ما هي آداب صدقة التطوع
آداب صدقة التطوع
للصَّدقة العديد من الآداب، في المحافظة عليها يضمن المسلم أنّ صدقته طيِّبة جديرة بأنْ تنال القَبول من الله عزَّ وجل، ومن أبرز هذه الآداب وأهمُّها:
- إخلاص النّية لله -تعالى- وإرادة رضاه، ومعلومٌ أن النيّة تقلب العادة إلى عبادة حتى إذا قام الرجل بالإحسان والبذل لأهله لتأمين حاجاتهم، كان له بإنفاقه على أهله أجرالمُتَصَّدِّق، ويظهر بذلك كَرم الله -تعالى- بكونه يَهب لعباده المال، ثمَّ يُكرِمهم بالأجر إذا أنفقوا منه بنيّة صادقة.
- أن تكون الصدقة من المال الحلال الطَيِّب، فالله لا يقبل من عباده إلا ما كان طيَّباَ؛ لإرشادهم إلى ضرورة تحرِّي المال الحلال الطيِّب والابتعاد عن أكل الحرام ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا).
- عدم الاستهانة بالقليل من الصدقة، واستحضار فضلها وما سيكون عليها من الثواب والأجر يوم القيامة ، فقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلَّم- لأصحابه النار، فتعَوَّذ منها وأمرهم بأن يتَّقوها حتى ولو بالتّصدق بتمرة على المحتاجين فقال:(اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ)، أو بالكلمة طيبة ، أو أن تلقى أخاك المُسلم بالابتسامة والسلام .
- المُسارعة إلى إخراج الصدقة حال الحياة من الآداب التي يجب التَّحلي بها، فقد أمَر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه -رضي الله عنهم- أن يُسارعوا إلى إخراج الصدقة إذا رأَوْا مُحتاجاً.
- الابتعاد عن إتْباع الصدقة بالمَنّ على المتصدَّق عليه وإيذائه وإشعاره بالإهانة، فمن وفقَّه الله -تعالى- وأنعم عليه بهذه العبادة ، من الأوْلى به أن يتَوَّجه إلى الله بالشكر على المال بداية وعلى الصدقة بدل إظهار المنَّة على المُحتاج، فالمُتصَّدِق والمُتصَدَّق عليه محتاجين إلى مرضاة الله تعالى.
- أداء الصَّدَقة بالسِّر وتجنُّب تقديمها بالعلن أمامَ أعين الناس إلَّا إذا كان في تقديمها أمام الناس مصلحة، وفيما يتعلَّق بأفضلية تقديم الصدقة سراً أو جهراً، فإنَّ ذلك يعود إلى النية، فإن أراد المُتصَدِّق من إعلان صدقته تشجيع الناس على المُسارعة إلى تقديم الصدقة، فيكون له من الأجر كأجر الذين أعانهم على الصدقة بإعلان صدقته أمامهم، وإن أراد تقديمها بالسر خشية أن يدخل العُجب والرّياء إلى نفسه كان له ذلك وصحَّ منه قال تعالى:(إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
- أن يتَحرَّى من النّاس أشدَّهم حاجة للصدقة، وأُولي القربي المُحتاجين أوْلى بالصدقة من غيرهم يقول تعالى:(وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ).
- الإقبال على الصدقة وتقديمها عن طيب نفس فيكون المتصدق حال التصدّق مُبتَسِماً يُظهر السعادة ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الامتناع عن الصدقة خشية الفقر، فمن شأن الصدقة أن تُبارك المال لا أن تُنقصه، فقد سألت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التّصدّق من مال زوجها إذ أنها لا تملك غيره فحثّها النّبي على التصدق بقوله:(أعطي ولا توكي فيوكَى عليْكِ) أي أعطي من المال الذي ملَّككِ إياه زوجك من المأكل أو الملبس أو المشرب، ولا تمنعي الصدقة فيمنعكِ الله ويحرمك من فضله.
- أن تكون الصدقة من أحب أموال المُتَصدِّق إلى نفسه وأكرمها عنده، وعدم التصدق من أسوء الأموال وأرْدئها؛ وذلك لقوله تعالى:(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).
حكم صدقة التطوع
الصدقة من النَّوافل التي يتحقَّق بها قُرب العبد من الله تعالى، ويقوم بها تطوعاً لله؛ وهي مُستحبَّة في كلِّ الأوقات، وقد دلَّ على استحبابها وفضلها في القرآن الكريم قوله تعالى:(مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّـهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) وقد جاء في السنة النبوية، قول النّبي صلى الله عليه وسلم:(إنَّ العَبدَ إذا تصَدَّقَ مِن طَيِّبٍ؛ تقَبَّلَها اللهُ منه، وأخَذَها بِيَمينِه، ورَبَّاها كما يُرَبِّي أَحَدُكم مُهرَه أو فَصيلَه، وإنَّ الرَّجُلَ ليتصَدَّقُ باللُّقمَةِ فتَربو في يَدِ اللهِ حتى تَكونَ مِثلَ الجَبَلِ، فتَصَدَّقوا) وينتقل حكم الصدقة من الاستحباب إلى التحريم إذا عَلِم المُتَصَدِّق أو غلبَ على ظَّنه أنَّ آخِذها سيُنفقها بما يُغضِب الله، وتكون الصدقة واجبةً إذا وجد المُتصَّدِّق مُحتاجاً في حالة الاضطرار للصّدقة، وكان عنده ما يَفضُل عن حاجته.
وجدير بالذكر أنَّ للصّدَقة وجوهاََ عديدة لا تقتَصرعلى إنفاق المال، فتقديم المنفعة والمساعدة للنّاس من الصدقة التي يؤجَر فاعلها ورفع الأذى من الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وذكر الله فيه أجر الصدقة، وفعل المعروف من الصدقة كما يعتبر كل ما فيه مرضاة الله تعالى صدقة، وتظهرالحكمة من تشريع الصدقة أنَّها من أبواب الخير التي تعود على المُتصدِّق بجزيل الأجر والثَّواب في الآخرة، كما أنها تعمل على تنقية النفس الإنسانية من البخل والشح، حتى ترتقي بها في مراتب الأخلاق الحميدة التي تَحلَّى بها الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، كما أنَّها تقضي على الكراهية، وتَبُثّ روح المحبة والمودة بين أفراد المُجتمع الواحد.
هدي النبي في صدقة التطوع
كان النَّبي -صلى الله عليه وسلم- معطاءً، كثير الإنفاق على المُحتاجين، يُعطي عطاء من لا يخشى على نفسه من الفقر ، ويجود على الناس بالقليل والكثير، وكان فرحه بما يُنفق ويتصدَّق أكثر من فرحه بما يأخذ وهذا دأب النفوس العظيمة، حتى أنَّه كان يُؤثر حاجة الناس على حاجته فيجود عليهم بالصَّدقة والهدية وسائر الأُعطيات، وكان إذا أُهدي له هدية كافأ عليها بما هو خيرٌ منها، وكان أثر الصدقة يَظهرُ جلياً على النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان قلبه سليم ، وصدرهُ مُنشرح، وهذا الحال من النبي فيه دعوة للناس للاقتداء به في إحسانِه وصدقتِه وبذلِه وعطائِه.