ما هي الخيمياء؟
ما هي الخيمياء؟
الخيمياء هي محاولة الفلاسفة للعثور على حجر المعرفة أو حجر الفلاسفة، وسيلة الشباب والصحة الأبدية والدائمة، واكتشاف تحويل المعادن؛ فقد كانت المواد والعناصر في العصور الوسطى أصليّة إلّا أنّها مختلفة من ناحية النقاء؛ فالذهب كان أكثر العناصر نقاءً، ثم يأتي بعده الفضة مباشرةً، وفي نشأة هذا العلم، استخدموا العلامات الفلكية للكواكب كرموز كيميائيّة، لكن مع مرور الناس في فترة القمع والاضطهاد اخترع كل كيميائي رموزه السرية والخاصة به إلى أن استغلّها الدجالين والغشاشين لتُصبح الخيمياء فيما بعد وسيلة للاحتيال والابتزاز، وبذل العلماء طاقاتهم وجهودهم في القرن الثامن عشر لانتزاع الإنجازات الفعليّة والصادقة من بين هذه المجالات الهائلة من العلم والسحر.
يُمكن تعريف الخيمياء بناءً عليه على أنّها شكل من أشكال التفكير التأملي، اعتمدت على الدمج بين الفيزياء والكيمياء وتحويل المعادن الأساسية، مثل: الرصاص، والنحاس، والفضة، والذهب، لاستخدامها في علاج الأمراض وإيجاد طريقة لإطالة العمر كما كان سائدًا آنذاك، وقد اعتقدوا بأنّه يتوافق مع علم التنجيم، فكلاهما يحاولان اكتشاف علاقة الإنسان بالكون واستغلال تلك العلاقة لتحقيق أهدافه ومصلحته، وقد استخدموا في الخيمياء الكيمياء ذات السلسة المُعقدة، وتسخين مخاليط متعددة من مواد ذات أسماء ومواصفات غامضة بنسب بسيطة أدت إلى هذا التعقيد.
وعليه فإنّ الخيمياء هي مُقدمة للكيمياء الحديثة وقد استُخدمت على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، ومع ظهور مفهوم الكيمياء الحديثة استُبدلت لدراسة الخصائص الكيميائية بأساسات وضعوها الكيميائيين القدامى للمجال العلمي للكيمياء، إضافة للمبادئ الأساسية التي ما زالت تُستخدم حتى وقتنا الحاضر، وخلال هذه العمليات توصّلوا إلى العديد من التطبيقات العملية من بينها العمليات الكيميائية المستخدمة في تان الجلد، وقد كان وحدًا من أهم أهدافها هو تحويل عنصر الرصاص إلى ذهب، وقد شارك فيها الكثير من الحضارات مثل: المصريين، اليونانيين، الرومانيين، الصينيين، وغيرهم من الناس الذين تبادلوا المعلومات، كما سعوا إلى إيجاد العلاج الشامل الذي اعتقدوا بأنّه يُطيل العمر، إضافة للوصول إلى حجر الفيلسوف أو المادة التي تُحوّل المعادن الأساسيّة إلى ذهب أو فضة، وتُعالج كافة الأمراض وتحمل سر الحياة الأبديّة، كما كانوا يتمتّعون بقدراتهم الحرفية في التلاعب وتحويل المواد لإنتاج الأدوية منها والزجاج والمتفجرات.
تاريخ الخيمياء
اشتُقت كلمة الكيمياء من كلمة مصرية هي "الكيم" وذلك وفقًا لكتاب السحر والشعوذة للمؤرخ نيفيل دروري، وتعني الكلمة المصريّة الأسود كإشارة إلى التربة الغرينية السوداء المطلة على النيل، وكتفصيل الكلمة فالخيمياء على وزن الكيمياء من الكلمة اليونانية "chyma" والتي تعني دمج أو صبّ المعادن، وقد كان للعرب دورًا في انتشار الكيمياء حيث ترجموا العديد من الكتب التي تتعلق في الكيمياء من اللغة اليونانيّة إلى اللغة العربيّة قبل وصولها إلى الدول الأوروبية.
ولقد تنقّل فن الكيمياء خلال القرون الماضيّة من مصر والجزيرة العربية وصولًا إلى اليونان وروما، ثم إلى أوروبا الغربية والوسطى، وتُشير كلمة الخيمياء خلافًا عن التفسير اللغوي كمعنى أو لغز سري للمادة البدائيّة أو المادة الأولية التي تُعرف بالخيم.
مساهمة الخيمياء في تطوّر الكيمياء
كما ذكرنا في السابق بأنّ الخيمياء هي مقدمة للكيمياء الحديثة، وهذا يعني أنّها ساهمت في نشأتها وتطورها من خلال اكتشاف الأحماض والقواعد مُبكرًا، إذ تطوّرت الأواني الزجاجية لتشغيل التفاعلات الكيميائيّة، وقد ساعدت الخيمياء في تحسين دراسة علم المعادن واستخراجها من الخامات، ثم تطوير مناهج أكثر منهجيّة للبحث، ورغم عدم التوصّل إلى فكرة التجريب العلمي المنظم أو أنّها لم تثبت بعد إلّا أنّ الأساس لتطوير الكيمياء كعلم أساسي قد وضعوه الكيميائيين، كما أنّهم لم ينجحوا في تحويل الرصاص إلى ذهب لكن مع استخدام الخيمياء ومساعدة الفيزياء النوويّة سيُصبح ذلك ممكنًا.
الرصاص عندما يتعرّض للإشعاع النووي في مجال مسرّع الجسيمات سيُصدر كمية صغيرة من الذهب، لكن هذه الخطوة رغم نتيجتها الضئيلة من الذهب إلّا أنها مُكلفة جدًا، ممّا يعني أنّ تكلفة تحويل الذهب أغلى من كميّة الذهب الناتجة، وهذا يعني أنّ الحلم الذي طمح له الخيميائيون منذ القدم لم يتحقق ولن يتحقق.
أهداف الخيمياء
وقد اتضح أنّ السبب الحقيقي وراء فشل الخيمياء أنّ الذين مارسوا كان لديهم فهم خاطئ لأساسيات الكيمياء والفيزياء؛ فالكيميائيين استندوا على النظريات والتجارب التي توضّح أنّ العالم والكون يتألّف من 4 عناصر أساسية، هي: الماء، والهواء، والنار، والأرض، إضافة إلى 3 مواد أساسية في العالم، هي: الملح، والزئبق، والكبريت، إلّا أنّ الكون يتألف من ذرات مترابطة معًا تُشكّل العناصر، وبما أنّ الرصاص والمعادن الأخرى لا تُصنع تحت العناصر الأساسيّة للكون فلا يُمكن تعديلها وتحويلها إلى ذهب.
رغم عدم نجاحها إلّا أنّ البعض ادّعوا بأنّهم حلّو اللغز القديم، وأنّهم اكتشفوا حجر الفيلسوف الذي يجعلهم يُخلّدون، إلّا أنّهم جميعًا ماتوا وهذا يُنفي ادعائهم، وقد استخدم الكيميائيين الأثرياء أشخاص استأجروهم للبحث بدلًا منهم، وهذا ما أدى لانتشار الكثير من الكيميائيين المزيّفين ممّا صعّب التمييز بين الحقيقي منهم وغير ذلك، ورغم فشل الكيميائيين في الوصول إلى أحد أهداف الخيمياء ألا وهي الحصول على حجر الفيلسوف، إلّا أنّهم لم يُخطئوا في المجالات الأخرى، مثل: المعدات الفيزيائية الحديثة كمسرعات الجسيمات، والتي تمكّنت من إنشاء الذهب من العناصر الأخرى، لكن الكميّات شبه مجهريّة وعمليتها مُكلفة جدًا.
وما زال الذهب إلى الوقت الحاضر متباينًا مع الرصاص؛ فالرصاص معدن سام يؤذي الأطفال ويُتلف الدماغ، أمّا الذهب فهو من أغلى المعادن وقيمته كبيرة ويُمكن ارتدائه على شكل مجوهرات، ممّا يعني أنّ الخيمياء حققت أحد أهدافها في تحويلهما، ووضع قواعد أساسية للكيمياء الحديثة.
الخلاصة
تعبر الخيمياء عن خليط من الفلسفة والعلم والفيزياء والكيمياء، وتعد المقدم للكيمياء المعاصرة التي استبدلتها، وسعت الخيمياء إلى إيجاد علاج العديد من الأمراض، بالإضافة إلى بعض الأهداف الخرافية مثل الحياة الأبدية وتحويل المعادن إلى ذهب، بالاعتماد على نظريات وتجارب مبنية على تقسيم الكون إلى 4 عناصر وهي الماء والهواء والنار والأرض.