ما هي معجزات عيسى عليه السلام
معجزات عيسى عليه السلام
ولادة النبي عيسى دون أب
كانت ولادة عيسى -عليه السلام- بنفخ جبريل -عليه السلام- بأمرٍ من الله -تعالى- في جيب قميص أُمه مريم، فحملت به من غير زوج ، ووُلد من غير أب، وجاءت العديد من الآيات على ذكر حمله وولادته، كقوله -تعالى- على لسان أمّ عيسى مريم: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون)، فكان حمله من غير أب من المعجزات، وذلك لأن هذا الأمر من خوارق العادات.
ولما حملت به مريم أمرها الله بهزّ جذع النخلة؛ ليسقط عليها رُطباً جنياً، وعندما جاءها المخاض وتَحَرّك الولد في بطنها؛ استترت بجذع النخلة، ثُمّ ولدت ابنها عيسى -عليه السلام- ، وذكر الله ذلك بقوله: (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا* فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا* وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا).
وتعجّبت مريم في البداية ولادتها من غير زوج، فأخبرها جبريل -عليه السلام- أن هذا أمر الله، وهو عليه سهلٌ وهين، وليكون ذلك مُعجزةً له، ولما جاءت بمولودها إلى قومها؛ تعجّبوا من أمرها واتّهموها بسوء، وكانت ولادته من الأمور الخارقة لعادات الناس، حيثُ إن الولد والتكاثر يكون باجتماع الذكر مع الأنثى، وبيّن الله أن ولادة عيسى -عليه السلام- من غير أب من الأمور الهيّنة عليه، وإذا أراد أمراً فإنما يقول له كُن فيكون.
تكلّم عيسى عليه السلام في المهد
أيّد الله -تعالى- نبيّه عيسى بمعجزة التكلُم في المهد؛ أي في الصِّغر، وذلك لتبرئه أمّه، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم: (قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا* وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُ وَيَومَ أَموتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيًّا)، و كانت هذه المُعجزة على خلاف العادة ؛ فلا يُمكنُ للرضيع أن يتكلم في رضاعه.
فالمهد هو منام الطفل، والرضيع لا يُتصور منه الكلام، فبيّن الله أنه يتكلم في رضاعه كما يتكلم في الشباب المُتكهلين، وكانت الحكمة من تكليمه في الصغر؛ إثبات براءة والدته مما اتّهمهُ به قومها، ونعمة منّ الله -تعالى- بها عليه، فتكلم واعترف في صغره بالعُبوديّة والرُبوبيّة لله -تعالى-، ونفى عن نفسه أنّه ابنٌ لله -تعالى-، واعترف أنه مُجردُ عبدٌ لله ورسولٌ منه.
إنزال مائدة من السماء لعيسى عليه السلام وصحبه
أيدّ الله -تعالى- نبيه عيسى -عليه السلام- وأتباعه من الحواريين بإنزال المائدة عليهم من السماء؛ وذلك لتكون عيداً لأولهم وآخرهم، وكان السبب في إنزالها؛ أن قومه طلبوا منه أن يسأل ربه أن يُنزل عليهم مائدةً من السماء، وذكر الله -تعالى- هذه المُعجزة في القُران في سورة المائدة.
قال الله -تعالى- في سورة المائدة : (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ* قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، وقيل: إن المقصود بالمائدة هو الطعام الكثير من الله -تعالى- ورِزْقهم إيّاه من غير ما يحتسبون.
وقد طلب منهم عيسى -عليه السلام- بأن يتقوا الله في طلبهم هذا، فأخبروه أنهم يُريدونها من باب اليقين بصدقه، والشهادة لله بالتوحيد والنُبوة، ونُقل عن بعض الصحابة كابن عباس وسلمان الفارسيّ -رضي الله عنهما- أن إنزال المائدة كان بعد أن طلب عيسى منهم أن يصوموا ثلاثين يوماً، فطلبوا منه إنزال المائدة؛ للأكل منها، ولتطمئن قُلوبهم، ولتكون لهم عيداً وقبولاً لعملهم، فطلب منهم نبيهم أن يخافوا الله بأن لا يؤدوا شُكرها.
فأصروا عليه بسؤال ربه أن يُنزل عليهم المائدة، ثُمّ دعا الله أن يُعطيهم ما يُريدون، فأخبرهم بإجابة الله لطلبهم، ولكن ذلك مقرونٌ بالتهديد منه بتعذيب من يكفُر بعد إنزالها.
رفع النبي عيسى عليه السلام إلى السماء
حاول بنو إسرائيل قتل نبيهم عيسى -عليه السلام-، فأخبر الله أنهم لم يقتلوه ولم يصلبوه، بل ألقى الشبه على أحدٍ منهم، ورفع نبيّه عيسى إلى السماء ، وألقى الله الشبه على الرجل الذي دلّ عليه، فأمسكوا به وقتلوه وصلبوه ظناً منهم أنه عيسى -عليه السلام-، فردّ الله مكرهم عليهم.
وقيل: إن عيسى كان مع حوارييه وأتباعه، فنافق أحدهم ودلّ أعداءه عليه، فألقى الله الشبه على ذاك الرجل، ورفع عيسى إلى السماء، فأخذوا المُنافق أو الشبيه وقتلوه وصلبوه.،
وقد رفع الله عيسى إلى السماء بروحه وجسده، ورآه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في ليلة الإسراء في السماء الثانية، وكان هذا الرفع بعد التآمر عليه لقتله والتخلُص منه، وذكر الله جُزءاً من ذلك في قوله: (إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
معجزات أخرى لعيسى عليه السلام
توجد العديد من المُعجزات التي أيّد الله -تعالى- بها نبيّه عيسى -عليه السلام-، وخاصةً أن زمانه طغت فيه المادة على الروح، وكانت مُعجزاتهُ مُرتبطة بالزمان والمكان، وانتهت بموته، وهي كما يأتي:
- إحيائه لِعدد من الموتى.
- القُدرة على الصناعة من الطين كهيئة الطير ثُمّ النفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وشفاء الأعمى والأبرص،
- إخباره بما يأكل قومه من الطعام وما يدخرونه في بيوتهم.
وورت هذه المعجزات في قوله -تعالى-: (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).