ما هي أسباب قرحة المعدة
أسباب قرحة المعدة
على الرغم من تعدُّد أسباب الإصابة بقرحة المعدة (بالإنجليزية: Gastric ulcer)، إلّا أنّ معظم الحالات تكون ناجمة عن العدوى البكتيرية التي تُعرف بالبكتيريا الملوية البوابية (بالإنجليزية: Helicobacter pylori)، فهي مسؤولة عمّا يقارب 60-100% من حالات قرحة المعدة، وذلك بناءً على دراسة أجراها مجموعة من الأطباء عام 1995 م في قسم الجهاز الهضمي التابع لمستشفى الجامعة الحرة في أمستردام - هولندا، ومن الأسباب الأخرى لقرحة المعدة أخذ مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Non-steroidal anti-inflammatory drugs)، واختصاراً NSAIDs، إضافة إلى وجود أسباب نادرة مثل: الإصابة بمتلازمة زولينجر إليسون (بالإنجليزية: Zollinger-Ellison syndrome) والجدير بالعلم أنّ هناك مجموعة من العوامل التي تزيد احتمالية المعاناة من قرحة المعدة، وفيما يأتي بيان توضيحي لذلك.
البكتيريا الملوية البوابية
حقيقةً يُعزى اكتشاف البكتيريا الملوية البوابية (بالإنجليزية: Helicobacter Pylori) في عام 1982م إلى الباحثين باري مارشال وروبن وارن، فقد عثرا على هذه البكتيريا في بطانة المعدة لدى الأشخاص المصابين ب التهاب المعدة ، وبتوالي الدراسات تبيّن أنّها مسؤولة عن كثير من حالات قرحة المعدة وكذلك قرحة الاثني عشر، وفي الحقيقة تُعدّ الإصابة بعدوى البكتيريا الملوية البوابية أمراً شائعاً، ويمكن أن يصاب بها الأشخاص من أي فئة عمرية، إذ إنّ العديد من الأشخاص يصابون بهذه العدوى في مرحلة الطفولة، كما أنّها قد تصيب البالغين أيضاً، ويجدر العلم أنّ البعض يُعتبر أكثر عرضة للإصابة بها دون غيرهم دون معرفة السبب الكامن وراء ذلك، وتجدر الإشارة إلى أنّه من المحتمل الإصابة بعدوى هذه البكتيريا دون إدراك ذلك، لعدم تسببها بظهور أية أعراض للقرحة غالباً، فقد تعيش هذه البكتيريا في جسم الشخص لعدة سنوات دون تسببها بأية أعراض، وفي معظم الحالات لا تؤدي الإصابة بعدوى البكتيريا الملوية البوابية إلى المعاناة من القرحة.
وبالعودة للحديث عن دور البكتيريا في ظهور قرحة المعدة يجدر بيان أنّها تُفرز إنزيمات تعادل حمض المعدة مما يساعدها على البقاء على قيد الحياة والوصول إلى بطانة المعدة، حيث تُضعف هذه البكتيريا الطبقة المخاطية الواقية للمعدة، وبالتالي تسمح للحمض بالوصول إلى بطانة المعدة تحتها، ويتسبب كلّ من الحمض والبكتيريا بتهيّج البطانة فتحدث القروح في بعض الحالات.
وممّا ينبغي التنبيه إليه أنّ البكتيريا الملوية البوابية قد تنتقل عبر الاتصال بسوائل جسم المصاب كاللعاب، أو عن طريق الماء، والغذاء، وأواني المطبخ، وتُعدّ أكثر شيوعاً في المناطق والمجتمعات التي تفتقر إلى الماء النظيف ونظام معالجة الصرف الصحي، ويمكن الوقاية من الإصابة بعدوى البكتيريا الملوية البوابية من خلال غسل اليدين بعد استخدام الحمام وقبل تحضير الطعام وتناوله، مع الحرص على تجنّب تناول الطعام غير النظيف أو غير المطهوّ جيداً، بالإضافة إلى ضرورة تجنّب استعمال الماء غير النظيف، ويمكن القول إنّ معظم حالات قرحة المعدة الناجمة عن الإصابة بعدوى البكتيريا الملوية البوابية تتماثل للشفاء خلال بضعة أسابيع من الخضوع للعلاج، وتجدر الإشارة إلى أنّ علاج البكتيريا الملوية البوابية يتم في العادة باستخدام المضادات الحيوية المناسبة، وبعض الأدوية التي تُقلل حموضة المعدة، كما يمكن استخدام دواء بسموث سبساليسيلات (بالإنجليزية: Bismuth subsalicylate)، ويتم تحديد العلاج من قبل الطبيب المختص.
مضادات الالتهاب اللاستيرويدية
قد يؤدي استخدام الأدوية المعروفة بمضادات الالتهاب اللاستيرويدية (بالإنجليزية: Nonsteroidal anti-inflammatory drug) بجرعات مرتفعة ولفترة زمنية طويلة، لغايات التخفيف من الألم المزمن المصاحب لبعض الحالات مثل: التهاب المفاصل ، إلى إبطاء إنتاج الطبقة المخاطية التي تحمي المعدة ويغير من بُنيتها، ومن هذه الأدوية: الأسبرين، و الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen)، والنابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen)، ولتوضيح كيفية تسبّب هذا النوع من الأدوية بحدوث قرحة المعدة يجدر في البداية بيان أنّ هذه الأدوية تُسكّن وتُقلّل الألم من خلال تثبيط الإنزيمات المهمة لإنتاج مركبات البروستاغلاندين المرتبطة بالشعور بالألم، إلّا أنّ هذه المركبات من جهة أخرى هي جزء من الطبقة المخاطية الحامية في المعدة، وبالتالي فإنّ تثبيط إنتاج هذه المركبات وبطء إنتاج الطبقة المخاطية الحامية لبطانة المعدة يجعلها معرضة للالتهاب، ومع مرور الوقت يمكن أنّ يؤدي ذلك لتمزق الشعيرات الدموية في المنطقة المتضررة، وحدوث نزيف وتقرّح في بطانة المعدة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مضادات الالتهاب اللاستيرويدية تُقسم إلى نوعين؛ الاعتيادية المعروفة أيضاً بغير الاختيارية (بالإنجليزية: non-Selective NSAIDs)، والنوع الثاني يُعرف بالمضادات الاختيارية (بالإنجليزية: Selective NSAIDs)، وفي الحقيقة يؤدي استخدام مضادات الالتهاب اللاستييرويدية غير الاختيارية إلى إلحاق الضرر ببطانة المعدة، بما في ذلك زيادة فرصة المعاناة من قروحها، في حين أنّ مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الاختيارية لا تُلحق الضرر ببطانة المعدة، وعليه يمكن الاستفادة من مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الاختيارية في تقليل فرصة تطور قرحة المعدة لدى الأشخاص الذين يحتاجون أخذ الأدوية التابعة لهذه المجموعة لفترة طويلة أو بجرعات مرتفعة، ومن جهة أخرى يمكن تقليل فرصة حدوث قرحة المعدة التي قد تترتب على مضادات الالتهاب اللاستيرويدية عامة بالحرص على أخذ أقل جرعة فعالة ممكنة، وذلك تحت إشراف الطبيب.
وفي سياق هذا الحديث يُشار إلى أنّ مجموعة من العوامل تزيد فرصة حدوث المضاعفات المرتبطة بقرحة المعدة الناجمة عن استخددام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية، ومن هذه العوامل ما يأتي:
- التقدم في العمر، وتحديدًا تجاوز الخامسة والستين عامًا.
- أخذ الأدوية التي تتبع لمجموعة الكورتيكوستيرويدات.
- وجود تاريخ للإصابة بقرحة المعدة من قبل.
- أخذ الجرعات المرتفعة من مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.
- الإصابة بعدوى البكتيريا الملوية البوابية.
- أخذ دواء الأسبرين بشكل يوميّ، ويشمل ذلك حالات أخذ الأسبرين بجرعات منخفضة لغرض حماية جهاز القلب والدوران.
- أخذ الأدوية الأخرى المرققة للدم على اختلاف أنواعها.
أسباب أخرى أقل شيوعاً
يمكن أن تظهر قرحة المعدة لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية شديدة، والذين عادةً ما يتم علاجهم في وحدات العناية المُركّزة، مثل المصابين بالحروق الشديدة، وتُعرف القرحة في هذه الحالة بقرحة الإجهاد (بالإنجليزية: Stress ulcer)، حيث تنشأ القرحة نتيجة للإجهاد الناتج عن قلة تدفق الدم إلى المعدة، ولذلك يُعطى هؤلاء الأشخاص أدوية مُثبّطة لإفراز الأحماض لمنع ظهورها، وقد تؤدي الإصابة بمتلازمة زولينجر إليسون (بالإنجليزية: Zollinger-Ellison syndrome) إلى المعاناة من قرحة المعدة، حيث يعاني المصابون بهذه المتلازمة من ورم في منطقة البنكرياس أو الاثني عشر غالباً، إذ يسبب هذا الورم إفراز هرمون الغاسترين (بالإنجليزية: Gastrin) الذي يُحفز المعدة لإفراز المزيد من الأحماض بشكلٍ أكثر من الطبيعي، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة كمية الأحماض، وبالتالي الإصابة بقرحة المعدة، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المتلازمة يُتوقع أن تسبب أقل من 1% من جميع حالات قرحة المعدة، لذلك فإنّها تُعدّ من الأسباب النادرة للإصابة بقرحة المعدة والأمعاء.
عوامل خطر الإصابة بقرحة المعدة
توجد مجموعة من عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة بقرحة المعدة، كما أنّها قد تزيد حالات قرحة المعدة سوءاً وتجعل التعافي منها صعباً بعض الشيء، ومن هذه العوامل نذكر ما يأتي:
- التدخين: يُعدّ التدخين من العوامل التي تزيد فرصة الإصابة بقرحة المعدة، هذا بالإضافة إلى تسببه بإبطاء عملية الشفاء من قروح المعدة في حال ظهورها، ومن الأدلة العلمية التي توضح الرابط بين التدخين وظهور قرحة المعدة ما تمّ إثبات صحته حول تسبب التدخين بزيادة إفراز المعدة لأحماضها مع مرور الوقت، إضافة إلى تقليله لبيكرونات الصوديوم التي تُعدّ خطًا دفاعيًا عن المعدة لحمايتها من أحماضها، وبالتالي فإنّ زيادة الحمض وضعف الخط الوقائي يُسفر في نهاية المطاف عن زيادة فرصة الإصابة بقرحة المعدة، ومن جهة أخرى تبيّن أنّ التدخين يتسبب بإعاقة بعض الأدوية المُستخدمة في علاج قرحة المعدة عن أداء وظيفتها على الوجه المطلوب، وذلك عن طريق تسببه بما يأتي:زيادة الحالة التي تسببت بظهور قرحة المعدة سوءًا.
- إبطاء معدل الشفاء من قرحة المعدة.
- إعاقة الأدوية عن أداء دورها على الوجه المطلوب.