ما هي أفضل العبادات
أثر العبادات في حياة المسلم
فرض الله -تعالى- على عباده الفرائض وشرع لهم العبادات، وجعل لها فضلاً عليهم في حياتهم الدنيا، ورتّب لهم بها الأجر العظيم يوم القيامة إن أتوها كما أمر الله سبحانه، فمن الفرائض وأثرها في حياة المسلم الصلاة؛ حيث أخبر الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)، فالصلاة سبب لتهذيب النفس وإعانتها على تجنب الفحشاء والمنكر، وهي ذكرٌ لله سبحانه بحدّ ذاتها، لذلك كان النبي -عليه السلام- إذا لزمه همّ أو أمرٌ صعب لجأ إلى الصلاة لما فيها من خيرٍ على النفس وجلب للسكينة والطمأنينة، وكذلك الزكاة كالصلاة في أثرها، حيث يقول الله -تعالى- في أثر الزكاة على النفس: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)، فالقصد من قول الله -تعالى- تزكيهم وتطهّرهم أي إضافة إلى غفران الذنوب والخطايا فإنها تدفع السيئ من الأخلاق، وتنمّي الأموال وتزيد الثواب في الدنيا والآخرة.
يوجد للصيام أيضاً العديد من الفضائل والآثار الجليلة على النّفس، أوّلها أنه جُنّة بين صاحبه وبين النار، وأجره عظيم لا يعرفه إلا الله فيكتبه هو، ففي الحديث: (كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ)، وأمّا الحجّ فهو فريضة من أعظم الفرائض التي لها أجر عظيم في الآخرة، وفضلها على صاحبها جزيل جليٌّ في الدنيا، فهو سبب انشراح الصدر وصفاء النفس وإزالة الهموم، وإذا أتاه العبد كما فرضه ربّه عليه فليس له جزاء إلا الجنّة كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، والعمرة كالحجّ كفّارة لما بينهما، وسببٌ لدفع الفقر إذا تابع بينهما المسلم مرّة بعد مرّة، وكذلك كلّ العبادات التي فرضها الله على عباده جعلها سبباً في انشراح الصدر وطيب الحياة لمن تقبّلها الله سبحانه منهم، حيث قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أفضل العبادات
يذكر أهل العلم أنّه من الصعوبة تحديد عبادة بعينها تأخذ الأفضليّة مقابل العبادات الأخرى، فالعبادات نفسها تقسّم إلى أنواع، منها: العبادة القلبية، والعبادة البدنيّة، وعبادة البدن والقلب معاً، وقد ذُكر أنّ أعظم العبادات على الإطلاق هي التوحيد، وأفضل العبادات البدنيّة هي الصلاة بحسب أرجح الأقوال، ثمّ اختُلف في ترتيب باقي الأركان الخمسة بحسب الأفضلية، فقال النووي: (فالمذهب الصحيح المشهور أن الصلاة أفضل من الصوم وسائر عبادات البدن، وقال صاحب المستظهري في كتاب الصيام: اختلف في الصلاة والصوم أيهما أفضل؟ فقال قوم: الصلاة أفضل، وقال آخرون: الصلاة بمكة أفضل والصوم بالمدينة أفضل، قال: والأول أصح)، ولكنّ بعض الأحاديث الواردة أثبتت فضل بعض العبادات على بعض، فقد ورد أنّ رجلاً سأل النبي عليه السلام فقال: (يا رسولَ اللهِ، أيُّ العملِ أفضَلُ؟ قال: (الصلاةُ علَى ميقاتِها) . قلتُ: ثم أيٌّ ؟ قال: ( ثم بِرُّ الوالِدَينِ) . ُقلتُ: ثم أيٌّ ؟ قال:( الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ). فسكتُّ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، ولوِ استَزَدتُهُ لزادَني). وفي العموم لا شكّ من أنّ أفضل العبادات هي ما افترضها الله -تعالى- على عباده من الفرائض والواجبات، يليها النوافل الواردة عن النبي عليه السلام، فذلك أفضل ما يقرّب العبد إلى ربّه مع اجتناب نواهيه والمحرّمات.
الدعاء وفضله
ذكر بعض أهل العلم أنّ أفضل العبادات التي قد يأتيها المسلم هو الدعاء، واستدلّوا على ذلك من قول النبي عليه السلام: (الدُّعاءُ هُو العبادةُ ثمَّ قرأَ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)، فهو العبادة بعمومها، لذلك فقد ذكره الله -تعالى- في القرآن الكريم، ودعا المؤمنين إليه مراراً ووعدهم بالإجابة، فقال الله سبحانه للمضطر: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)، وقد امتدح الله -سبحانه- أنبياءه وأثنى عليهم لكثرة لجوئهم إلى الله -سبحانه- على أي حالٍ يصيبهم، إذ قال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، وقد جاء أمر الله -سبحانه- لعباده أن يتوجّهوا له بالدعاء على الدوام، وذلك لفقرهم وضعفهم، وقوّته وغناه وحاجتهم الدائمة له، فالله -تعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
على العبد أن يعرف أنّه يوجد لإجابة الدعاء شروط يجب أن يأتيها، وأن يتجنّب موانع الإجابة حتّى يُكرمه الله -تعالى- باستجابة دعائه؛ فمن موانع إجابة الدعاء أن يكون العبد مفرّطاً بالفرائض والواجبات، فذلك قد يحرمه من الإجابة وتيسير سؤله، وفي الحديث الشريف: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)، وكذلك من موانع إجابة الدعاء أكل المال الحرام، لأنه أبعد ما يكون إلى ارتفاع دعائه إلى الله سبحانه، وكذلك عدم الإخلاص لله سبحانه في الدعاء يؤدي إلى عدم استجابة الدعاء وتقبّله، فالله تعالى يقول: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)، وممّا يمنع قبول الدعاء كذلك الدّعاء في غفلة ولهوٍ، وعدم الخشوع وحضور القلب ، فالله -سبحانه- لا يستمع إلى قلب لاهٍ غافل عنه، ويُذكر كذلك أنّ النبي -عليه السلام- قرن بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين إجابة الدعاء، فقال: (والَّذي نَفسي بيدِه ، لتأمرنَّ بالمعروفِ ولتنهونَّ عنِ المنكرِ ، أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكم عقابًا من عندِهِ ، ثمَّ لتدعُنَّهُ فلا يَستجيبُ لَكُم).