ما هي بلاد الشام
نبذة عن بلاد الشام
يعود أصل مفهوم بلاد الشام (Levant) أو بلاد المشرق إلى الكلمة الفرنسية (lever)، والتي تُشير إلى شروق الشمس كدلالة على جهة الشرق، أمّا كمصطلحٍ جغرافيّ فتُشير بلاد الشام إلى الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسّط، والجزر المجاورة له، وتقع بلاد الشام في قارة آسيا، وتحديداً في وسط المنطقة الغربية منها، وتمثّل الجزء الغربي والأوسط من منطقة الهلال الخصيب، وتشمل كلّاً من الأردن ، وفلسطين ، ولبنان، وسوريا، وتُقدَّر مساحتها الإجمالية بنحو 307,134كم، وهي منطقة متباينة، إذ تتميّز بتنوّعٍ عرقيٍّ، وثقافيٍّ، ودينيٍّ كبير.
تسمية بلاد الشام
يوجد العديد من الروايات التي توضّح سبب تسمية بلاد الشام بهذا الاسم، إذ تُشير إحداها إلى أنّ السبب يعود إلى كثرة الشامات السود والبيض التي تميّز تربة وحجارة أراضيها، وفي ذلك إشارةً إلى الطبيعة الجغرافيّة للمنطقة، أمّا في رواية أخرى فقد ورد أنّ اسم شام هو نسبة إلى سام بن النبي نوح عليه السلام الذي يُعدّ أوّل من نزل بتلك المنطقة، ومع ازدياد تداول الكلمة فقد تحوّل حرف السين في كلة سام إلى شين، بينما يعتقد بعض الباحثين أنّها سُمّيت شاماً، والذي يعني الطيب؛ بسبب وقوعها في الجهة الشمالية للكعبة.
تاريخ بلاد الشام
أُطلِق اسم أرض كنعان على بلاد الشام قديماً، وذلك نسبةً إلى الأقوام التي جاءت إلى هذه المنطقة بعد خروجهم من شبه الجزيرة العربية، كما جاءت فيما بعد العديد من القبائل من مناطق بحر إيجه وغيرها، والذين استقرّوا في مناطق السهل الساحليّ، واستمرّت القبائل المختلفة بالقدوم إلى بلاد الشام، إذ سكنها العديد من الأقوام، وقد استمرّ الوضع على ذلك إلى أن خضعت البلاد للحكم الرومانيّ لمدّة سبعة قرون، ثمّ بعد الفتح الإسلامي قُسّمت إلى عدّة أجناد، لتضمّ بلاد الشام اليوم جميع الأقاليم الواقعة ضمن الأردن، وفلسطين، وسوريا ، ولبنان.
جغرافية بلاد الشام
تتوسّط بلاد الشام القارات الثلاث؛ آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، وهي بذلك تُشكّل جسراً طبيعياً بين آسيا وأفريقيا، وتقع بلاد الشام على طول الساحل الشرقيّ للبحر الأبيض المتوسّط ، وتُحدّها جبال طرطوس من الشمال، والصحراء من الجنوب والشرق، ويُعدُّ كلّ من البحر الأبيض المتوسّط، والشقّ السوري الأفريقي الكبير، والصحراء الشاسعة أهمّ المعالم الأساسية للبلاد من الغرب إلى الشرق، أمّا فلكياً فتقع بلاد الشام ضمن المنطقة المعتدلة بالنسبة لدوائر العرض، ممّا انعكس على مناخها، فهو يتأثّر بكلّ من حزام الضغط العالي شبه الاستوائي في فصل الصيف، ومنخفضات منتصف مناطق دوائر العرض خلال فصل الشتاء، ولذلك تتمتّع مناطق بلاد الشام بشكلٍ عام بصيفٍ حار، وشتاءٍ رطبٍ وبارد.
ديموغرافية بلاد الشام
تنوّعت الحضارات والشعوب التي أقامت في مناطق بلاد الشام، واختلطت وتفاعلت فيما بينها، إذ ضمّت كلّاً من العرب، والأكراد، والأتراك، وغيرهم، ممّا ترك أثراً واضحاً على التركيب الاجتماعي للبلاد، وخاصّةً فيما يتعلّق بالعادات والتقاليد، ويُعدّ الكنعانيّون من أوائل الشعوب العربية التي انتقلت من وسط شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام، وذلك خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد، إذ أسّسوا فيها العديد من الممالك والمدن، مثل: بيروت، وصور، وصيدا، وطرطوس، ويبوس، وأوغاريت، وأرواد، وإلى جانب ذلك تتنوّع الديانات في بلاد الشام، وتشمل الديانة الإسلامية، واليهوديّة، والمسيحيّة، إلّا أنّ المسلمين السنة يشكّلون معظم سكان البلاد الذين يُقدّر عددهم حالياً بنحو 44,550,926 نسمة يتحدثون اللغة العربية.
التجارة في بلاد الشام
كان لبلاد الشام الدور الكبير في التجارة بين الدول خلال فترة العصور الوسطى، ممّا جعلها من أكبر مراكز التجارة في العالم، إذ كانت تستورد السلع النادرة والغريبة من جميع المناطق، وتُزوّد بها أسواقها بكميات كبيرة، وهذا بدوره شجّع التجار لزيارتها من كلِّ مكان من أجل الحصول على هذه السلع، وقد بدأت النشاطات التجارية في بلاد الشام في الفترة الواقعة بين القرنين الرابع والخامس عشر الميلاديين، إذ كان النشاط مبنيّاً على استيراد الصابون، والملابس، والأقمشة، وغيرها من مدينتي البندقية وجنوة، إلى جانب التصدير الذي اعتمد على الحبوب، والقطن، والتوابل، وبالرغم من كلّ ما واجهته بلاد الشام، إلّا أنّها احتفظت بمكانتها التجارية الهامّة خلال فترة القرن الثامن عشر الميلادي وما بعدها.
يوجد العديد من العوامل التي ساهمت في نموّ وازدهار النشاط التجاري في بلاد الشام، وفيما يأتي بعض من هذه العوامل:
- الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي تتمتّع به مناطق بلاد الشام.
- شيوع الأمن والأمان.
- تشجيع بلاد الشام للتجارة بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشرٍ .
- الحاجة المتزايدة لدى خلفاء وكبار رجال بلاد الشام للسلع الأجنبية، ممّا أدّى بدوره إلى زيادة الطلب عليها.
- وجود العديد من الأسواق والموانئ التجارية، ممّا كان له دور إيجابيّ في تعزيز حركة النشاط التجاريّ الخارجي والداخلي بين بلاد الشام والدول الأخرى.
السياحة في بلاد الشام
تساهم جميع مناطق بلاد الشام في تنمية القطاع السياحي فيها، إذ تعدّ هذه المناطق الوجهة السياحية للعديد من السياح الغربيين، وذلك بسبب وجود الكثير من الأماكن والمعالم التي تجذبهم فيها، إلى جانب الخلفية التاريخيّة والدينيّة للمنطقة، والتي استقطبت التُجّار، والكتّاب، وغيرهم من السياح لزيارتها، إذ أصبحت بلاد الشام في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الوجهة السياحية الثقافية الأساسية، فشهدت نشاطاً سياحياً في فترة مبكّرة، ثم زيادة في عدد السياح، ممّا أظهر الحاجة لتكيّف محلّي لتلبية متطلّباتهم، وتوفير وسائل الراحة لهم، وهذا بدوره كان له أثر كبير في تنمية المجتمعات، وتعزيز الاقتصاد المحلّي لتلك المناطق، والاهتمام بالمرافق والخدمات المختلفة، وتطوير البنية التحتية التي تسمح للسياح بالتنقُّل بسهولة.