ما هي الأيام البيض
مفهوم الأيام البيض
تُعتبر أيام البيض من الأيام الفضيلة التي حثَّ رسولُ الله -عليه الصّلاة والسّلام- على صيامها والحرص عليها لفضلها العظيم، وهي أيامٌ يُستحبُّ للمسلم صيامها من كل شهرٍ من غير الفريضة، والأيام المُستَحبّ صيامها من السَّنةِ هي يوم عرفة لغير الحاج، ويكون في التاسع ذي الحجة، وصيام اليوم التاسع والعاشر أو اليوم العاشر واليوم الحادي عشر من شهر المحرم، وستّةُ أيامٍ من شهر شوال، والنصف الأول من شعبان، والعُشر الأول من ذي الحجة، والشهر المُحَرم، والأيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، ويوم الاثنين ويوم الخميس، وصوم يوم، وإفطار يوم.
وأجر صيام الأيام البيض كصوم الدهر كلّه، ويُطلَق لفظ الأيام البيض على الثلاثة أيام من كل شهر، وتُسمّى الأيام البيض بهذا الاسم لبياض لياليها بسبب طلوع القمر في جميعها من أول ليلة فيها إلى آخرها. قال ابن بري: (في لفظ الأيام البيض أنّ الصواب قول: أيام البيض ، أي بالإضافة؛ لأن كلمة البيض من صفة الليالي، بمعنى أيام الليالي البيضاء).
وقت صيام الأيام البيض
استحبّ أكثر أهل العلم والفقهاء أن تكون الأيام البيض هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وقال البعض من أهل العلم صيام ثلاثة أيام دون تحديدٍ من الشهر، أمّا أدلّة أكثر أهل العلم فهي كالآتي:
- لحديث أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: (أمَرَنا رسولُ اللهِ -عليه الصّلاة والسّلام- أنْ نصومَ منَ الشَّهرِ ثلاثةَ أيامٍ البِيضِ: ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسةَ عشَرَ، وفي روايةٍ عنه، قال لي رسولُ اللهِ -عليه الصّلاة والسّلام-: إذا صُمتَ منَ الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ، فصُمْ ثلاثةَ عشَرَ، وأربعةَ عشَرَ وخمسَةَ عشَرَ).
- حديث جرير بن عبد الله عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ صيامُ الدهرِ أيامُ البيضِ: صبيحةَ ثلاثَ عشرةَ وأربعَ عشرةَ وخمسَ عشرةَ).
- حديث أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- له: (إذا صُمتَ من الشهر ثلاثًا فصُمْ ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخمسَ عشرةَ فأنزل اللهُ تصديقَ ذلك في كتابِه، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، فاليومُ بعشرةِ أيامٍ، وأربع عشرة، وخمس عشرة).
- وممن كان يصوم من السلف الصالح أيام البيض عمر بن الخطاب ، وأبو ذر، وابن مسعود. ومن التابعين النخعي، والحسن البصري، فاختار هؤلاء -رضوان الله عليهم- صيام هذه الأيام لكثرة الآثار الواردة فيها، واختار قوم آخرون من السلف الصّالح الرأي الثاني، وهو صيام ثلاثةُ أيامٍ من كل شهرٍ من غير تعيين، وذلك لفضل صيام هذه الأيام، على غيرها من أيام السنة الأخرى، فهي تعدل صيام الدهر كله.
الأيام البيض في السنة النبوية
الأحاديث الواردة في السنّة النبويّة عن صيام الأيام البيض كالآتي:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي بثلاثٍ، لا أدعُهنَّ حتى أموتَ: صومُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وصلاةُ الضحى، ونومٌ على وِترٍ).
- عن معاذة أنها سألت عائشة -رضي الله عنها-: (قلتُ لعائِشَة: أكان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يصومُ ثلاثةَ أيّامٍ من كُلّ شهرٍ؟ قالت: نعم، قلتُ: من أيّهِ كان يصومُ؟ قالت: كان لا يُبَالي من أَيّهِ صامَ).
- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كان رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- لا يدعُ صومَ أيَّامِ البيضِ، في سفَرٍ ولا حضرٍ).
- عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (إذا صُمتَ من الشهر ثلاثًا فصُمْ ثلاثَ عشرةَ، و أربعَ عشرةَ، و خمسَ عشرةَ، فأنزل اللهُ تصديقَ ذلك في كتابِه، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا فاليومُ بعشرةِ أيامٍ).
- حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (دخَل عليَّ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال: ألم أُخبَرْ أنك تقومُ الليلَ وتصومُ النهار. قلتُ: بلَى، قال: فلا تفعَلْ، قُمْ ونَمْ، وصُمْ وأفطِرْ، فإن لجسَدِك عليك حقًّا، وإن لعينِك عليك حقًّا، وإن لزَورِك عليك حقًّا، وإن لزَوجِك عليك حقًّا، وإنك عسى أن يطولَ بك عمُرٌ، وإن من حَسبِك أن تصومَ من كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، فإن بكلِّ حسنةٍ عشْرُ أمثالِها، فذلك الدهرُ كلُّه. قال: فشدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ، فقلتُ: فإني أُطيقُ غيرَ ذلك، قال: فصُمْ من كلِّ جمُعةٍ ثلاثةَ أيامٍ. قال: فشدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ، قلتُ: أُطيقُ غيرَ ذلك، قال: فصُمْ صومَ نبيِّ اللهِ داودَ. قلتُ: وما صومُ نبيِّ اللهِ داودَ؟ قال: نصفُ الدهرِ).
من الأحاديث سابقة الذكر يمكن استخلاص دلائل، منها:
- بيان كثرة الأدلّة التي تُشجّع وتحثّ المُسلم على صيام الأيام البيض .
- بيان أنّ الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- لم يترك صيام هذه الأيام لا في الحضر ولا في السفر.
- في الأحاديث بيان أنّ الأيام البيض هي اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر.
الحكمة من صيام الأيام البيض
لصيام الأيام البيض فوائد عديدة تعود على الفرد المسلم ، بالإضافة إلى الأجر والثواب من الله عزّ وجلّ، فقد أجرى العديد من الأطبّاء التّجارب والأبحاث ليعرفوا الحكمة من وراء صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وتحديداً الصيام في أوسط الشهر، فيقول الدكتور جمال شعبان، الطبيبٌ الاستشاريّ في أمراض القلب: (يكشف الطب الحديث أسرار وحكمة صوم الأيام البيض؛ فقد أظهرت الأبحاث أنّ الصوم يضبط حركة السوائل في الجسم، ويُخلّص الجسم من الماء والأملاح الزّائدة المُخزّنة في الجسم، وعندما يتخلّص الإنسان من الماء والأملاح الزّائدة فهو يتخلّص من التوتّر العصبيّ لديه، والقلق النفسيّ. وكذلك يُؤثّر الصوم في فسيولوجيا وكيمياء جسم الإنسان؛ فيقي الجسم من السموم التي تُضرّ به، ويُطهّر النّفس من الهموم، ويحافظ على راحته النفسيّة، ويُكسبه الهدوء والاستقرار والتّماسك. ويكون الصيام أفضل وسيلة لمُقاومة ومُعالجة هذه الاتّجاهات السلوكيّة، والتوتّر النفسيّ ، والميل إلى الاندفاع والعنف).