مبادئ الفلسفة البراجماتية
مبادئ الفلسفة البراجماتية
تعد الفلسفة البراجماتية من التيارات الفلسفية المعاصرة، وذاع صيتها في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها ما يأتي:
قياس نجاح الفكرة بنتائجها
فلا توجد حقيقة خارجية يتم الاتفاق عليها، وإنما معيار الحقيقة هو المنفعة المتحصلة منها، وقياس هذه المنفعة يحتاج لاختبار، فإذا أثبتت الفكرة أنها أنتجت منافع كانت حقيقة، وإذا لم تنتج منافع بعد الاختبار لم تكن حقيقة؛ ولذلك يلاحظ أن الفلسفة البراجماتية تقترب من التيار التجريبي في الفلسفة الحديثة ، إلا أنه توجد فروقات واضحة بينهما.
تجدر الإشارة إلى أن الفلسفة البراجماتية اتخذت من المنهج التجريبي أداة للوصول إلى الحقيقة، واختلفت مع التيار العقلاني حول دور العقل والتأمل في المعرفة، وأقرت بالفرضية كخطوة في المنهج التجريبي، والفرضية تحتاج إلى اختبار كي تصبح نظرية؛ ولذلك يمكن القول إن الفلسفة البراجماتية أقرب إلى التيار التجريبي من التيار العقلاني؛ فالحقيقة بالنسبة لها هي وليدة التفاعل الإنساني مع البيئة.
وجهت انتقادات لهذا الرأي على اعتبار أنه يتماشى مع ما ذهب إليه السفسطائيون من ذاتية المعرفة، والمبدأ القائل إن الإنسان مقياس للأشياء، إلا أن الرد كان بأن المقياس لا يكون فوضويًا، بل يتعرض لاختبارات اجتماعية وعلمية، ولا يقف عند حدود الإنسان كشخص وحده.
ابتعادها عن التأملات الميتافيزيقية الخالصة
فالبراجماتية تعد من التيارات المناهضة للتأملات الفلسفية المحضة، وذلك لأن الحقائق فيها ثابتة بينما الحقائق بالنسبة للفلاسفة البراجماتيين نامية وليست ثابتة، فتتغير تبعًا لتغير المنافع، وبذلك وجه الفلاسفة انتقادات إلى الفلسفة البراجماتية لانعدام وجود معيار يمكن الاتفاق عليه، فالمنفعة تختلف من شخص إلى آخر ولا يمكن الاعتماد عليها كمرجعية نهائية.
إلا أن الفلاسفة البراجماتيين طوروا على أساليب البحث الفلسفي البراجماتي، وقدموا إجابة على هذا السؤال فقالوا إن المنفعة تأخذ الطابع الجماعي، فالفكرة تكون حقيقية كلما زاد عدد المنتفعين منها، وبذلك يمكن ملاحظة التطورات المستحدثة على الفكر البراجماتي، فهي فلسفة تتطور وتواكب التغيرات.
المعرفة البراجماتية
أنكر الفلاسفة البراجماتيون كل فكرة قبلية، وفي هذا إشارة إلى رفض النتائج التي توصل إليها الفلاسفة العقلانيون ، والتيار الكانطي، فالمعرفة بالنسبة لهم تعتمد على أفكار قبلية، أطلق عليها ديكارت الأفكار الفطرية، وأطلق عليها كانط المقولات.
تجدر الإشارة إلى أن صياغة نظرية حول طريقة تشكل المعرفة لم تكن من القضايا الرئيسية في الفلسفة البراجماتية، إذ نادوا بضرورة التخلي عنها كنظرية فلسفية، فقالوا إنه بدلًا من الانشغال بصياغة نظريات في طرق تحصيل المعارف يجدر بالإنسان أن يسعى إلى تحقيق قيم اجتماعية مفيدة وعملية تساعد في تحسين حياة الإنسان.
تحولت المعرفة من تأملات محضة إلى أنشطة إنسانية، وبهذا يكون للمعرفة جانب تطبيقي، فالمعارف تنبع من التجارب والخبرة، والاختبارات، وقيمة المعرفة لا تكون إلا من خلال توظيفها في التخفيف من معاناة الإنسان، وتحقيق سعادته.
القيم
يعد مبحث القيم من المباحث الفلسفية الرئيسية، والفلسفة البراجماتية من الفلسفات التي شملت نظرياتها مختلف مباحث الفلسفة، والقيم بالنسبة للفلسفة البراجماتية لا تتميز بالثبات، كما أنها ليست نهائية، إنما ترتبط بالوجود الاجتماعي، وترتبط بالواقع، وتساعد على تقدم المجتمع دون الإغراق في الفلسفة المثالية، فلا وجود لقيم مثالية في المجتمعات البراجماتية، وصنف الفلاسفة البراجماتيون القيم إلى عدة أصناف، منها ما يأتي:
- القيم الاجتماعية .
- القيم الأخلاقية.
- القيم الجمالية.
- القيم الدينية، وهذه إضافة لاعتبار القيم الدينية مفيدة بالنسبة لهم، وتساهم في رفعة الإنسانية وتقدمها، ولا يمكن إقصاء الدين من حياة الإنسان المعاصر.
أما نشأة المجتمعات البراجماتية فتزامنت مع صعود النظام الرأسمالي العالمي، وتتماشى مع نمط الثقافة الخاص به، وانتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية.
الفلسفة البراجماتية والتربية
قدم الفلاسفة البراجماتيون نظريات تربوية ذات منطلق براجماتي، ومن أهم هؤلاء الفيلسوف جون ديوي، وبالنسبة له إن الهدف الرئيسي للمنظومة التربوية هو مساعدة الفرد على النمو والتعلم، والتكيف مع البيئة المحيطة به، وهذا الأمر يكون بالتدرج، ويتطور مع الإنسان، ويمكن تلخيص النظرية البراجماتية في التربية في النقاط الآتية:
- ضرورة تربية الفرد ونموه بشكل متكامل من ناحية الخصائص الشخصية والجسدية والنفسية.
- تكيف الإنسان مع البيئة المحيطة به، وتزويده بالخبرات اللازمة لذلك.
- إعداد الطفل وفقًا لخطة واضحة الأهداف والمعالم، ويؤخذ بعين الاعتبار مستقبه أكاديميًا، وعائليًا، وثقافيًا، وصحيًا.
- سعي الفلسفة التربوية البراجماتية إلى إكساب الفرد بالمعارف اللازمة لإدارة شؤون حياته، وتعود عليه بالنفع مستقبلًا.