ما هي أسباب ظاهرة تشغيل الأطفال
أسباب ظاهرة تشغيل الأطفال الاقتصادية
الفقر
يلعب الفقر دوراً بارزاً في ظاهرة تشغيل الأطفال، فعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العمل، إلّا أنّ الدراسات أثبتت أنّ الفقر هو العامل الرئيسيّ لهذه الظاهرة، ويُمكن اعتبار الأهل المسؤولين المباشرين عن اتخاذ قرار تشغيل الأطفال وليس الطفل نفسه، فالأسر التي تعيش تحت خط الفقر يصعُب عليها تحمُّل تكاليف معيشة أطفالهم، فبدلاً من إرسالهم إلى المدرسة فإنّهم يرسلونهم إلى العمل دون رضاهم، إذ يضطرون لتحمُّل مشاق العمل على اعتبار أنّهم جزء مهم للمساهمة في الحصول على الدخل للمساعدة على توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة، والجدير بالذكر أنّ حل مشكلة الفقر يحُد من ظاهرة تشغيل الأطفال بشكل كبير.
الفساد
يُعدّ الفساد أحد أهم العوامل التي تساهم في تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال؛ لأنّه السبب الرئيسي لإساءة استخدام الموارد، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفقر، وقد بيّن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (United Nations Development Programme) اختصاراً (UNDP) وجود أضرار كبيرة مرتبطة بالفساد ، أهمّها: تفاقم الفقر، وانتهاك حقوق الانسان، وعدم المساواة، وزيادة الصراع، وإضعاف الدور الديمقراطي لأيّ دولة ينتشر فيها الفساد، وبالتالي ينتشر الفقر فيها، ويُحرَم الأطفال من الخدمات الأساسيّة والتي تُعدّ جزءاً مهماً من حقوقهم كالرعاية الصحية ، والتعليم، وغيرها، ما يدفع الأطفال إلى العمل للهروب من الفقر وتأمين احتياجاتهم الأساسيّة.
البطالة
يؤدي ارتفاع معدّل البطالة إلى زيادة ظاهرة تشغيل الأطفال، إذ إنّ عدم توفر فرص عمل للآباء قد يدفع الأطفال إلى البحث عن عمل لتوفير مصدر دخل للأسرة، وخصوصاً عند توفر وظائف أعلى من مؤهلات الآباء، أو وجود بعض الوظائف الملائمة لعمل الأطفال أكثر منها للبالغين، ومن جهة أخرى تؤدي البطالة إلى استغلال الشركات والمؤسسات للأطفال وجعلهم يعملون في ظروف صحيّة وبيئيّة صعبة جداً، والتي يضطر الأطفال للعمل ضمنها بسبب الطلب الكبير على العمل وعدم توفره في نفس الوقت، ولحاجتهم للمساهمة في تحقيق المتطلبات الأساسيّة للأسرة والتي تُعينهم على البقاء.
المشاكل الماليّة للدول
تعاني العديد من الدول من مشاكل ماليّة، وتشمل: ارتفاع معدّل التضخم ، والديون المتراكمة عليها لدول أخرى، لذا تعجز هذه الدول عن توفير احتياجات شعبها الأساسية كالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وغيرها من الاحتياجات الأساسية، ما يدفع الأطفال إلى العمل من أجل المساعدة على تحقيق هذه المتطلبات للأسرة.
انخفاض معايير الضمان الاجتماعي
تعاني العديد من الدول النامية من سوء التخطيط فيما يخص موضوع الضمان الاجتماعي وانخفاض مستواه، وتعاني هذه الدول نفسها أيضاً من سوء أنظمة التأمين الصحي، لذا يكون على الأفراد تأمين احتياجاتهم والاعتناء بأنفسهم ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، كما أنّ الأُسر التي يعاني فيها الآباء من أمراض تمنعهم من العمل، يتعين على الأطفال القيام بذلك بدلاً عنهم للحصول على الدخل وتأمين احتياجات الأسرة الأساسية.
أسباب ظاهرة تشغيل الأطفال السياسية
الحروب الأهلية
تؤدي الحروب الأهلية إلى تدمير اقتصاد البلد، واستهلاك مواردها، أو حرقها، بالإضافة إلى دورها في انتشار الأمراض والفقر بين الأفراد، لذا يضطر الأهالي إلى إرسال أطفالهم إلى العمل من أجل توفير مصدر دخل يُؤمّن الاحتياجات الأساسية للأسرة، والجدير بالذكر أنّ تقديم المساعدات للدول التي تعاني من الحروب الأهلية لا يساعد على حل المشكلة طالما أنّ الحرب مستمرة.
الهجرة الحضريّة
تلعب الهجرة دوراً مهماً في زيادة تشغيل الأطفال، فالأفراد الذين يهاجرون من الريف إلى المدينة بسبب وجود عوامل جاذبة في المدينة، قد يُضطرون إلى العيش والعمل في الشوارع بسبب عدم قدرتهم على تأمين الاحتياجات الأساسية كالطعام والمأوى، ما يجعلهم معرضين أكثر للعنف، وممارسة الأعمال غير القانونيّة كالسرقة، وقد يعمل الأطفال في ظروف غير صحيّة كالعمل في الأحياء الفقيرة، أو في ظروف بيئيّة سيئة كالعمل في المطاعم، أو الفنادق، أو المنازل، وتؤدي الهجرة المتزايدة إلى انتشار الفقر، وارتفاع البطالة والظروف الصحيّة غير الملائمة، وعدم توفر المأوى، وهذه الأمور جميعها تدفع الأطفال إلى العمل لتأمين تلك الحاجات والمتطلبات الأساسية.
انتهاك القوانين وقواعد السلوك
يؤدي انتهاك القوانين وقواعد السلوك السائدة في الدول إلى انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال، فبعض الدول تعاني من صعوبة مراقبة المؤسسات والمصانع في كلّ خطوة من خطوات الإنتاج، ولا تستطيع مراقبة من يقوم بالعمل، لذا قد يستغل أصحاب المصانع ذلك ويقومون بتشغيل الأطفال وإخفاء عملية التعاقد معهم بقصد أو دون قصد.
كما أن بعض الدول لا تُطبّق القوانين المتعلّقة بعمالة الأطفال فيها، وأحياناً قد تسمح بتشغيل الأطفال في بعض القطاعات كالقطاع الزراعي أو في المنازل، حتى الدول التي لديها قوانين قويّة ضد عمالة الأطفال، قد تنتشر فيها ظاهرة تشغيل الأطفال بسبب فشل محاكمها في تنفيذ القوانين، أو عجز مكاتب التفتيش المخصصة من متابعة عمالة الأطفال لنقص التمويل أو نقص الموظفين أو غيرها من الأسباب.
كبت حقوق العمال
يحق للعمال تشكيل نقابات خاصة بهم لحماية حقوقهم ووضع معايير العمل الأساسية بما فيها عمل الأطفال، لكن إعاقة قدرة العمال على تشكيل مثل هذه النقابات وتنظيم أمورهم يؤدي إلى عدم حماية حقوقهم في تحسين مستوى عملهم أو مستوى المعيشة لهم، وبالتالي عدم القدرة على القضاء على ظاهرة تشغيل الأطفال.
أسباب ظاهرة تشغيل الأطفال الاجتماعية
يوجد دور مهم للعادات والتقاليد المحلية والتصوّرات الشعبيّة السائدة في مجتمع معين في ظاهرة تشغيل الأطفال، ومن العادات والتقاليد التي تزيد ظاهرة تشغيل الأطفال ما يأتي:
- انتشار بعض الآراء حول أهمية العمل في تنمية مهارات الأطفال وصقل شخصيتهم.
- انتشار التقاليد التي تُشجّع على اتباع الأطفال لخُطى والديهم في عمل معين أو تجارة ما، وتعلُّم ذلك العمل أو التجارة وممارسته منذ الطفولة.
- انتشار التقاليد التي تدفع العائلات الفقيرة إلى تحمُّل مقدار كبير من الديون لإتمام المناسبات الاجتماعية وأحياناً الدينيّة، ممّا يدفع أطفال تلك الأسر إلى العمل من أجل الحصول على قدر كافٍ من المال لتحمُّل تلك الضغوط الاجتماعية.
- انتشار بعض الآراء بعدم أهمية تعليم الفتيات، ممّا يدفع الأسر إلى إخراجهنّ من المدارس في سن مبكرة، ودفعهن إلى العمل سواءً أكان في منازل الوالدين، أم منازل أخرى.
- عدم إدراك الأهالي والأطفال أنفسهم لخطورة تشغيل الأطفال في سن مبكرة على مستقبلهم وتعارضه مع مصلحتهم، حيث تكون عمالة الأطفال متأصّلة بعمق في عادات وتقاليد تلك المنطقة.
- زيادة عدد أفراد الأسرة، عند مقارنة الأسر ذات الأعداد الكبيرة مع الأسر الأقل عدداً، يتبيّن أنّ أطفال الأسر الكبيرة قد يضطرون للعمل بسبب عدم كفاية دخل الوالدين لتغطية احتياجاتهم، فيضطرون للعمل لتلبية تلك الاحتياجات.
- اضطرار الأطفال الأيتام للعمل بسبب عدم وجود أبوين يوفران احتياجاتهم، لذا فهم يعملون لتوفير احتياجاتهم الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وتنتشر هذه الظاهرة في الدول التي لا توفر ضماناً اجتماعياً لأولئك الأطفال، فيتوجهون إلى العمل بدلاً من الذهاب للتعليم؛ لتأمين متطلباتهم الأساسية.
أسباب ظاهرة تشغيل الأطفال التعليمية
يؤثر توفر التعليم وجودته على ظاهرة تشغيل الأطفال، وقد تزيد الأسباب التعليمية من تلك الظاهرة من خلال ما يأتي:
- عدم وجود عدد كافٍ من المدارس في بعض المجتمعات.
- عند توفر المدارس، أحياناً قد لا يستطيع الآباء تحمُّل تكاليف التعليم حتى عندما يكون مجانياً، ومن وجهة نظر أولئك الآباء، فإنّ ذهاب الأطفال إلى المدارس يُضيّع عليهم فرصة الحصول على المال، فهم لا يرون أنّ التعليم هو بديل عملي وضروري عن عمالة الأطفال؛ لأنّه يضيع عليهم المال.
- بعض الدول تعاني من رداءة وجودة التعليم، فهو لا يربط الأطفال بحاجاتهم الاجتماعية بالتالي فهم أنفسهم وآبائهم يرون عدم وجود أيّ داعٍ للذهاب إلى المدارس، فالتعليم ليس له فائدة بنظرهم.
- وجود العديد من الآراء تبيّن دور العمل في تأهيل الفتيات للمستقبل وزيادة استعدادهنّ للحياة مقارنة بدور المدارس في هذا المجال.
قد تؤدي تلك الأسباب مجتمعة إلى توجّه الأطفال ودخولهم إلى سوق العمل في سن مبكرة بدلاً من الذهاب إلى المدارس، وقد يدخل عدد كبير منهم سوق العمل وهم أُميّون وغير قادرين على القراءة والكتابة، ويفتقرون إلى أهمّ الأسس التي تنمي مهاراتهم الاجتماعية وتحسن فرصهم في الحياة وتحقق حياة كريمة لهم، وعادة يبقى أولئك الأطفال في نفس مستواهم التعليمي الذي دخلوا به سوق العمل دون وجود أيّ تطوير عليه، ودون إكسابهم أيّ مهارة تُذكر.
طرق علاج ظاهرة تشغيل الأطفال
من المهم إيجاد حلول ومقترحات من أجل الحد من ظاهرة تشغيل الأطفال، منها ما يأتي:
- مقترحات التعديل التشريعيّة: من المهم تعديل وتوحيد المواد التي تُعنى بحقوق الأطفال العاملين في كل من قانون الطفل وقانون العمل.
- قانون الطفل: من المقترحات التي قد تساهم في الحد من ظاهرة تشغيل الأطفال، والخاصة بقانون الأطفال ما يأتي:
- وضع عقوبات مشددة على كلّ من يخالف أيّاً من أحكام باب تشغيل الأطفال.
- إلغاء القانون الذي ينص على إمكانيّة تشغيل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12-14 عاماً.
- شمول الأطفال العاملين في الزراعة بالحماية التشريعية، وتنظيمها، أسوة بالقوانين التي تُنظّم عمل الأفراد البالغين في مجال الزراعة، ويتمّ ذلك من خلال تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الطفل وأيّ قرار متعلّق به.
- حظر تشغيل الأطفال في خدمة المنازل والتشديد على ذلك؛ لأنّها تُعدّ من أسوء أشكال عمالة الأطفال، بسبب عدم وجود قانون يسمح بتفتيش المنازل، كما أنّ تشغيلهم في المنازل لا يتضمّن تطبيق الأحكام المتعلّقة بتشغيل الأطفال كما هي واردة في القانون.
- من المهم ضمان تنفيذ القوانين الخاصة بعمل الأطفال، وضمان تحقيق الشروط المتعلّقة بتشغيلهم، لذا من المهم استحداث إدارة متخصصة بقطاع التفتيش تراقب تطبيق القانون.
- مقترحات السياسة العامة: ويكون ذلك من خلال:
- توفير الحماية في المناطق التي تنتشر فيها عمالة الأطفال كالمحاجر، والورش الصناعية، والزراعة، والمركبات التي تنقل الأطفال إلى الأراضي الزراعية، من خلال تفعيل دور لجان الحماية المتخصصة.
- رفع درجة وعي لجان الحماية بالقواعد التي تُنظّم العمل في كل من المهن التي يُحظر على الأطفال العمل بها، ووجود وعي تجاه اللائحة التنفيذية بقانون الطفل .
- دعم المفتشين المسؤولين عن مراقبة عمل الأطفال في المناطق التي تسود فيها هذه الظاهرة وتأمين المتطلبات اللازمة للقيام بدورهم كزيادة عددهم وتوفير وسائل نقل تساعدهم على أداء عملهم.
- تفعيل التعاون بين لجان الحماية والمدارس ومجالس الأمناء، ووضع خطط مناسبة لإيجاد الحلول لظاهرة التسرُّب المدرسي ، وإعادة دمج الطلاب في التعليم.
- تفعيل دور مراكز التدريب التابعة لوزارات العمل في المناطق التي تسود فيها هذه الظاهرة؛ من أجل القضاء على تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة وتوجيه عملهم نحو الأعمال الأكثر أمناً.
منظمات العالم وعلاج ظاهرة تشغيل الأطفال
منظمة العمل الدولية
قامت منظمة العمل الدلولية (International Labour Organization) اختصاراً (ILO) عام 1992م بإنشاء البرنامج الدولي للحد من عمالة الأطفال (International Programme on the Elimination of Child Labour) اختصاراً (IPEC)؛ من أجل القضاء على ظاهرة عمل الأطفال بشكل تدريجيّ، وذلك من خلال تعزيز قدرة الدول وزيادة إمكانياتها في التعامل مع هذه المشكلة، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة عمالة الأطفال، ويُعدّ هذا البرنامج الأكبر من نوعه على مستوى العالم، وفي نفس الوقت هو البرنامج التشغيلي المنفرد الأكبر التابع لمنظمة العمل الدولية.
ومنذ إنشاء البرنامج وهو يتوسع باستمرار، فهو الآن يشمل 88 دولة، وأصبح يشمل مختلف القطاعات، منها: المنظمات ، والوكالات الدولية والحكومية، ومنظمات أصحاب العمل والعمال، والمنظمات غير الحكومية، والشركات الخاصة، والجامعات، والمنظمات المجتمعية، والبرلمانيّون، والإعلام، والقضاء، والأطفال وعائلاتهم.
الاتحاد الأوروبي
يحمل الاتحاد الأوروبي (European Union) اختصاراً (EU) على عاتقه دوراً رئيسياً في حماية حقوق الأطفال، فهو يلتزم بحمايتهم في كل من سياساته الداخلية والخارجيةن من خلال نشر التدابير المتعلّقة بذلك الشأن، والمعترف بها دوليّاً في سياساته الخارجية، كالتأكيد على حقوق الأطفال في التعليم والصحة والغذاء وغيرها، والقضاء على تجنيد الأطفال في الصراعات المسلّحة والذي يُعدّ شكلاً خطيراً من أشكال عمالة الأطفال، وتحظر المادة رقم 32 من ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية عمل الأطفال وتمنعه نهائيّاً، وتحمي حقوق الشباب في العمل، بالتالي يتوجب على مؤسسات الدول التابعة للاتحاد الأوروبي أخذ ميثاق الاتحاد الأوروبي بعين الاعتبار عند وضع التشريعات والسياسات الداخلية والخارجية وتنفيذها.
اليونيسيف
تلعب اليونيسيف (UNICEF) دوراً مهماً في الحد من ظاهرة عمل الأطفال والقضاء عليها، وذلك من خلال تنفيذ عدد من الاستراتيجيات، وفيما يأتي ذكر لها:
- تعديل التشريعات القائمة كتحديد الحد الأدنى لسن عمل الأطفال.
- ضمان تنفيذ قانون عمل الأطفال عن طريق إنفاذ القانون.
- تحسين جودة التعليم ونشر الوعي بأهميته، والحد من العنف في المدارس، وتوسيع فرص الالتحاق بالمدارس.
- زيادة الوعي لدى الأسر والمجتمعات المحلية لمساوئ استغلال الأطفال وعملهم.
- تحسين الوضع الاقتصادي للأسر؛ من أجل تقليل الحاجة لإرسال الأطفال إلى العمل من خلال التخطيط لبرامج الحماية الاجتماعية وتوفير مبالغ مالية للأسر المحتاجة.
- تعزيز نظام حماية الأطفال من خلال وضع خطط متكاملة بهذا الشأن.
- التعاون بين الإدارات الحكومية؛ من أجل الحد من عمل الأطفال ومنعه تماماً، وإعادة تأهيل الأطفال العاملين.
لمعرفة مزيدٍ من المعلومات عن ظاهرة تشغيل الأطفال، يمكنك قراءة المقال بحث حول ظاهرة تشغيل الأطفال .