مبطلات الصوم التي توجب الكفارة
وجوب الكفارة على ممارسة الصائم الجماع عمداً
اتفق جمهور الفقهاء على وجوب دفع الكفارة للرجل الذي يجامع زوجته عامداً مختاراً لذلك أثناء أدائه لعبادة صيام رمضان، واحتجوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- إذ قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، هَلَكْتُ).
(قَال: مالك؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَل تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لاَ. قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لاَ، قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لاَ)، إلى آخر الحديث.
كما اتفقوا على أن صيام زوجته قد فسد بالجماع؛ لأنَّ الجماع نوع من أنواع المفطرات ، الذي يستوي فيه الرجل مع المرأة، ولكن تعددت أقوالهم في وجوب الكفارة عليها، بحسب ما سيأتي من تفصيل:
- تجب عليها الكفارة
وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية، وقولٌ لطائفة من الشافعية والحنابلة؛ لأنها أيضاً ارتكبت جناية هتك حرمة صوم رمضان بمفطِّر الجماع كالرجل.
- لا كفارة عليها
وهو المعتمد عند الشافعية ورواية عن أحمد بن حنبل؛ لأن النبي -في الحديث الذي سبق بيانه، أمرَ الزوج أن يدفع كفارة الجماع ، ولم يأمر زوجته بشيء، وأيضاً لأن الجماع فِعلٌ للزوج، بينما الزوجة مكان لوقوع فِعل الزوج.
- تجب الكفارة عنها
ولكن يدفعها الزوج: وهذا في قول آخر للشافعية.
- عليها كفارة إذا كانت راضية بذلك
وليس عليها إذا أجبرها الزوج، أو كانت نائمة: وهذا رأي ابن عقيل الحنبلي.
ووجب التنويه ولفت النظر: إلى أنه يُفضَّل في القضايا الخلافية سؤال مفتي البلد التي يسكنها المستفتي؛ إن كان مِن غير المختصين بالعلم الشرعي؛ لأنَّ مذهب العامي هو مذهب مفتي بلده.
وجوب الكفارة على تناول الصائم الطعام والشراب عمداً
تعددت آراء الفقهاء في وجوب الكفارة على من أكل وشرب عمداً أثناء أدائه لعبادة صيام رمضان بلا إكراه ولا خطأ ولا نسيان، بحسب التفصيل الآتي:
- تجب الكفارة بسبب وصول ما فيه صلاح بدنه للجوف
من الأشياء التي تؤكل عادةً إذا قصَدَ مؤدي الصيام التغذِّي أو التداوي أو التلذذ، وإنْ لم يكن فيه صلاح البدن؛ إلا إذا طرأ ما يوجب إعذاره كالمرض والحيض، وهذا رأي الحنفية والمالكية، بخلافٍ في بعض التفصيلات الفرعية بين المذهبين، وداخل المذهب الواحد.
- لا تجب الكفارة على مَن أكلِ أو شرب والذي يؤدي عبادة صوم رمضان عمداً بلا إكراه
مع التأكيد بأنه قد ارتكب كبيرة عظيمة ؛ لأن الدليل في الحديث السابق لم ينص على إيجاب الكفارة بالأكل والشرب، ولا يوجد إجماع بين الفقهاء على ذلك، كما لا يصح قياسه على الجماع؛ لأن الحاجة إلى الزجر عن المفطرين بسبب الأكل أمَسّ مِن حاجة المجامعين لزوجاتهم، وتكرار الناس لفِعله أكثر، وهذا رأي الشافعية والحنابلة.
وجوب الكفارة على إبطال الصائم نية صيامه
وهذا القول عند المالكية فقط، وكان للجمهور فيه رأي آخر؛ فقد أوجب معظمهم القضاء فقط، وبحسب قول المالكية تجب الكفارة في حالتين بحسب التفصيل الآتي:
- إذا عزم الصائم أثناء أدائه لعبادة الصيام في نهار رمضان رفعَ النية مُصرَّاً على ذلك، واعيًا له غير مهدِّدٍ ولا مازح، كأن يقول: "رفعت نية صومي".
- إذا عقد النية قبل الفجر بأن يكون غير ناوٍ للصوم في النهار بلا عذر شرعي للإفطار .