مدينة بودروم التركية
بودروم
مدينة بودروم (بالإنجليزية: Bodrum) مدينة تركيّة ساحليّة تقع في الجنوب الغربيّ من دولة تركيا ، في منطقة بحر إيجة التركيّة. تُعد بودروم من المدن الصّغيرة ولكنّها تستقطب السُيّاح من جميع أنحاء العالم بسبب جمال شُطآنها ومُناخها اللّطيف الذي يمتدّ لجميع أشهر السنة، بالإضافة إلى تاريخها العريق. تضُم بودروم ميناء بحري يربُطها بجزر بحر إيجة والبحر الأبيض المُتوسّط ، وتنطلق منه الرحلات البحريّة.
تتميّز مدينة بودروم ببيوتها ومبانيها البيضاء المحفورة داخل جبال خضراء خلابّة. من الألقاب التي تُطلق على المدينة لقب (لؤلؤة تركيا)، وكذلك لقب (المدينة التي لا تنام)؛ وذلك بسبب مَحلّاتها التي تعمل على مدار السّاعة. أظهرت إحصاءات عام 2016م أنّ تعداد بودروم السُكانيّ وصل إلى 37,813 نسمةً.
جغرافيّة بودروم
الموقع
تقع بودروم في الريفيرا التركيّة؛ أي الجنوب الغربيّ من دولة تركيا تحديداً على الساحل الجنوبيّ لشبه جزيرة بودروم، عند مدخل خليج جوكوفا الذي يقع في بحر إيجه. تقع بودروم في المنطقة المُقابلة لجزيرة كوس اليونانيّة. تبعُد مدينة بودروم 270كم إلى الجنوب من مدينة إزمير، وتبُعد عن العاصمة التركيّة إسطنبول مسافة 900كم، ويفصلها عن مطار ميلز الذي يقع في شمالها 30كم، وهو المطار الذي يربطها ببقيّة دول العالم. تمتد إحداثيّات المدينة بين خط طول ′2 °37 شمالاً، وخط عرض ′26 °27 شرقاً.
المُناخ
تتمتّع مدينة بودروم بمُناخ البحر الأبيض المُتوسّط الذي يتميّز بصيف دافئ وشتاء مُعتدل. شهر يوليو هو أكثر أشهر السّنة ارتفاعاً في الحرارة، حيث يصل مُتوسّط درجات الحرارة فيه إلى 28 درجةً سيليزيّةً، وهو كذلك أكثر الأشهر جفافاً؛ فلا تتساقط الأمطار فيه. أما أكثر الأشهر برودةً فهو شهر يناير، حيث يصل مُتوسّط درجات الحرارة فيه إلى 11.1 درجة سيليزيّة، ويشهد شهر يناير أعلى مُعدّل هطول مطريّ في السنة والذي يبلُغ 187ملم.
اقتصاد بودروم
منذ بداية تاريخ المدينة كانت بودروم تعتمد اعتماداً كُليّاً على الصيد والغوص كمصادر رئيسيّة لدفع عجلة اقتصادها، مُستغلةً بذلك موقعها البحريّ المُطل وشواطئها الغنيّة بالخيرات البحريّة. في بداية القرن العشرين، ومع التطوّر الهائل في وسائل الاتصال، انفتحت بودروم على العالم بشكل أوسع، ممّا أدّى إلى شهرتها عالميّاً بجمال طبيعتها ومياهها، وكانت النّتيجة توافد عدد كبير من السيّاح إلى المدينة بهدف الاستمتاع بالأجواء السّاحرة وطبيعة المدينة الخلابة. أصبح قطاع السياحة اليوم من أهمّ القطاعات الاقتصاديّة التي تعتمد عليها المدينة، وذلك بالاستناد على جمال شواطئها وشهرة مُنتجاتها الجلديّة التي تُباع في الأسواق وتُشكل مَصدر دخل جيّد للمدينة وتُجّارها، كما اشتهرت بودروم مُؤخّراً برياضة الغولف التي تجذب السُيّاح خصيصاً لمُمارستها في ملاعب مُخصّصة مَبيّنة في المدينة.
تاريخ بودروم
يعود تاريخ مدينة بودروم إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد حين كانت تُعرف المدينة باسم (هاليكارناسوس)، وتحتوي على آثار عديدة تعود إلى 5,000 عام، وأول حضارة قامت فيها هي مملكة كاريا، كما ذُكِرت المدينة في الأساطير الإغريقيّة القديمة، حيث يَذكر هومر أنّ سُكّان المدينة، الذين كانوا من الكاريا في ذلك الوقت، ساعدوا في الدفاع عن مدينة طروادة التاريخيّة. ولعل أكثر ما تشتهر به المدينة هو كونها مسقط رأس المؤرخ (هيرودوتس) المعروف بأبي التاريخ الذي وُلِدَ في المدينة في عام 484 قبل الميلاد. وقعت المدينة تحت احتلال الدوريّون في القرن السابع قبل الميلاد، ثم سكنها الكاريون والليليجيس. في القرن السادس قبل الميلاد وقعت المدينة تحت الحكم الفارسيّ الذي حكم المنطقة كاملةً.
من الشخصيّات الهامّة التي برزت في المدينة هي المُحاربة آرتميس التي ساهمت جهودها الحربيّة في المُحافظة على المنطقة وحفظ الاتّحاد الآسيوي الذي كان قائماً فيها، كما اشتُهِرَت آرتميس بموقفها القويّ الذي اكتسبت فيه لقب قائدة الأسطول البحري عام 480 قبل الميلاد في مواجهة رودس. وفي عهد آرتميس الثانية أقامت الملكة ضريحاً يُعرف باسم (ضريح موسولوس) تكريماً لذكرى زوجها الملك موسولوس، ووصل ارتفاع الضريح إلى 50 متراً الذي سُرعان ما أصبح هذا الضريح معلماً شهيراً جدّاً ومن أحد عجائب العالم القديم، لكنه دُمِّرَ نتيجة هزّة أرضيّة. عاشت المدينة عصراً ذهبيّاً عام 333 قبل الميلاد، حين كا عاصمة مملكة كاريا، واكتسبت المدينة شهرةً واسعةً بسبب مينائها، وبحرها، وتجارتها. زارها الإسكندر المقدوني الأكبر في عام 334 قبل الميلاد، واحتلّها ثم دمّرها.
في عام 192 قبل الميلاد وقعت المدينة تحت الحكم الرومانيّ، وفي 395م وقعت تحت حكم البيزنطيين، ثم في القرن الرابع عشر حكمها الأتراك. في عام 1402م قدِمَت إلى المدينة مجموعة من أتباع القديس يوحنا من القدس، الذين كانوا يبنون المُستشفيات ويُقدّمون الرعاية الصحيّة للمُغتربين ولأتباع الديانة الكاثولوكيّة، وعند وصولهم إلى بودروم أطلقوا عليها اسم (ميسي) وبدؤوا بجمع الحجارة التي يُمكن استخدامها من ضريح الملك موسولوس المهدوم للبدء في بناء قلعة في بداية القرن الرابع عشر. عند انتهائهم من البناء أطلقوا على القلعة اسم قلعة القديس بطرس، وأصبحت المكان الوحيد الذي يأوي أتباع المسيحيين من ضحايا الحروب الصليبية في المنطقة. تحوّلت القلعة اليوم إلى مَتحف تاريخيّ. في عام 1522م غادر الفرسان المدينة لتقع تحت الحكم العُثمانيّ .
السياحة في بودروم
تستقطب مدينة بودروم السُيّاح من جميع مناطق العالم، حيث تُعتبر السياحة إحدى الركائز الأساسيّة لمدينة بودروم، ومن أبرز معالم بودروم السياحية التي تحتوي على تاريخ عريق جداً، هي:
- ضريح موسولوس: هو أحد عجائب الدنيا السبع القديمة ، بنته الملكة آرتميس تخليداً لذكرى زوجها الملك موسولوس عام 353 قبل الميلاد. دُمِّرَت الضريح بهزّة أرضيّة ضربته، واستُخدِمت حجارته لبناء قلعة لاحقاً.
- بوابة ميندوس: هي إحدى البوابتين اللتين كانتا تُستخدما كبوابة لمدينة هاليكارناسوس قديماً، وكانت تتصل بسور المدينة. احتوت هذه البوابة على ثلاثة أبراج، دُمِّر أحدهما، وما زال برجين قائمين حتى الآن. يتألف بناء البرجين من أحجار مُربّعة كبيرة جدّاً.
- مدرج بودروم: يعود هذا المدرّج إلى القرن الرابع الميلادي، إلى العصر الهلنستي تحديداً، يتكوّن من مِنصّة، ومكان للأوركسترا، ومقاعد لجلوس الجمهور، تتسع لأكثر من 13,000 شخص.
- قلعة بودروم (قلعة القديس بطرس): قلعة تاريخيّة بناها فرسان رودس في القرن الخامس عشر الميلادي باستخدام بقايا الحجارة والصّخور من ضريح موسولوس. استُخدِمت القلعة لعدّة أغراض خلال القرون الماضية، فكانت سجناً، ومستشفىً، ومسجداً. أما اليوم فهي مَتحف تاريخيّ.
كما تُقام في مدينة بودروم العديد من المهرجانات السياحيّة والثقافيّة والفنّية، من أبرزها سباقات القوارب الخشبيّة التقليديّة التي تُقام في شهر أكتوبر من كل عام، ومهرجان الدرّاجات الذي يُقام في شهر مايو من كل عام. كما تُقام فعاليّات فنيّة عديدة، منها مهرجان تورجوتريس الدوليّ للموسيقا الذي يُقام في شهر يونيو. إلى جانب المَهرجانات، تُنظّم العديد من البازارات المفتوحة خلال أيام الأسبوع؛ حيث تُعرَض الأسماك الطّازجة، والفواكه والخضروات المحليّة، بالإضافة إلى الملابس والأقمشة، والحِرف اليدويّة.