ما هي انواع الهداية
النوع الأول: الهداية العامة
النّوع الأول من أنواع الهداية؛ الهداية العامّة، وهيَ التي تكون لجميع المخلوقات، وبيان مفهومها والأمثلة عليها فيما يأتي.
مفهوم الهداية العامة
أنعم الله -تعالى- على جميع مخلوقاته بالهداية العامّة منذ أن خلق آدم -عليه السلام- وأرشده إلى نكاح زوجته، وأرشد الحيوانات والإنسان إلى السّعي من أجل الرّزق، وكذلك باقي المخلوقات أرشدها وهداها إلى تسبيحه، قال -تعالى-: (وَإِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلـكِن لا تَفقَهونَ تَسبيحَهُم)، وقد هدى الله -تعالى- مخلوقاته جميعاً في هذا النّوع من أجل تيسير حياتهم وتنظيمها، قال -تعالى-: (رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى).
وتكون هذه الهداية لكُلّ مخلوق بحسب احتياجه وقدرته، وقد أعطى الله -تعالى- مخلوقاته أشكالاً تُميّزها عن بعضها البعض، ووهبها الأعضاء التي تتلاءم مع وظيفتها، ثمّ هداها إلى ما تقوم به من الوظائف، وتشمل هذه الهداية المخلوقات جميعها؛ ساكنها ومتحرّكها، الإنس والحيوان والجماد وغيرها.
أمثلة على هداية الله العامة للمخلوقات
إنَّ الهداية العامّة للمخلوقات لها العديد من الأشكال، ومنها ما ورد في القرآن الكريم، نذكر بعضها فيما يأتي:
- هداية الهدهد عندما رأى بلقيس وقومها يسجدون للشّمس من دون الله، فإنّ الله -تعالى- هداه ليُعلّمهم بأنّ الله -تعالى- هو الخالق الذي يُخرج الخَبْء من السماوات والأرض، قال -تعالى- واصفاً ما قاله الهدهد: (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ*أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ).
- هداية الإنسان لتنظيم أمور حياته.
- هداية الطّفل إلى التقام ثدي أمّه لكي يرضع منها، وبكائه إن أحسّ بالجوع أو العطش، أو إذا أصابه شيء يُفزعه.
- هداية الحيوان في السّعي إلى جلب ما ينفعه، ودفع ما يؤذيه.
النوع الثاني: الهداية الخاصّة
مفهوم الهداية الخاصة
يُقصد بها الهداية الخاصّة بالبشر، وهي هداية الإرشاد أو البيان، والمقصود بها بيان طريق الحق وطريق الباطل، قال الله -تعالى-: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، فهي لا توجب الهداية التامّة، وإنّما تُبيّن طريق الخير، وتُبيّن طريق الشّر، ويُمكن أن يكون هذا النّوع من الهداية من خلال الله -تعالى-، أو رُسله -عليهم السلام-، أو الدّعاة إليه، قال -تعالى-: (قُل هـذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّـهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني)، فقد بعث الله -تعالى- الأنبياء والرّسل لإرشاد النّاس وهدايتهم لطريق الحقّ، كما أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم لهذه الغاية، وتعدّ هذه الهداية من أعظم نعم الله -تعالى- التي أنعم بها على عباده.
أمثلة على هداية الله الخاصة للبشر
إنَّ الهداية الخاصّة بالبشر لها عدّة أشكال، نذكر بعضها فيما يأتي:
- الهداية بإرسال الرّسل -عليهم السّلام- من أجل إرشاد العباد إلى الطريق المستقيم ، وبيان طريق الحقّ لهم، قال -تعالى-: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، ومن خلال إنزال الكتب السّماوية.
- الهداية بالاستجابة لدعوة الرّسل -عليهم السّلام-، وانشراح الصدر للإسلام والإقبال عليه، قال -تعالى-: (فَمَن يُرِدِ اللَّـهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ لِلإِسلامِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجعَلُ اللَّـهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يُؤمِنونَ).
- الهداية ببيان الدّلائل التي تُبيّن الحقّ، وتُميّزه عن الباطل.
- الهداية للأنبياء -عليهم السّلام-، وأولياء الله الصّالحين بإظهار الحقّ لهم، إمّا بالوحيّ أو الإلهام وغيره، قال -تعالى-: (أُولـئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّـهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه).
النوع الثالث: هداية التوفيق والسداد
مفهوم هداية التوفيق
يُقصد بهداية التّوفيق إقبال العبد على فعل الخير بدافعٍ قلبيّ، يوجّهه لفعل الخير والتّوفيق له، وهي خاصة بالله -تعالى- وحده،وكما قال اللّغويّيون أنَّ أصل الهداية هو التّوفيق، قال -تعالى-: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ)، أمّا قول الله -تعالى- عن سيّدنا محمد -عليه الصّلاة والسّلام- في القرآن الكريم: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، فالمُراد به هداية البيان والإرشاد، وأمّا هداية التّوفيق فهي خاصّة بالله -تعالى- لا بأحدٍ من الخلق.
وهذا النّوع من الهداية الذي يستطيع المسلم من خلاله أن يلتزم بأوامر الله -تعالى-، ثمّ يدعو العبد ربّه الثّبات عليها والاستزادة منها، ليبقى على طريق الحقّ، لأنّ الإيمان يزيد وينقص، واقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين دعا: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قَلبي على دينِكَ)، بالرّغم من أنّه أشرف الخلق، لكنّه كان يدعو الله -تعالى- بذلك.
أمثلة على توفيق الله لعباده
تتمثّل هداية التوفيق والسّداد من خلال ما يأتي:
- هداية الله -تعالى- للعبد بتوحيده وعدم الشرك به، وهدايته بالقيام بما أمره به من الأعمال الصّالحة، والاتّصاف بمكارم الأخلاق أثناء تعامله مع الخلق.
- هداية العبد من خلال خلق الله -تعالى- فيه الإرادة لفعل الخير، والإقبال عليه.
النوع الرابع: هداية أهل الآخرة
مفهوم هداية أهل الآخرة
يُقصد بهداية أهل الآخرة أي دخول أهل الجنة الجنّة وأهل النّار للنّار، جزاءً على أعمالهم، قال -تعالى- في حقّ أهل الجنّة: (الحَمدُ لِلَّـهِ الَّذي هَدانا لِهـذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدانَا اللَّـهُ)، وقال -تعالى- في حقّ أهل النّار: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ* مِن دُونِ اللَّـهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ)، فإذا دخل أهل الجنّة إليها عرفوا منازلهم ومستقرّهم فيها كأنّها كانت منازلهم في الدّنيا، فيأخذ كلّ منهم مكانه، قال -تعالى-: (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ).
أمثلة على هداية الله تعالى لأهل الآخرة
تتمثّل هداية أهل الآخرة من خلال ما يأتي:
- هداية أهل الجنّة إلى منازلهم وممتلكاتهم.
- معرفة أهل الجنّة لبيوتهم فيها أكثر من معرفتهم لبيوتهم في الحياة الدّنيا.