ما هو موقف المسلم من الأحاديث الضعيفة
حكم رواية الأحاديث الضعيفة
حكم رواية الحديث الضعيف في فضائل الأعمال
يُعمل بالحديث الضعيف في الفضائل، والمستحبات، والمكروهات، ولكن بشروط هي:
- لا يُقبل حديث الكذابين والمُتهمين بالكذب.
- أن يكون له أصلٌ معمولٌ به في الدين، كالصلاة أو الزكاة أو الصوم.
وورد عن الإمام أحمد قوله عن العمل بالحديث الضعيف: "وإذا روينا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضائل الأعمال أو ما لا يُضع حكماً ولا يُرفعه، تساهلنا في الأسانيد"، فيُروى الحديث بغير الصيغ الجازمة، التي تُفيد القطع في نسبته إلى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فيقولون: رُويَ عنه، أو يُروى عنه، أو ورد، أو يُحكى، أو يُنقل.
وذهب بعضهم إلى عدة مذاهب، فقد نُقل عن سُفيان الثوري بجواز الأخذ به من أهل الحديث المشهورين، مع عدم جواز الأخذ به من الذين لا يعرفون الزيادة والنُقصان.
حكم رواية الحديث الضعيف وشرطها
تُعد رواية الأحاديث الضعيفة من المسائل التي تعددت آراء المُحدثين حولها، نعرضها فيما يأتي:
- ذهب بعض الصحابة بجواز رواية الحديث الضعيف بشرط؛ أن يُبين الراوي ضعفه؛ لئلا يُعتبر به.
- ورّخَصَّ بعض المُحدثين، كابن المُبارك، وأحمد بن حنبل، بروايتها في غير العقائد والأحكام.
- وذهب آخرون إلى عدم جواز العمل به مُطلقاً.
علق أحمد شاكر على شُروط العمل بالحديث الضعيف فقال: إنّ بيان ضعفها يجب في كُل حال؛ لأنّ ترك البيان يُوهِم المُطّلع عليه أنّه حديث صحيح، وخاصةً إن نقله أحدُ عُلماء الحديث، كما يرى عدم الفرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بالحديث الصحيح ، وأنما نُقل بجواز العمل به في الفضائل كان مقصودهم الحديث الحسن؛ الذي لم يرتقِ إلى درجة الصحيح.
وفرّق عُلماء الحديث بين الحديث الضعيف والحديث الموضوع، فقالوا: يجوز رواية الحديث الضعيف، والتساهل في إسناده من غير بيان ضعفه، فيقول: رويّ كذا، أو بلغنا كذا، أو أي روايةٍ لا تُفيد الجزم بها، بينما لا يجوز رواية الحديث الموضوع ، ويتم بيانها بشكل صريح، فيقول: حديث موضوع أو مكذوب.
أقسام الحديث الضعيف وحجيّة العمل بها
يُقسم الحديث الضعيف إلى قسمين، هما:
- ضعيفٌ يًعتبر به، وهو ما يطلق عليه الإمام الترمذي بالحديث الحسن.
- ضعيفٌ شديد الضعف لا يُعتبر به، مثال ذلك أن يكون في سنده كذاب، أو فيه غلط فاحش، أو يكون منقطع، أو مُرسل ليس له متابع ولا شاهد.
شروط رواية الأحاديث الضعيفة
قد أجاز بعض العلماء رواية الأحاديث الضعيفة بشروط، نعرضها فيما يأتي:
- أنّه يجوز رواية الحديث الضعيف في القصص والمواعظ أو فضائل الأعمال، ولا يجوز روايتها في العقائد، كصفات الله تعالى، والأحكام الفقهية التي تتعلق بالحلال والحرام.
- لا تقبل رواية الحديث شديد الضعف فيه كذاب أو متهم بالكذب أو معروفٌ عنه الغلط.
- أن يكون الحديث مندرجًا تحت أصلٍ من الأصول المعمول بها.
- أنْ تقبل رواية الحديث الضعيف للعمل به احتياطًا، دون الاعتقاد بثبوته عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- إذا ورد الحديث من طريقٍ آخر يُقوّيه، فيكون ضعفه ناشئاً عن ضعف حفظ الراوي، وأمّا إن وافق غيره وكان ضعفه ناشئ عن ضعف العدالة في الرواة؛ فإنّ هذا لا يؤثر فيه.
- أن يروى الحديث الضعيف بالصيغ التي تفيد عدم الجزم به، سواءً أكان الضعف في الإسناد أو المتن، وهذه الصيغ تُسمّى بصيغ التمريض؛ والمقصود بالتمريض أن لا يؤكد نسبتها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يقال "قال رسول الله"، بل تستخدم صيغ لا تؤكد ثبوته عن النبي مثل:" يُحكى، يُروى..".
- أن لا يعارض غيره، ولا يوجد في الباب سواه.
- لا يقبل في تفسير القرآن، وحذر الإمامُ الزركشيّ من تفسير القُرآن بالحديث الضعيف، وذهب أهل التفسير إلى أن التفسير لا يكون إلا بالأحاديث المقبولة.
- أن يكون سليماً من النكارة في إسنادة ومتنه.
- أنّه يصلح الاحتجاج بالحديث الضعيف المُتماسك متصل السند، وإن لم يصل إلى درجة الصحيح، فهو أفضل من الآراء البشريّة.
أثر الحديث الضعيف على المجتمع
للحديث الضعيف العديد من الآثار السيئة التي تعود على المُجتمع، منها ما يأتي:
- ترك العمل بالأحاديث الصحيحة، مع احتمالية الوقوع في الشرك.
- صرف الناس عن التوسل المشروع، وعن العبادات.
- إنكار بعض أُصول الاعتقاد، مع انتشار بعض البدع في المُجتمع، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال في بعض الأحيان.
- انتشار اليأس بين الناس وترك بعض الطاعات، مثال ذلك (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له) فقد يدفع بعضهم إلى ترك الصلاة.