ما هو داء كرون
ما هو داء كرون
يشير مصطلح داء كرون (بالإنجليزية: Crohn's disease) إلى حالة صحِّية طويلة الأمد تتسبَّب في التهاب بطانة الجهاز الهضمي، وغالباً ما يصيب الأمعاء الغليظة المعروفة باسم القولون أو الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة المعروف باسم اللفائفي (بالإنجليزية: Ileum)، كما أنَّه قد يؤثِّر في أيِّ جزء من أجزاء الجهاز الهضمي الذي يمتدُّ من الفم إلى المستقيم، فالجهاز الهضمي مصمَّم بطريقة تناسب وظيفته التي تتضمَّن تحويل الطعام إلى الطاقة التي يحتاجها الجسم للبقاء على قيد الحياة، والتخلُّص من بقايا الطعام على شكل فضلات، ومما ينبغي التنبيه إليه أنَّ داء كرون ليس مرضاً معدياً، أي لا يمكن انتقاله من شخص إلى آخر من خلال الاتصال مع الشخص المصاب.
أسباب وعوامل خطر داء كرون
إنَّ السبب الدقيق للإصابة بداء كرون لا يزال غير معروف، وفي الحقيقة كان بعض الأطبَّاء في السابق يعتقدون أنَّ للنظام الغذائي المتَّبع والضغوطات النفسيَّة دوراً في الإصابة بداء كرون، إلا أنَّهم اليوم يعتقدون أنَّ هذه العوامل من الممكن أن تزيد الحالة سوءاً ولا تتسبَّب في حدوثها، كما يمكن لعوامل أخرى أن تلعب دوراً في تطوُّر وحدوث داء كرون، مثل: العامل الوراثي، إذ قد تلعب الجينات دوراً في جعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بداء كرون، إذ يُعدُّ داء كرون أكثر شيوعاً لدى من يمتلكون أفراداً مصابين به من العائلة نفسها، إلا أنَّ معظم المصابين بداء كرون ليس لديهم تاريخ عائلي للإصابة به، كما أنَّ لاختلال عمل الجهاز المناعي دوراً في الإصابة بداء كرون، فقد تتسبَّب الاستجابة غير الطبيعيَّة للجهاز المناعي خلال محاربته للكائنات المعادية للجسم في مهاجمة خلايا الجهاز الهضمي، وبذلك يمكن القول أنَّه من المحتمل أن تتسبَّب الفيروسات والبكتيريا في الإصابة بداء كرون، وبالإضافة إلى ما سبق توجد بعض العوامل التي من الممكن أن تزيد من خطر الإصابة بداء كرون، ومنها ما يأتي:
- التدخين: من الممكن أن يزيد التدخين من خطر الإصابة بداء كرون بمقدار الضعف.
- النظام الغذائي: إنَّ تناول الأطعمة الغنيَّة بالدهون قد يزيد من خطر الإصابة بداء كرون بشكل طفيف.
- بعض أنواع الأدوية: قد يزيد استخدام بعض أنواع الأدوية، مثل: المضادَّات الحيويَّة، وحبوب منع الحمل، ومضادات الالتهاب اللاستيرويديَّة، كالأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) والآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) من خطر الإصابة بداء كرون بشكل بسيط.
أعراض وعلامات الإصابة بداء كرون
قد يمرُّ المصابون بداء كرون بفترات طويلة من السكون والراحة، أي أنَّها فترات لا يظهر فيها أي من الأعراض، أو قد تظهر بعض الأعراض الخفيفة، إلا أنَّ هذه الفترات قد تليها فترات أخرى تكون فيها الأعراض مزعجة ومؤذية، حيث تتهيَّج الأعراض في هذه الفترة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ شدَّة أعراض داء كرون تتراوح بين الخفيفة إلى الشديدة جدّاً، إذ إنَّ بعض الأشخاص لا يتم تشخيصهم بداء كرون لعدَّة سنوات لعدم ظهور أيّة أعراض خاصَّة أو أعراض هضميَّة سيِّئة، وتتضمَّن أعراض داء كرون الرئيسيَّة ما يأتي:
- الإصابة بالإسهال الذي لا يتحسَّن، وقد يرافقه الدم أو المخاط في بعض الأحيان.
- خسارة الوزن دون وجود سبب معيَّن يُبرِّر ذلك.
- الشعور بألم في البطن يكون سيِّئاً جدّاً.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- الشعور بالإرهاق أو التعب الشديد.
- الغثيان والتقيُّؤ.
- الشعور بالمرض أو التوعُّك بشكل عام.
وقد يُؤثِّر داء كرون في أعضاء أخرى من الجسم، مما يؤدِّي إلى ظهور أعراض أخرى تستدعي مراجعة الطبيب حال ملاحظة أيٍّ منها، ومن هذه الأعراض ما يأتي:
- الشعور بألم في العينين واحمرارهما.
- ظهور طفح جلدي.
- ظهور تقرُّحات في الفم .
- الشعور بالألم والانتفاخ في المفاصل.
ولمعرفة المزيد عن أعراض داء كرون يمكن قراءة المقال الآتي: ( أعراض مرض كرون ).
تشخيص داء كرون
يبدأ تشخيص داء كرون من خلال إجراء الفحص البدني الطبيعي، بالإضافة إلى سؤال الطبيب عن الأعراض التي يعاني منها المريض، كما قد يجري الطبيب العديد من الفحوصات التشخيصيَّة للتأكُّد من تشخيص الحالة، إذ تعطي هذه الفحوصات صورة كاملة عن طبيعة الحالة الموجودة في الجسم، ومن هذه الفحوصات المستخدمة في تشخيص داء كرون ما يأتي:
- الفحوصات التصويريَّة: تزوِّد هذه الفحوصات الطبيب بصورة تفصيليَّة عن المنطقة المصابة، فهي إجراءات تشخيصيَّة غير جراحيَّة، ومن هذه الفحوصات: التصوير المقطعي المحوسب (بالإنجليزية: Computed tomography scan) واختصاراً CT scan، والذي يتم فيه استخدام الأشعَّة السينيَّة عالية الطاقة لتكوين الصور، والتصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic Resonance Imaging) واختصاراً MRI، وتصوير الأمعاء الدقيقة أو القولون باستخدام الأشعَّة السينيَّة وحقنة الباريوم.
- التنظير السيني المرن: (بالإنجليزية: Flexible Sigmoidoscopy) يستخدم في هذا الإجراء منظار داخلي خاص، وهو أنبوب رفيع مرن مزوَّد بالضوء يتم إدخاله إلى جسم المريض لفحص المنطقة المصابة، إذ يُجرى التنظير السيني المرن بهدف فحص المستقيم والمنطقة السفليَّة من القولون.
- تنظير القولون: يتم إجراء تنظير القولون (بالإنجليزية: Colonoscopy) بهدف تقييم تطوُّر المرض وتحديد طريقة العلاج الفعَّالة، فهو يعطي رؤية أو صورة أعمق للبطن مقارنة بالتنظير السيني المرن، كما يتم فحص المستقيم والمنطقة الداخلية للقولون في هذا الإجراء.
- تحليل البراز: يهدف هذا التحليل إلى الكشف عن وجود الدم والعلامات التي تدلُّ على الإصابة بالعدوى في عيِّنة البراز.
- فحص الخزعة: يتم في هذا الإجراء أخذ عيِّنة من الأنسجة لفحصها والكشف عن الإصابة بداء كرون أو غيره من الأمراض، مثل: السرطان .
ولمعرفة المزيد عن تشخيص داء كرون يمكن قراءة المقال الآتي: ( تشخيص وعلاج داء كرون ).
علاج داء كرون
تُعدُّ معالجة أعراض داء كرون والتقليل من تهيُّجها، والمحافظة على فترات السكون والراحة لدى المريض من الأولويَّات في علاج داء كرون، وعلى الرغم من عدم توفُّر علاج شافٍ لداء كرون في الوقت الحالي، إلا أنَّه توجد العديد من الخيارات العلاجيَّة للتخفيف من الأعراض المرافقة له، إذ قد يمرُّ بعض المرضى بفترات طويلة تمتدُّ لعدَّة سنوات لا تظهر فيها أيّة أعراض، وذلك نتيجة استخدام العلاجات الفعَّالة، وفي الناحية الأخرى قد يلجأ إلى إجراء العمليَّات الجراحيَّة في حال كان المرض شديداً، أو في حال لم تُجدِ العلاجات الدوائيَّة نفعاً في التخفيف من الأعراض بشكل ملحوظ، ويمكن بيان الخيارات العلاجيَّة المتاحة لداء كرون كما يأتي:
- العلاجات الدوائيَّة: يعتمد اختيار أفضل دواء لعلاج داء كرون على عدَّة عوامل مثل: عمر المريض، وشدَّة المرض، ووجود حالات صحِّية أخرى لدى المريض، والجزء المصاب من الأمعاء، إذ تساعد الأدوية على السيطرة على أعراض ومضاعفات داء كرون، كما أنَّها تساعد على تجنُّب أو تأجيل إجراء العمليَّات الجراحيَّة، إذ تتوفَّر العديد من الأدوية المستخدمة في علاج داء كرون، ويمكن بيان الأدوية الأكثر شيوعاً كما يأتي:
- الستيرويدات أو القشرانيَّات السكريَّة: تستخدم الستيرويدات (بالإنجليزية: Steroid) أو القشرانيَّات السكريَّة (بالإنجليزية: Glucocorticoids) بهدف السيطرة على الالتهاب، وغالباً ما تستخدم لفترة محدَّدة، إذ لا يُنصح باستخدامها لفترة طويلة لما تسبِّبه من آثار جانبيَّة، كما يتم التوقُّف عن تناولها تدريجيّاً، ومن الأمثلة على هذه الأدوية: بيوديسونيد (بالإنجليزية: Budesonide)، وبريدنيزون (بالإنجليزية: Prednisone).
- حمض 5-الأمينوساليسليك والسلفاسالازين (بالإنجليزية: Sulfasalazine): تستخدم هذه الأدوية للتقليل من الالتهاب في القولون واللفائفي.
- أدوية التعديل المناعي: يُنصح باستخدام أدوية التعديل المناعي (بالإنجليزية: Immunomodulators) إذا كانت أعراض داء كرون شديدة، أو لم تتحسَّن هذه الأعراض عند تناول الستيرويدات، أو في حال أصبحت هذه الأعراض أكثر سوءاً عند تقليل جرعة الستيرويدات المستخدمة، إذ تستخدم هذه الأدوية للمساعدة على التقليل من الالتهاب المرتبط بداء كرون، ومن أكثر هذه الأدوية استخداماً وشيوعاً: ميثوتركسيت (بالإنجليزية: Methotrexate)، والمركابتوبورين (بالإنجليزية: Mercaptopurine)، وآزاثيوبرين (بالإنجليزية: Azathioprine).
- معدِّلات الاستجابة الحيويَّة: تمنع معدِّلات الاستجابة الحيويَّة (بالإنجليزية: Biologic response modifiers) حدوث الالتهاب، وتستخدم عادة بالتزامن مع استخدام العلاجات السابقة الذكر.
- الجراحة: تُعدُّ العمليَّات الجراحيَّة أحد الخيارات العلاجيَّة المحتملة لعلاج داء كرون، إذ يوصى باللجوء إليها بشكلٍ عام في حال كان الشخص يعاني من انسداد في البطن، أو في حال استمرار ظهور أعراض داء كرون على الرغم من استخدام الأدوية، أو وجود ناسور غير قابل للالتئام، إذ تهدف العمليَّات الجراحيَّة إلى إزالة جزء من البطن.
- تغيير النظام الغذائي: يتسبَّب داء كرون في صعوبة امتصاص الجسم للعناصر الغذائيَّة من الطعام، لذلك يساعد التخطيط للوجبات الغذائيَّة على الحصول على العناصر الغذائيَّة التي يحتاجها الجسم، بحيث تكون هذه الوجبات غنيَّة بالبروتينات ، والسعرات الحراريَّة، ومما يُسهِّل هذه الطريقة هو تنظيم الوجبات بشكلٍ يومي، واحتواؤها على وجبتين أو ثلاث وجبات خفيفة.
ولمعرفة المزيد عن علاج داء كرون يمكن قراءة المقال الآتي: ( ما هو علاج مرض كرون ).