ما يستفاد من سورة البلد
بيان عظم مكانة مكة المكرمة
يقول الله -تبارك وتعالى-: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ)، ففي هذه الآية يقسم الله -تبارك وتعالى- بالبلد وهي مكة المكرمة ، وفي هذا تعظيماً لمكانتها، فهي بلد سيدنا إسماعيل ورسولنا محمّد -عليهما الصّلاة والسّلام-، وإليها يحجّ ويتّجه المسلمون من كل بقاع الأرض لأداء فريضة الحج، وهي أرض محرّمة.
الإخبار عن حال الإنسان في الدنيا
الإنسان كما أخبرنا الله -تبارك وتعالى- مخلوق في كبد ومشقة، وهذا يعني أنّ الإنسان سيُلاقي في حياته الكثير من المتاعب والمشاق، وعلى المسلم أن يتحلّى بالصّبر ؛ لينال رضى الله -تبارك وتعالى-، يقول الله -تبارك وتعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ).
هدم التصورات والعقائد الباطلة
يقول الله -تبارك وتعالى-: (أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ* يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً* أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ)، حيث يعتقد الإنسان أنّه فوق كل شىء ولا أحد يقدر عليه، كما أنّه ينفق الكثير من المال في غير موضعه، فيسرف ويرائي ويتفاخر.
فجاءت هذه الآيات الكريمات؛ تبيّن أن هذه كلها معتقدات خاطئة وأنّ الله -تبارك وتعالى- عالم به مطّلع على جميع أقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته، وسوف يسأله عن ماله من أين كسبه، وفيما أنفقه، وأنّ الله -تبارك وتعالى- عالم كل نفس ما أخفت وما أعلنت.
الامتنان على الإنسان بنعم الله عليه
يقول الله -تبارك وتعالى-: (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ)، في هذه الآيات يمتنّ الله -تبارك وتعالى- على عبادة، فذكر بعض ما أنعم به -سبحانه- علينا، ومن ذلك أن خلق لنا العينين نبصر بها، وتزيّن وجوهنا، واللّسان الذي فيه نعبّر عمّا يجول في خاطرنا، ويمكّننا من تذوق الأطعمة بكل أنواعها، والشفتين جمالاً للوجه، وتعين في نطق الكلام على الصورة الصحيحة.
بيان قدرة الإنسان على اختيار الخير أو الشر
يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، في هذه الآية الكريمة يمتن الله -تبارك وتعالى- على الإنسان بأن جعل له الإرادة في اختيار مسار حياته وأعماله، إمّا طريق الخير وإمّا طريق الشر، وأن منحه الفطرة السليمة والعقل بحيث يستطيع التمييز بين الطريقين، فالإنسان ليس مسيراً في أفعاله وأقواله بل يختار ما أراد من خير أو شر، وهو بذلك يكون مكلّف؛ فيُجازَى عن الخير، ويُحاسَب عن الشر.
ذكر بعض الأعمال المؤدية للنجاة والفلاح
يقول الله -تبارك وتعالى-: (فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ)، ومن تمام نعم الله -تبارك وتعالى- على الإنسان أن أرشده إلى سبيل النجاة من النار والفوز بالجنّات.
ومن الأعمال التي تؤدي للنجاة والفوز بجنّات النعيم ما يأتي:
- فكّ رقبة؛ والمقصود إعتاق رقبة مملوكة وتحريرها.
- إطعام المساكين والمحتاجين في أيّام عسرتهم، سواء أكانوا من ذوي القربى، أو غيرهم ممن اشتدت بهم الحاجة.
- أن يكون المسلم ممّن عمل فأخلص لله -تبارك وتعالى-، فالإخلاص في الإيمان هو أساس كل خير.
- أن يكون المسلم من الصّابرين، فلا يتذمّر ولا يعترض، بل يقابل قدر الله بقلب صبور، وجوارح شاكرة.
- أن يحرص المسلم على أن يكون رحيماً بنفسه وغيره، فالرحمة من أعظم ثمرات الإيمان .
كما بيّن الله -تبارك وتعالى- أنّ من كذب بآيته -سبحانه- ولم يؤمن بأنّ مصيره نار جهنم خالداً فيها، وتدلّنا الآيات الكريمات على بعض الأعمال التي تؤدي إلى نار جهنم -والعياذ بالله-، ومنها:
- إذا اعتقد الإنسان أن لن يقدر على أحد، وأنّه غير مكلف.
- من كان كاذباً منافقاً، فيدعي الإنفاق ولا ينفق، ولا يساعد المحتاجين.
- إذا كان الإنسان من القانطين، غير صابر على قدر الله -تبارك وتعالى-.