متى يكون صيام يوم عاشوراء
وقت يوم عاشوراء وصيامه
عاشوراء هو اليوم العاشر من الشهر الهجريّ مُحرّم، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أمرَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بِصَومِ عاشوراءُ، يومُ العاشِرِ)، إذ يُستحبّ الصيام في شهر الله المُحرّم؛ لِما ثبت في الصحيح عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ)، ويسمّى شهر مُحرّم أيضاً بشهر عاشوراء؛ حيث يُسنّ صيام اليوم العاشر منه.
كما يتقرّب العبد من ربّه في شهر مُحرّم بالعديد من الطاعات والأعمال الصالحة؛ من الذِّكْر وتلاوة القرآن والصيام وغير ذلك، وتجدر الإشارة إلى أنّ شهر مُحرّم من الأشهر الحُرم التي ورد ذكرها في قَوْله تعالى: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ)، ويُفضّل من شهر الله المُحرّم اليوم العاشر منه ثمّ التاسع، ومن أدلّة استحباب صيام يوم عاشوراء؛ قَوْل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ، وَمَن أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ).
مراتب صيام يوم عاشوراء
صيام عاشوراء يكون على خمسة مراتب؛ وهي:
- المرتبة الأولى: صيام التاسع والعاشر، وهو ما اتّفق عليه العلماء.
- المرتبة الثانية: صيام العاشر والحادي عشر، وبذلك قال الشافعيّة، وبعض المالكيّة.
- المرتبة الثالثة: صيام يوم عاشوراء فقط، وبذلك قال بعض الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة، وما اختاره ابن تيمية رحمه الله.
- المرتبة الرابعة: صيام يومٍ قبل أو بعد عاشوراء، ويُفضّل قبله، وذلك ما ذهب إليه بعض الحنفيّة وابن القيّم؛ استدلالًا بقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ).
- المرتبة الخامسة: صيام التاسع والعاشر والحادي عشر، وذلك الأفضل.
فَضْل صيام يوم عاشوراء
وردت العديد من الأحاديث والآثار التي تبيّن فَضْل صيام يوم عاشوراء، منها: ما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال في أجر صيام عاشوراء: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ)، وقال الإمام البيهقي تعليقاً على الحديث السابق: "وهذا فيمَن صادف صومه وله سيئاتٍ يحتاج إلى ما يكفِّرها؛ فإن صادف صومه وقد كُفِّرت سيئاته بغيره انقلبت زيادةً في درجاته، وبالله التوفيق"، فصوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ويترتب عليه فَضْلٌ عظيمٌ عند الله -عزّ وجلّ-.
ومن فَضْل صيام عاشوراء أيضاً أنّه سُنّةٌ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ كان يصومه ويأمر بصيامه، كما ثبت في صحيح الإمام البخاريّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (ما رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَتَحَرَّى صِيَامَ يَومٍ فَضَّلَهُ علَى غيرِهِ إلَّا هذا اليَومَ، يَومَ عَاشُورَاءَ، وهذا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ).
هل صيام يوم عاشوراء يكفّر الصغائر والكبائر
وتجدر الإشارة إلى أنّ تكفير الذُّنوب المترتّب على صيام يوم عاشوراء الوارد في الحديث السابق، يُراد به تكفير الصغائر من الذُّنوب، أمّا الكبائر فلا تكفّر بصيام عاشوراء، إذ إنّ تكفيرها يكون بالتوبة النَّصوح إلى الله -تعالى-.
ودليل ما سبق ما ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه عنه الحارث بن ربعي ممّا أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه، إذ قال: (وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ)، ويعاضد ما سَبق أيضاً؛ ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ).
وقد بيّن ابن تيمية -رحمه الله- المُراد بتكفير الذُّنوب بصيام يوم عاشوراء قائلًا: "صحّ عنه -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: صيام يوم عرفة يُكفّر سنَتين، وصيام يوم عاشوراء يُكفّر سنةً، لكنّ إطلاق القول بأنّه يكفِّر، لا يُوجب أن يُكفّر الكبائر بلا توبةٍ؛ فإنّه -صلّى الله عليه وسلّم- قال في الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان: كفارةٌ لِما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر؛ ومعلومٌ أنّ الصلاة هي أفضل من الصيام، وصيام رمضان أعظم من صيام يوم عرفةٍ، ولا يُكفّر السيئات إلّا باجتناب الكبائر، كما قيّده النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فكيف يُظنّ أنّ صوم يومٍ أو يومين تطوّعاً يُكفّر الزِّنا، والسرقة، وشرب الخمر، والميسر، والسِّحر، ونحوه؟ فهذا لا يكون".
بينما قال الشنقيطيّ -رحمه الله- بأنّ صيام يوم عاشوراء يُكفّر كافّة الذُّنوب؛ الصغائر منها والكبائر، عَمْلًا بظاهر الأحاديث النبويّة؛ إذ إنّ الأصل العَمْل بالمُطلق وعدم تقييده، إلّا بالنصّ إن ورد.
يوم عاشوراء هو أحد الأيّام التي لها مزيّة خاصّة لدى المسلمين، وعاشوارء هو اليوم العاشر من شهر محرم؛ وهو من الأشهر التي يستحب فيها الصيام وسائر الطاعات، ولصيام يوم عرفة أجر عظيم؛ ففيه تكفير للذنوب لسنة كاملة، واتباع لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.