالى- أن يكون أول داخل من ذاك الباب هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآه القوم هتفوا: "هذا الأمين ارتضيناه حكماً"، فما كان منه -صلى الله عليه وسلم- إلّا أن طلب ثوباً، ثم وضع في وسطه الحجر الأسود ، ثم طلب من رؤساء القبائل أن يحمل كل منهم بطرف الثوب وأن يوصلوه إلى مكان موضعه في البناء، ثم أخذه بيديه الشريفتين، فوضعه مكانه.
وتدلّنا هذه الحادثة على مدى حكمته -صلى الله عليه وسلم-، ومدى حب الناس له، ومقدار منزلته في نظر القرشيين، إضافة إلى ذكائه وعبقريته، وكل ذلك مقدمة لما سيحمله من عبء الرسالة التي اقترب زمانها.