ما هي قصة ذي القرنين
من هو ذو القرنين
من أعظم القصص التي ذكرت في القرآن الكريم هي قصة ذو القرنين في سورة الكهف، والتي تبدأ قصتها من آية (83 إلى 98)، وهذا الشخص اسمه ذو القرنين الذي عرف بأنّهُ ملك عادل.
وهو الذي بنى السد على يأجوج ومأجوج ليدفع به الأذى الذي كان يأتي منهم، وسمي بهذا الاسم ليس لوجود قرنين أو ما شابه، وقيل: وصف بذلك لوجود ضربتين في رأسه واحدة يمينه والأخرى يساره.
وقيل: لأنه ملك الرُّوم وفارس، وقيل: لأنه دخل النور والظلمة، وقيل: لأنه رأى في المنام كأنه أخذ بقرني الشَّمس، وقد اختلف العلماء على التحديد الحقيقي والشخصي لذو القرنين فمنهم من حدّد هويته بأنّهُ: الإسكندر الأكبر، أو كورش الكبير، أو إخناتون الفرعون المصري، فهو غير معروف الهوية بالتحديد -والله أعلم-.
قصته في سورة الكهف
يقول -تعالى- في كتابه العزيز: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا* إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا* فَأَتْبَعَ سَبَبًا* حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا* قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا).
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا* ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا* حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا* كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا* ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا* حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا* قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا).
(قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا* آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا ۖ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا* فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا* قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا).
ويتضح من الآيات الكريمة ورود عدد من القصص لذي القرنين، نذكر منها:
قصته مع أمة في مغرب الشمس
وهي أمة من الأمم الأرض العظيمة، وكان الله قد مكنه فيهم، وحكمه فيهم، وأظفره عليهم، وخيره بين أن يقتل ويسبي، أو يمن ويفدي، فاختار الدعوة بالحسنى أولاً، لكن الذي لا يستجيب سيكون مصيره القتل، وهذا يدل على أن ذا القرنين كان ملكًا، عادلاً، صالحًا، مؤمنًا بالبعث والحساب والجزاء، وأنه يعرف بأن القضية عند الله في النهاية عذاب أو نعيم.
قصته مع قوم عند مطلع الشمس
قوم بدائيون جداً ما عندهم لا بيوت تقيهم من الشمس، ولا ملابس، عراة، وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترًا، فليس عندهم أي تمدن، لا يعرفون البيوت، ولا صناعة الملابس، وقد أطلعه الله عليهم حتى يعلم أنه لا يخفى على المولى -سبحانه- علمًا بالخلق وأحوالهم، والناس الموجودين هناك، والأمم، وأنواع البشر.
قصته مع قوم يأجوج ومأجوج
من بعد ما انتهى ذو القرنين من أهل الشرق أكمل طريقهُ حتى وصل إلى قوم يعيشون بين جبلين أو سدين وبينهما فجوة، وكانوا يتكلمون بلغة غريبة غير مفهومة، وعندما وصل إليهم وجدوه حاكماً أتاه الله القوّة؛ فطلبوا منه المساعدة ليجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سداً مقابل مبلغ من المال؛ فوافق الملك أن يجعل بينهم سداً ولكنّه لم يرضى أن يأخذ المال وزهد عنهُ.
وقد استخدم ذو القرنين هندسة رائعة في بناء السد؛ فقد قام بجمع الحديد ووضعها في الفتحة؛ حتى تساوت مع قمة الجبلين، وأوقد النار عليها، ومن ثم سكب عليه النحاس المذاب؛ حتى يصبح أكثر صلابة وقوّة، فسدّ الفجوة ومنع الطريق عن قوم يأجوج ومأجوج.
الفائدة من القصة
رغم قوّة حكم ذو القرنين وما أعطاه الله من الحكمة، وقوّة وعزّة لم يسكن قلبه الغرور، فقد جال الشرق والغرب، وحكم العالم بحكمهِ العادل ولم تأخذه العزة بالإثم، كما ويظهر لنا أن الحاكم الصالح باستطاعتهِ التغيير للأحسن لقومهِ وشعبهِ.
وهو رغم الفتوحات التي فتحها، وحكمه الشاسع لم يكن هدفه منها الجمع المادي؛ بل الدعوة إلى الله ورفع الظلم، ويظهر ذلك من عدم استغلاله للأشخاص والجماعات التي كان يمر بهم ويساعدهم. وهذه قصة يجب أن يتّعظ منها الحكام، ومن لديه السلطة سواء كان في عمله، أو في بيته، أو مهما كانت سلطته؛ فالرفق والرحمة، والتواضع من صفات العظماء.