مدينة المهدية في العهد الفاطمي
مدينة المهدية
تُلقّب مدينة المهدية بذات الهلالين، وهي المركز الإداري لولاية المهدية، وهي من المدن الساحلية في تونس، وتشغل حيزاً يمتد إلى 645كم² فوق الساحل الشرقي في قلب الجمهورية، وتصنّف المدينة على أنها برزخ يمتد إلى قلب البحر، لذلك فإنها تُحاط به من ثلاث جهات، وتتأثر بالمناخ المعتدل بحكم موقعها
تُدرج مدينة المهدية ضمن أجمل المدن على مستوى العالم العربي وحوض البحر المتوسط، ويعود الفضل الأول إلى موقعها الاستراتيجي على شواطئ البحر المتوسط، حتى أصبحت وجهة سياحية يتوافد إليها السياح من مختلف أنحاء العالم.
لمدينة المهدية مكانة تاريخية وثقافية عريقة في تاريخ تونس القديم، حتى ساهمت في تطوير القطاع السياحي بشكل كبير نظراً لثرائها بالمعالم التراثية والتاريخية والثقافية، بالإضافة إلى تفاوت في الأنشطة المساهمة في مواكبة التنمية في مختلف مراحلها، وتعد المدينة بمثابة دليل قطعي على تعاقب الحضارات فيها وتفاوتها.
تأسيس مدينة المهدية
يعود تاريخ تأسيس مدينة المهدية إلى سنة 912م، حيث أسسها أول خليفة فاطمي، وهو عبيد الله المهدي الذي هاجر إليها عقب تخلصه من حكم بني الأغلب في مدينة رُقادة، حيث قررّ الخليفة المهدي البحث ملياً عن عاصمة جديدة لدولتهم، فوقع الاختيار على مدينة المهدية بعد أن أسسها، وكانت هذه المنطقة قديماً تعرف برأس أفريقيا، وكانت حينها بمثابة شبه جزيرة منيعة لها موانئ قرطاجينية قديمة.
قررّ الخليفة إطلاق اسم المهدية عليها بعد أن استقر فيها، فرفع لها الأسوار، وهيأ لها ممراً محصناً بباب ضخم، وشيّد جامعاً كبيراً، وعدداً من محلات الحرفييّن والنساجين والحدادين.
مدينة المهدية في العهد الفاطمي
تُعّد المهدية العاصمة الثانية للدولة الفاطمية في إفريقيا،ووقع الاختيار عليها نظراً لما تتمتع به من موقع جغرافي مميز، فكانت بفضل إحاطة البحر بها من ثلاث جهات حصناً منيعاً متصدياً للغزوات الخارجية، وأصبحت فيما بعد مركزاً تجارياً في غاية الأهمية على مستوى الحوض المتوسط، ويعتبر تاريخ المدينة مجهولاً طيلة الفترة السابقة للدولة الفاطمية بالرغم من قيام عددٍ من الآثار الموجودة فيها، والتي تشير إلى أنها مأهولة بالسكان منذ الفترة البونية.
تعرضّت مدينة المهدية للدمار والتخريب، وانتشرت الفوضى فيها بعد خروج المعز لدين الله الفاطمي منها إلى العاصمة الجديدة، وهي مدينة القاهرة في مصر سنة 970م، حيث دأب الصهناجيون إلى الانتقام من الفاطمييّن بإرسال حملات تشنها القبائل الهلالية إليها، فعمّها الدمار والفوضى، وتعاقبت الحملات الاستعمارية ضدها من الأساطيل الأوروبية، وحُرقها الإسبان سنة 1555م.