مراحل امتداد النفوذ العثماني
مراحل امتداد النفوذ العثماني في القرن 14م
يُوضّح الآتي أبرز مظاهر امتداد النفوذ العثماني في بداياته:
- هزمت القوات المغولية السلاجقة نهائيًا عام 1293م، عندها برز عثمان كأمير للمنطقة الحدودية مع الدولة البيزنطية، واستقطب عدد كبير من الجنود السابقين للدولة السلجوقية، والكثير ممن يرغبون بالخدمة العسكرية ضد البيزنطيين.
- حكم عثمان منطقة مُمتدة من سهول نيقية (إزنيق) حتى مقر الإمارة إسكشهير في أول توسع عام 1300م .
- فتح أورهان بن عثمان مدينة بورصة في أواخر حُكم أبيه بين العامين 1324م-1326م، وكان هذا الفتح بمثابة إعلان بتطور وزيادة قوة العثمانيين.
- استلم أورهان بن عثمان قيادة قبيلة القايي بعد وفاة والده، وسُرعان ما استولى على عدد كبير من حصون ومُدن البيزنطيين أهمّها:
- مدينة إزنيك عام 1331م.
- مدينة إزميت في عام 1337م.
- مدينة أسكدار في عام 1338م.
- ضمّ أورهان منطقة واسعة امتدت حتى بحر مرمرة عام 1345م، كما تدخَّل في الصراعات الداخلية في العاصمة البيزنطية القسطنطينية (إسطنبول حاليًا)؛ حيث ساعد على جلوس الإمبراطور كانتاكوزينوس على العرش.
يجدر بالذكر أنّ أصول العثمانيين ترجع إلى قبيلة القايي التي استوطنت الأناضول أو ما يُعرف بآسيا الصغرى مع باقي قبائل الأوغوز البدوية، حيث أعلنت هذه القبائل أنّها من سلالة السلاجقة، ومع تفكّك السلطة السلجوقية ظهر عثمان كقائد لقبيلة القايي وشكّل إمارةً تُركمانيةً مُستقلةً امتد نفوذها في الأناضول.
فترة حُكم السلطان مراد الأول
تولّى مراد بيك نجل أورهان حُكم الإمارة العثمانية في عام 1360م، وكان أول قائد عثماني يوجِّه الفتوحات نحو أوروبا متجاوزًا القسطنطينية بعد استيلائه على مضيق الدردنيل عام 1361م، وبعدها قاد عددًا من الإنجازات لزيادة النفوذ العثماني كما هو موضح أدناه:
- أجبر الإمبراطور البيزنطي على قبول السيادة العثمانية عام 1363م، وذلك بعد سيطرة العثمانيين على مصادر الحبوب والضرائب للقسطنطينية.
- هزم مراد الأول الحلفاء الصليبيين في معركة ماريتسا عام 1371م.
- فتحت القوات العثمانية الكثير من مناطق شرق أوروبا، وقد كانت ذروة الفتوحات معركة كوسوفو (قوصوه) التي وقعت عام 1389م، وانتهت للأسف باغتيال مراد الأول بعد انتهاء المعركة.
فترة حُكم السلطان بايزيد الأول
استلم الحكم الأمير بايزيد الأول بعد استشهاد والده عام 1389م في معركة قوصوه، وسارع لاستكمال فتوحات العثمانيين وزيادة نفوذهم، ومن أبرز إنجازاته ما يأتي:
- سيطر بايزيد على أغلبية أراضي الأناضول عام 1390م، كما سيطر على أراضي إمارة القرمان عدو العثمانيين القديم عام 1391م.
- امتدّ نفوذ بايزيد ودولته لأراضي عديدة في أوروبا، وأثناء قيادته حملةً باتجاه أوروبا هاجمت قوات تيمورلنك منطقة الأناضول، لتدور معركة طاحنة بين جيش تيمورلنك وجيش العثمانيين سُمّيت بمعركة سهل أنقرة.
مراحل امتداد النفوذ العثماني في القرن 15م
افتُتح العهد العثماني في القرن 15م بأسر السلطان بايزيد الأول عام 1402م في نهاية معركة سهل أنقرة، حيث دخلت بعدها الدولة ولمدة 10 سنوات في المرحلة المسمّاة بالفترة، ودارت خلالها صراعات دامية بين أولاد بايزيد انتهت بسيطرة ابنه محمد على الحُكم، وبعد سيطرة السلطان محمد الأول على الحُكم عام 1413م تابعت الدولة العثمانية امتدادها كالآتي:
- تولّى محمد الأول (جلبي) الحُكم عام 1413م، وأعاد الهيبة للدولة العثمانية من خلال إعادة السيطرة على الأراضي التي خرجت من حُكمِها، ولكنّه لم يقد فتوحات كبيرة حتى وفاته.
- استلم الأمير مراد الثاني قيادة الدولة عام 1421م، واستهل فترة حُكمه بحصار القسطنطينية ما بين عامي 1422م-1423م، ولم ينته الحِصار إلّا بعد تقديم أموال طائلة له من قِبل البيزنطيين.
- سيطر العُثمانيون على مدينة سالونيك عام 1430م، ثمّ على البحر الأدرياتيكي وبحر إيجة في عام 1432م.
- ضمّ السلطان مراد الثاني صربيا عام 1439م.
- هزمت القوات العثمانية التحالف الأوروبي في معركة فارنا بقيادة مراد الثاني عام 1444م .
فترة حُكم السلطان محمد الفاتح
كانت أهمّ فترات توسّع الدولة العثمانية خلال فترة حُكم محمد الثاني (الفاتح)، إذ تولّى الحُكم عام 1451م بعد وفاة السلطان مراد الثاني، ومن أهمّ إنجازاته في توسيع رقعة الدولة العثمانية ما يأتي:
- حاصر السلطان محمد مدينة القسطنطينية بجيش عظيم في الفترة الممتدة ما بين 6 أبريل و29 مايو لعام 1453م، وانتهى الحصار بفتح المدينة وتحويل اسمها إلى مدينة إسطنبول، ممّا جعل السلطان محمد الثاني أشهر قائد مسلم في تلك الفترة.
- ركّز محمد الفاتح فتوحاته بشكل أساسي على مناطق جنوب شرق أوروبا في الفترة الممتدة بين 1454م- 1463م .
- مات محمد الفاتح عام 1481م وترك الحُكم لابنه السلطان بايزيد الثاني، وذلك بعد أن أحكم سيطرة الدولة العثمانية على كامل منطقة الأناضول وأراضي شرق أوروبا.
مراحل امتداد النفوذ العثماني في القرن 16م
حدثت العديد من الصراعات في نهاية عهد السلطان بايزيد الثاني بين أولاده بسبب توسّع نفوذ الدولة الصفوية، وانتهت هذه الصراعات بتولّي الأمير سليم الحُكم بعد إجبار والده على تسليم السلطة في عام 1512م، ليستكمل نفوذ الدولة العثمانية هو وابنه سليمان من بعده، وأبرز ما قاما به كان ما يأتي:
- هاجم السلطان سليم الأول الدولة الصفوية عام 1514م؛ وهذا بسبب نشرها للمذهب الشيعي واحتلالها العراق، وانتصر عليهم انتصارًا ساحقاً في معركة جالديران.
- هزم سليم الأول المماليك هزيمة كبيرة في معركة مرج دابق في حلب عام 1516م، ممّا مهّد له السيطرة على الأراضي المملوكية.
- سقطت دول المماليك بيد السلطان سليم الأول عام 1517م، وأُعلن سليم الأول كخليفة للمسلمين وأول خليفة عثماني.
- مات السلطان سليم الأول عام 1520م على رأس حملة عسكرية، وانتقل الحُكم لابنه السلطان سليمان المُلّقب بالقانوني.
فترة حُكم السلطان سليمان القانوني
حكم السلطان سليمان القانوني 44 سنة كانت بمثابة العصر الذهبي للدولة العثمانية، فقد استهلّ حُكمه بمحاولة الحد من خطر إمبراطور إسبانيا كارلوس الخامس، وبعدها حقّق العديد من الإنجازات، ومن أبرزها ما يأتي:
- استهل السلطان سليمان حُكمه بهزيمة جيوش المجر والصليبين في معركة موهاج الخالدة عام 1526م، والتي مهّدت له الطريق لفتح بودابست وأراضٍ مجرية ونمساوية واسعة.
- مات السلطان والخليفة العثماني الثاني سليمان القانوني بعد توسّع نفوذ الدولة العثمانية لأقصى حدودها عام 1566م، حيث سيطر خلالها العثمانيون على وسط وغرب منطقة البحر الأبيض المتوسط، واستلم الحُكم من بعده السلطان سليم الثاني.
- انتصرت القوات العثمانية في معركة ليبانت عام 1571م، تبعها احتلال تونس والقضاء على الوجود الإسباني في المنطقة عام 1574م.
أسباب نمو وازدهار الدولة العثمانية
تعدّدت أسباب نمو وازدهار الدولة العثمانية، ومن أبرزها ما يأتي:
- قوة السلاطين والقادة العثمانيين العسكرية، وسلطتهم الدينية على جيوشهم وشعبهم.
- استخدام المدفعية، حيث عُدّت الدولة العثمانية أول قوة عالمية ضخمة تستخدمها بكثافة، فقد كانت المدفعية أحد أهمّ أسباب سقوط القسطنطينية (إسطنبول).
- قوة النظام القضائي في الدولة العثمانية، ققد أعاد السلطان سليمان القانوني تنظيم القضاء بشكل مذهل.
العوامل المساعدة على امتداد النفوذ العثماني في أوروبا
تعدّدت عوامل امتداد النفوذ العثماني في أوروبا، ومن أبرزها ما يأتي:
- تعاون الدولة العثمانية مع القوى الأوروبية المختلفة، الأمر الذي جنّبها تكاتف تلك القوى ضدها.
- فتح القسطنطينية.
- ارتباط النخب العثمانية بالحركات الثقافية العالمية خاصةً في عصر التنوير.
- الاهتمام بالتجارة بشراء المنتجات العالمية، والسلع الفاخرة، والأطعمة، ويُلاحظ أنّ القوة الأوروبية التجارية ازدهرت مع تلاشي القوة العثمانية.
العوامل المساعدة على امتداد النفوذ العثماني في العالم الإسلامي
امتد النفوذ العثماني في العالم الإسلامي حتى سقوط الدولة العثمانية، ومن أهمّ العوامل التي ساعدت على زيادة قوة هذا النفوذ ما يأتي:
- الدور الديني للسلاطين والنخبة الحاكمة العثمانية، خاصةً بعد تنصيب السلاطين العثمانيين كخلفاء للمسلمين.
- التعاون الذي حرص العثمانيون على الالتزام به مع الشعوب والقادة المسلمين.
- الحُكم بنجاح وعدل في الأراضي الإسلامية لفترات طويلة.
متى بدأت مرحلة ركود الدولة العثمانية؟
بدأت مرحلة ركود الدولة العثمانية في القرن 18م، ومن أهمّ الأسباب التي أدّت لهذا الركود ما يأتي:
- اعتماد الاقتصاد العثماني على الزراعة بالرغم من اجتياح الثورة الصناعية كافّة أنحاء أوروبا.
- خلو الدولة من تجانس الأفكار والرؤى نظرًا لتنوع أعراقها ودياناتها الهائل.
- تجاهل التعليم؛ ففي أوائل القرن 20م كان هناك ما نسبته 5-10% فقط من سكان الدولة يستطيعون القراءة والكتابة.
- الثورات المسلحة في أراضيها، ودخولها في صراعات عديدة ولسنوات طويلة مع روسيا.
- الرؤيا العسكرية الخاطئة في الحرب العالمية الأولى، ممّا أدى إلى انتهاء الدولة العثمانية في عام 1922م.
امتدّ حُكم الدولة العثمانية ما يُقارب من 6 قرون، حيث شهدت خلالها فترات من الصعود والهبوط والقلاقل، لكنّها حافظت على وجودها بسبب قوانينها وسياساتها الاقتصادية، واستطاعت الإمبراطورية العثمانية السيطرة على أراضٍ شاسعة امتدّت على 3 قارات من العالم، ولكنّها انتهت كحال باقي الدول في التاريخ، ومع نهايتها انتهت الخلافة الإسلامية التي تعاقبت منذ ما يُقارب من 1400 سنة.