ما هي صغائر وكبائر الذنوب
تعريف صغائر الذنوب وكبائرها
الذّنوب هي ترك ما أمر الله -تعالى- به من أوامر، وفعل ما حذّر منه -سبحانه- ممّا جاء الأمر بفعله أو النّهي عن تركه في الأحكام الشرعيّة، سواءً كان قولاً أو فعلاً، ظاهراً كان أو باطناً، وتُقسَم الذّنوب في الإسلام إلى قسمين؛ صغائر وكبائر، ولكلٍّ منهما مفهوم خاصّ كالآتي:
- كبائِر الذّنوب: كلّ ذنب مقترن بوَعيد شديد، أو بعذاب، أو غضب، أو لعنة، أو دخول نار جهنّم.
- صغائِر الذّنوب: كلّ ذنب عدا الكبائر؛ بمعنى أنّه لم يقترن بوعيد شديد، أو عذاب، أو دخول النار، وتُعرَّف صغائر الذنوب أيضاً بأنّها ما دون الحدّين: حدّ الدنيا، وحدّ الآخرة.
أمثلة على صغائر وكبائر الذنوب
أمثلة على الصغائر
كلّ ذنب دون الكبائر هو من الصغائر؛ لذا يصعُب حصرها في عدد، ومن الأمثلة عليها:
- استقبال القِبلة ببولٍ أو غائطٍ.
- إمامة من يكرهُه الناس.
- خِطبة المسلم على خِطبة أخيه.
- هجر المسلم، وكثرة الخصومة، واستماع الغيبة.
- اقتناء الكلب لغير حاجة مُعتبَرة شرعاً.
- ترك إعفاء اللحية؛ أي حلقُ اللحية دون الإصرار على ذلك، فإن أصرّ صاحبها على حلقها صارت إحدى الكبائر.
أمثلة على الكبائر
- السبع الموبقات، وهي: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس بغير حق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (الهروب من المعركة)، وقذف المحصنات؛ فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتَنبوا السَّبعَ الموبِقاتِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ: وما هنَّ؟ قال: الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ، وقتلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلَّا بالحقِّ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتَّولِّي يومَ الزَّحفِ، وقذفُ المحصَناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ).
- الكبائر من غير السبع الموبقات: يتبيّن من استقراء النّصوص الشرعيّة أنّ الكبائر لا تقف عند حدّ الكبائر السّبع، إذ يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (هنَّ إلى السَّبعينَ أقربُ منها إلى السَّبعِ)، وقد أفرد الإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي -المتوفى 748هـ- كتاباً سمّاه الكبائر، وقد ذكر فيه سبعين من كبائر الذّنوب، مُستشهداً بالأدلة الشرعيّة التي تؤكد ذلك، ومنها:
- ترك الصّلاة.
- منع الزّكاة.
- اليمين الغموس .
- إفطار يوم من رمضان من غير عُذر.
- ترك الحجّ مع القدرة عليه.
- عُقوق الوالدين.
- هجر الأقارب.
- الزِّنا.
- اللواط.
- الكذب على الله ورسوله.
- غشّ الإمام للرعيّة وظلمهم.
- الكِبر، والفخر، والخيلاء، والعجب.
- شهادة الزّور.
- شُرب الخمر.
- القمار.
- الغلول من الغنيمة.
- السّرقة.
- قطع الطريق.
- قتلُ الإنسانِ نفسَه.
- الكذب في أغلب الأقوال.
- أخذ الرّشوة على الحكم.
- تشبُّه النساء بالرجال، وتشبُّه الرجال بالنساء.
- الدّيوث الذي لا يغارعلى أهله.
- عدم التنزه من البول.
- الخيانة.
- التكذيب بالقدر.
- التجسّس على أحوال الناس.
- النميمة.
- اللعن، وكثرة الفُحش في الكلام.
- الغدر، وعدم الوفاء بالعهد.
- تصديق الكاهن والمُنجِّم.
- نشوز المرأة على زوجها.
- اللطم، والنّياحة على الميّت.
- أذيّة الجار.
- نقص الكيل، والذّراع، والميزان.
- سبّ أحد من الصّحابة رضوان الله عليهم.
كيف تتحول الصغائر إلى كبائر
إنّ التّهاون بفعل الصّغيرة، وتكرار فعلها، مع الإصرار عليها، والاستخفاف بسِتر الله -تعالى- للعبد، والمُجاهَرة بها بين النّاس، بل والفرح بها أحياناً، واستصغار شأنها، كلّ ذلك ينتقل بالمعصية من كونها صغيرةً إلى مصافِّ الكبائر بالقول الرّاجح عند العلماء، فالإصرار على المعصية وإنْ كانت صغيرةً ينقل صاحبها بسهولة إلى ارتكاب الكبائر.
الذّنوب هي ترك ما أمر الله -تعالى- به من أوامر، وفعل ما حذّر منه، وهي غلي ضربين: كبائِر الذّنوب وهي كلّ ذنب مقترن بوَعيد شديد، أو بعذاب، أو غضب، أو لعنة، أو دخول نار جهنّم، وصغائر الذنوب وهي ما كانت دون الكبائر، والكبار لا تقتصر على السبع الموبقات، بل هي كثيرة حتى أن الصغائر بالإصرار عليها تصير كبائر.
التوبة من الصغائر والكبائر
تكون التوبة على المجمل؛ بالإقلاع عن المعاصي، والندم على فعلها، مع العزم على عدم الرجوع إليها، وتكون التوبة عن الكبائر والصغائر على حد سواء؛ فقد وردت الكثير من الآثار العامة في التوبة وغفران الذنوب، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حجَّ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَع كما ولَدَتْه أمُّه)، فجاء النص شامل لكل أنواع الذنوب دون تحديد لكبيرة أو صغيرة.
وجاء في تفسير قول الله -تعالى-: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، إلا الذين تابوا استثناء من المعاقبين عقاب قطع الطريق خاصة، وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال فإلى الأولياء فإن شاءوا عفوا وإن شاءوا استوفوا، وهذا دليل على أن باب التوبة مفتوح عن جميع الذنوب.
التوبة باب كبير تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على تركه، سواء كبر الذنب أم صغر.
هل يغفر الله صغائر الذنوب وكبائرها؟
إن الله -تبارك وتعالى- يُكَفِّر الصغائر مطلقاً، وأما الكبائر ففيها تفصيل على النحو الآتي:
- المتعلقة بالآدمي، فإن كانت مالية كدَين، فلا يُكَفِّر، بل لا بدَّ من وفاءِ دَينه، إلا إن كان معسراً، وكان في عزمه أن يوفيه إذا قدر عليه ومات كذلك، فإن هذا يُكَفَّر ويُرضي اللهُ تعالى عنه خصمَه.
- ما يتعلق بغيبةٍ ولم تبلغ صاحبَها ولم يتب، فإنها تُكَفَّر بذلك، وأما إذا بلغت صاحبها فلا تُكَفَّر إلا بتحليله.
- أما الكبائر المتعلقة بحق الله تعالى، فإن كان صلاةً أو صوماً فإنه يجب عليه قضاؤه ولا يُكَفَّر.
- إذا كان كتأخير لصلاة عن وقتها بغير عذر والصوم فهذا يُكَفَّر.
- أما الزنى واللواط، فإن ثبت عند حاكم بالشهادة فلا يُكَفَّر إلا بإقامة الحدِّ عليه.
صغائر الذنوب كلها تكفر، أما الكبائر فمنها ما يكفر بعد إقامة الحد، أو سد دين، ومنها ما لا يكفّر.
مكفرات صغائر الذنوب وكبائرها
مكفرات الصغائر
من رحمة الله -تعالى- بعباده أنْ شرع لهم كثيراً من الأعمال الصّالحة التي تُكفّر صغائر الذّنوب؛ فتكفير الصغائر يقع بشيئين أحدهما: الحسنات الماحية، والثانى: اجتناب الكبائر، وهي على التفصيل:
- اجتناب الكبائر، قال تعالى: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا).
- التوبة الصادقة، قال صلى الله عليه وسلم: (التَّائبُ من الذَّنبِ كمن لا ذنبَ له).
- إسباغ الوضوء، والمشي إلى الصلاة، وانتظارها من مُكفّرات الذّنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلُّكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخُطى إلى المساجِدِ، وانتظارُ الصّلاةِ بعدَ الصلاةِ، فذلكمْ الرّباطُ).
- المتابعة بين الحجّ والعمرة، جاء في الحديث الشريف: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ، فإنَّهُما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ).
- صيام شهر رمضان المبارك، قال عليه الصّلاة والسّلام: (من صام رمضانَ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه).
مكفرات الكبائر
قال النووي - رحمه الله- في شرح قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم: (ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ)،إن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر، قال القاضي عياض هذا المذكور في الحديث من غفران الذنوب ما لم تؤتِ كبيرة هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله والله أعلم، وعليه فإن الكبائر تكفّر بـ:
- التوبة: وتعني الندم على الذنب، والإقلاع عنه، والعزم على عدم الرجوع إليه.
- رحمة الله تعالى؛ لقوله سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
- شفاعة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم؛ لقوله -عليه السلام-: (شفاعتي لأهلِ الكبائِرِ من أُمَّتِي).
شرع الله تبارك وتعالى الكثير من الأعمال لتكفير صغائر الذنوب، كالحج والعمرة، واجتناب الكبائر، وصوم رمضان، أما الكبائر فمذهب أهل السنة على أنها لا تكفر، إلا برحمة الله والتوبة له سبحانه ومداومة الاستغفار.