مراحل الطلاق
مراحل الطلاق
يُعرَّف الطلاق على أنَّه حلّ عقدة النكاحِ، وقد جاءت مشروعيته في عددٍ من نصوص القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ المطهرة، ومنها قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)، ولا بدَّ من التنبيهِ إلى أنَّ الطلاقَ ليس له مراحل، إنَّما له قسمانِ اثنانِ، وهما: رجعيٌ، وبائن، وكذلك البائن يُقسمُ إلى بائنٍ بينونةٍ صغرى، وبائنٍ بينونةٍ كبرى.
الطلاق وتخيير الزوج بإرجاع زوجته
إنَّ أول قسمٍ من أقسام الطلاق هو الطلاق الرجعيِّ ، وهو الطلاق الذي يكون بإرادة الزوجِ المنفردة، ويكون الزوجِ فيه مخيرٌ في إرجاعَ زوجته خلال العدةِ إلى عصمته، وتكون الرجعة من غيرِ عقدٍ ولا مهرٍ جديديْنِ، ويقع الطلاقُ رجعياً بعد الطلقةِ الأولى والثانية، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).
تبين الزوجة في حال لم يرجعها الزوج في العدة
فإذا لم يقم الزوج بإرجاعِ زوجته سواءً بعد الطلقةِ الأولى أو الثانيةِ خلالَ العدةِ ، فإنَّ الطلاقَ بمجرد انتهاء العدّة يُقلب إلى بائنٍ بينونة صغرى،ويُعرَّف الطلاق البائن بينونة صُغرى على أنَّه الطلاقُ الذي يرتفع به قيد النكاح في الحال، وبمجرد أن تبين الزوجة من زوجها، فإنَّه يحرمُ عليه الاستمتاع بها، أو الخلوة معها.
إمكان إعادة الزوجة بعد بينونتها بعقد جديد
بالرغمِ من أنَّ قيد الزوجيةِ يرتفع تماماً بعد الطلاق البائن مباشرةً، إلَّا أنَّ إمكانية إعادةِ الزوجة إلى عصمةِ زوجها تبقى مُتاحةً، فيستطيع الرجل إعادة هذه المرأة إلى عصمته وذمته، بشرطينِ اثنينِ، وهما: رضا هذه المرأة بالرجعة، وإجراء عقد زواج جديد مع مهر جديد.
إعادة تطليق الزوجة حتى تبلغ ثلاث طلقات
إذا قام الزوجُ بإعادةِ زوجته إلى ذمتهِ بعد أن قامَ بتطليقها مرتينِ، ثمَّ عاد بعد ذلك فطلَّقها طلقةً ثالثةً، فإنَّها تبينُ منه بينونةً كبرى، فتنقطع بينهما الحياةَ الزوجيةَ في الحالِ، ولا يجوزُ له إرجاعها أثناءَ العدةِ، ولا بعد العدةِ إلا بشروطٍ.
وقد بيَّنها الله -عزَّ وجلَّ- في قوله: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، وهذه الشروط هي:
- انتهاء فترة العدة
وتختلف العدة باختلافِ حال المرأة، فعدة الحامل تختلف عن عدةِ الحائل، وعدة ذواتِ الحيضِ تختلفُ عن عدةِ الصغيرةِ واليائسة، وفيما يأتي بيان تفاصيلِ ذلك:
- عدة الحامل؛ تنتهي عدةُ الحاملِ بمجردِ وضعِ الجنينِ، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
- عدة الحائل من ذوات الحيض؛ تعتدُّ المرأةُ غير الحامل إن كانت من ذواتِ الحيضِ بثلاثة قروءٍ، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ).
- عدة الصغيرة واليائسة؛ أمَّا إن كانت المرأة لا ترى الحيضَ، إمَّا لصغرِ سنِّها أو لكبرِ سنِّها، فإنَّها تعتدُّ ثلاثة أشهر؛ وذلك تطبيقاً لقول الله -تعالى-: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ).
- الزواج من رجلٍ آخر
من شروطِ حلِّ إرجاع المرأة لمن بانت منه بينونةً كبرى أن تتزوج من رجلٍ آخر، وأن يُفارقها هذا الزوجِ من وفاةٍ أو طلاقٍ، ومن غيرِ أن يكون هناك اتفاقٍ مسبقٍ بينهما، وهذا الشرط قد جاء صريحاً في قول الله -تعالى-: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ).
ولا يُكتفى بهذا الزواج أن يكون مجرد عقدٍ، بل لا بدَّ له من الدخولِ بها، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين سئل في الرجلِ حين تكون له المرأة فيطلقها، فيتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها، أترجع إلى الأول أم لا: (لا حتَّى يذوقَ العُسَيْلةَ).
- استئناف حياة جديدة
وحتى يستطيع الرجل إعادة من بانت منه بينونةً كبرى بعد زواجها من رجلٍ آخر ومفارقته لها بطلاقٍ أو وفاةٍ، فلا بدَّ على الزوج الأول من استئنافِ حياةٍ جديدة بينهما، ويكون ذلك من خلالِ إجراء عقدِ زواجٍ جديدٍ بينهما، يشتمل على مهرٍ جديد.