ماذا يحدث في النفخة الأولى؟
ماذا يحدث بعد النفخة الأولى؟
تحدّثت كثيرٌ من آيات القرآن الكريم عمّا يحصل عند النفخة الأولى في الصور كقوله -تعالى- في الآيات الأولى من سورة التكوير: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ* وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ* وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ* وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ* وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ)،وفي بداية سورة الواقعة: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ* لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ* خَافِضَةٌ رَافِعَة* إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا* وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا* فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا)، ومعنى بُسّت الجبال أي: فتّتت، ومن الآيات كذلك التي تذكر ما يكون بعد نفخة الصعق قوله -تعالى-: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)، والسجل هو جلدة الكتاب وما داخلها،فتجري بعد نفخة الصعق تغييراتٌ وانقلابٌ في العوالم؛ فترتجف الأراضين وتكوّر الشمس، ويُخسف القمر، وتتناثر الكواكب، وتُدكُّ الجبال، ويُسوّى عاليها بسافلها، ثم تنبت أجساد الناس بعد أن ينزل الله -عزّ وجلّ- مطرًا، ثم يُنفخ في الصور نفخة البعث.
النفخة الأولى
تعد النفخة الأولى في الصور مقدِّمةً لأحداث يوم القيامة وإحدى أهواله، وهو حدثٌ جليلٌ يأتي على حين غفلةٍ من الناس، يقول الله -تعالى-: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)،والمقصود بالصور؛ هو بوقٌ يحمله الملك المكلّف بالنفخ -وهو إسرافيل- والبوق معه منذ خلقه الله -عزّ وجلّ-، فينفخ فيه النفخة الأولى، وتسمّى نفخة الصعق، فيموت ويصعق كلّ من في السموات والأرضين،وقد حثّنا النبيّ الكريم على العمل استعدادًا للساعة والسعي لكثرة الطاعات والقربات، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (كيفَ أنعَمُ وقدِ التقَمَ صاحبُ القرنِ القرنَ وحنَى جبهتَهُ وأصغى سمعَهُ ينتَظِرُ أن يؤمَرَ أن ينفخَ فينفخ قالَ المسلمونَ: فَكَيفَ نقولُ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: قولوا حَسبُنا اللَّهُ ونعمَ الوَكيلُ توَكَّلنا على اللَّهِ).
الاستثناء من الصعق
تعدّدت آراء علماء التفسير في من المقصود في قوله -تعالى-: (إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ)؛ فقال بعض العلماء أنّ المقصودين بالاستثناء هم ملائكة الرحمن جبريل، والنافخ في الصور إسرافيل وميكائيل بالإضافة لملك الموت ، وقد صحّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (لا تُخَيِّرُونِي علَى مُوسَى؛ فإنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، فأَصْعَقُ معهُمْ، فأكُونُ أوَّلَ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ العَرْشِ، فلا أدْرِي أكانَ فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي، أوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ)،وفي الحديث يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه لا يدري، ومن باب أولى فإنّ السلف والعلماء من أمّته لا يدرون، ولا يمكن الجزم بمعرفة من هم المستثنون من الموت في النفخة الأولى.