ما هو حور العين
معنى الحور العين
إنّ الله -سبحانه وتعالى- يجازي المؤمنين يوم القيامة بأمورٍ لا يمكن أن يتخيّلها العقل البشري، ومن هذا الجزاء الحور العين في الجنّة، والحور العين هي النّساء التي أُعِدَّت لأصحاب الجنّة لإكرامهنّ، وحسنهنّ وجمالهنّ يفوق الخيال، ولا يخطر على بال وقلب بشر، ولم تسمع أذنهم أو ترى أعينهم جمالاً كهذا من قبل.
ذلك أنّ الصّالح المؤمن التقي الذي كان يحارب المعاصي، ويتقرّب إلى الله -سبحانه-؛ سيكافئه -عز وجل- على ما صَبَرت عليه نفسه من أهوائه وشهواته التي يُحبّها، وعلى ما لاقته من مشقَّاتٍ وصِعابٍ في طريقه إلى الله، فيكون الزواج من الحور العين في الجنة ثواباً للمؤمن على أعمال الصالحة وعلى صبره في الدنيا.
صفات الحور العين في القرآن
وصف الله -سبحانه وتعالى- نساء الجنّة في آياتٍ قرآنيةٍ كثيرةٍ، ومنها ما يأتي:
- قال الله -تعالى-: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، إلى قوله: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
والمطهّرة هنا بمعنى التي طَهُرت من الحيض، والبول، والنّفاس، والغائط، والمخاط، والبصاق، وكلّ ما لا تحبّه النّفوس أو أيّ أذى يكون من البشر في الدّنيا، وتكون كذلك طاهرةً من الأخلاق السّيئة والصفات القبيحة والمذمومة، ولسانها طاهر من الفحش والبذاء، قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- وغيره: "مطهّرة: لَا يَحِضْنَ وَلَا يُحْدِثْنَ وَلَا يَتَنَخَّمْنَ".
- قال الله -سبحانه-: (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ).
والحور جمع حَوراء، وهي المرأة الشّابة التي تتّصف بالحسن والجمال والبياض وشدّة سواد العين، قال زيد بن أسلم: "الحوراء التي يحار فيها الطرف، وعين حسان الأعين".
- قال -سبحانه وتعالى-: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ* فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ).
قال الإمام ابن القيّم: "والمفسّرون كلهم على أنّ المعنى: قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يطمحن إلى غيرهم"، أي إنّ الحور العين في الجنّة لا تنظر لغير زوجها لأنّها تحبّه ولا تتمنّى زوجاً غيره.
- قوله -سبحانه وتعالى-: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ).
وقد بيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- معنى ذلك في قوله: (فأمَّا الياقوتُ فإنَّه حجَرٌ لو أدخَلْتَه سِلْكًا ثمَّ اطَّلَعْتَ لَرأَيْتَه مِن ورائِه).
- قال -سبحانه وتعالى-: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا* لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ).
وعرباً جمع عروب، وهنّ الحسناوات المتحبّبات إلى أزواجهنّ، حيث جمع الله -سبحانه وتعالى- بين جمال صورتها وحسن معشرها، وهذا غاية ما يُطلب من النساء، وبه تكمل لذّة الرّجل بهنّ، وأمّا قوله أتراباً فهو بمعنى مستويات على سنٍّ واحدٍ، وهو ثلاث وثلاثون سنةً.
- قال -تعالى-: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ* فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).
يُقصد بقوله: "لم يطمثهنّ" أي نساء أبكار لم يَلْمِسْهُنّ أحدٌ من قبل، ولم يسبق لهنّ الزواج، فيكون المؤمن الذي دخل الجنّة هو أول زوجٍ للحور العين.
صفات الحور العين في السنّة
ذُكرت الحور العين أيضاً في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها ما يأتي:
- الحُسن والنّقاء والجسم الشفاف الذي يكشف ما داخله من شدّة الصفاء
ثبت في الصّحيحين قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لا يَبْصُقُونَ فِيهَا، ولَا يَمْتَخِطُونَ، ولَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ومَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ، ولِكُلِّ واحِدٍ منهمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِما مِن ورَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لا اخْتِلَافَ بيْنَهُمْ ولَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ واحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا).
- الإشراق والرائحة الطيّبة الحسنة
قال النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (لو أنَّ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إلى أهْلِ الأرْضِ لَأَضاءَتْ ما بيْنَهُما، ولَمَلَأَتْهُ رِيحًا، ولَنَصِيفُها علَى رَأْسِها خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها).
- طيب لسانهنّ وإكرامهنّ لأزواجهنّ
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً، رَجُلٌ صَرَفَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الجَنَّةِ، ومَثَّلَ له شَجَرَةً ذاتَ ظِلٍّ، فقالَ: أيْ رَبِّ، قَدِّمْنِي إلى هذِه الشَّجَرَةِ أكُونُ في ظِلِّها)، وفي الحديث: (... ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَتَدْخُلُ عليه زَوْجَتاهُ مِنَ الحُورِ العِينِ، فَتَقُولانِ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْياكَ لَنا، وأَحْيانا لَكَ، قالَ: فيَقولُ: ما أُعْطِيَ أحَدٌ مِثْلَ ما أُعْطِيتُ).