أبيات حكمة

قصيدة وليسَ لِمَنْ يَرْكَبِ الهَوْلَ بُغْية
يقول كعب بن زهير :
وليسَ لِمَنْ يَرْكَبِ الهَوْلَ بُغْية ٌ
- وليس لرحلٍ حطَّه الله حاملُ
 
 
إذا أنتَ لم تُقْصِرْ عن الجَهْلِ والخَنَا
- أصبتَ حليماً أو أصابكَ جاهلُ
 
 
قصيدة أرق على أرق
يقول المتنبي :
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ
- أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ
 
 
نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ
- جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا
 
 
أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
- كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
 
 
من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ
- حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ
 
 
خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا
- أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ
 
 
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ
- وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
 
 
وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ
- وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ
 
 
وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي
- مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ
 
 
حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ
- حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ
 
 
قصيدة كانَ لِنَفْسِي أَمَلٌ فانقَضَى
يقول أبو تمام :
كانَ لِنَفْسِي أَمَلٌ فانقَضَى
- فأصبحَ اليأْسُ لها مَعْرِضا
 
 
اسخطني دهريَ بعد الرضا
- وارتجَعَ العُرْفَ الذي قدْ مَضَى
 
 
لم يظلمِ الدهرُ ولكنّهُ
- أقرَضَنِي الإِحْسَانَ ثُمَّ اقتَضَى!
 
 
قصيدة إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً
يقول الإمام الشافعي :
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
- فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
 
 
فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ
- وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
 
 
فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ
- وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا
 
 
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعةً
- فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
 
 
ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ
- ويلقاهُ من بعدِ المودَّة بالجفا
 
 
وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
- وَيُظْهِرُ سِراً كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا
 
 
سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا
- صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَا
 
 
قصيدة لا تفرحنّ بفألٍ إن سمعت به
يقول أبو علاء المعري :
لا تفرَحنّ بفألٍ إنْ سمعتَ به
- ولا تَطَيّرْ إذا ما ناعِبٌ نعبا
 
 
فالخطبُ أفظعُ من سرّاءَ تأمُلها
- والأمرُ أيسرُ من أن تُضْمِرَ الرُّعُبا
 
 
إذا تفكّرتَ فكراً لا يمازِجُهُ
- فسادُ عقلٍ صحيحٍ هان ما صعبُا
 
 
فاللُّبُّ إن صَحّ أعطى النفس فَترتها
- حتى تموت، وسمّى جِدّها لَعبِا
 
 
وما الغواني الغوادي، في ملاعِبها
- إلاّ خيالاتُ وقتٍ، أشبهتْ لُعَبا
 
 
زيادَةُ الجِسمِ عَنّتْ جسمَ حامله
- إلى التّرابِ، وزادت حافراً تَعَبا
 
 
قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء
يقول الإمام الشافعي:
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
- وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
 
 
وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي
- فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
 
 
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً
- وشيمتكَ السماحة ُ و الوفاءُ
 
 
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا
- وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
 
 
تَسَتَّرْ بِ السَّخَاء فَكُلُّ عَيْب
- يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
 
 
ولا تر للأعادي قط ذلا
- فإن شماتة الأعدا بلاء
 
 
ولا ترجُ السماحة ََ من بخيلٍ
- فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
 
 
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
- وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ
 
 
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ
- ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ
 
 
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا
- فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ
 
 
وأرضُ الله واسعة ً ولكن
- إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاء
 
 
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ
- فما يغني عن الموت الدواءُ
 
 
قصيدة حكّم سيوفك في رقاب العذل
يقول عنترة بن شداد :
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل
- وإذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل
 
 
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً
- وإذا لقيت ذوي الجهالة ِ فاجهل
 
 
وإذا الجبانُ نهاكَ يوْمَ كريهة ٍ
- خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل
 
 
فاعْصِ مقالَتهُ ولا تَحْفلْ بها
- واقْدِمْ إذا حَقَّ اللِّقا في الأَوَّل
 
 
واختَرْ لِنَفْسِكَ منْزلاً تعْلو به
- أَوْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
 
 
فالموتُ لا يُنْجيكَ منْ آفاتِهِ
- حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
 
 
موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له
- منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
 
 
إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي
- فوق الثريا والسماكِ الأعزل
 
 
أو أنكرتْ فرسانُ عبس نسبتي
- فسنان رمحي والحسام يقرُّ لي
 
 
وبذابلي ومهندي نلتُ العلاَ
- لا بالقرابة ِ والعديدِ الأَجزل
 
 
ورميتُ مهري في العجاجِ فخاضهُ
- والنَّارُ تقْدحُ منْ شفار الأَنْصُل
 
 
خاضَ العجاجَ محجلاً حتى إذا
- شهدَ الوقعية َ عاد غير محجل
 
 
ولقد نكبت بني حريقة َ نكبة ً
- لما طعنتُ صميم قلب الأخيل
 
 
وقتلْتُ فارسَهُمْ ربيعة َ عَنْوَة ً
- والهيْذُبانَ وجابرَ بْنَ مُهلهل
 
 
وابنى ربيعة َ والحريسَ ومالكا
- والزّبْرِقانُ غدا طريحَ الجَنْدل
 
 
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها
- ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
 
 
الساق منها مثلُ ساق نعامة ٍ
- والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
 
 
والثغر من تحتِ اللثام كأنه
- برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
 
 
يا نازلين على الحِمَى ودِيارِهِ
- هَلاَّ رأيتُمْ في الدِّيار تَقَلْقُلي
 
 
قد طال عزُّكُم وذُلِّي في الهوَى
- ومن العَجائبِ عزُّكم وتذَلُّلي
 
 
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ
- بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
 
 
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم
- وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
 
 
قصيدة صحب الناس قبلنا ذا الزمانا
يقول المتنبي:
صَحِبَ النّاسُ قَبلَنا ذا الزّمَانَا
- وَعَنَاهُمْ مِن شأنِهِ مَا عَنَانَا
 
 
وَتَوَلّوْا بِغُصّةٍ كُلّهُمْ مِنْـ
- ـهُ وَإنْ سَرّ بَعْضَهُمْ أحْيَانَا
 
 
رُبّمَا تُحسِنُ الصّنيعَ لَيَالِيـ
- ـهِ وَلَكِنْ تُكَدّرُ الإحْسَانَا
 
 
وَكَأنّا لم يَرْضَ فينَا برَيْبِ الـ
- ـدّهْرِ حتى أعَانَهُ مَنْ أعَانَا
 
 
كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً
- رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا
 
 
وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ
- تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى
 
 
غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا
- كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا
 
 
وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ
- لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا
 
 
وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ
- فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا
 
 
كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في الأنـ
- ـفُسِ سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا
 
 
قصيدة ما تنظرون بحق وردة فيكم
قال طرفة بن العبد :
ما تَنظُرونَ بِحَقِّ وَردَةَ فيكُمُ
- صَغُرَ البَنونَ وَرَهطُ وَردَةَ غُيَّبُ
 
 
قَد يَبعَثُ الأَمرَ العَظيمَ صَغيرُهُ
- حَتّى تَظَلَّ لَهُ الدِماءُ تَصَبَّبُ
 
 
وَالظُلمُ فَرَّقَ بَينَ حَيَّي وائِلٍ
- بَكرٌ تُساقيها المَنايا تَغلِبُ
 
 
قَد يورِدُ الظُلمُ المُبَيَّنُ آجِناً
- مِلحاً يُخالَطُ بِالذُعافِ وَيُقشَبُ
 
 
وَقِرافُ مَن لا يَستَفيقُ دَعارَةً
- يُعدي كَما يُعدي الصَحيحَ الأَجرَبُ
 
 
وَالإِثمُ داءٌ لَيسَ يُرجى بُرؤُهُ
- وَالبِرُّ بُرءٌ لَيسَ فيهِ مَعطَبُ
 
 
وَالصِدقُ يَألَفُهُ الكَريمُ المُرتَجى
- وَالكِذبُ يَألَفَهُ الدَنيءُ الأَخيَبُ
 
 
وَلَقَد بَدا لِيَ أَنَّهُ سَيَغولُني
- ما غالَ عاداً وَالقُرونَ فَأَشعَبوا
 
 
أَدّوا الحُقوقَ تَفِر لَكُم أَعراضُكُم
- إِنَّ الكَريمَ إِذا يُحَرَّبُ يَغضَبُ
 
 
قصيدة إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
يقول السمؤال :
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
- فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
 
 
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
- فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
 
 
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا
- فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
 
 
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
- شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ
 
 
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
- عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
 
 
لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ
- مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ
 
 







