ما هو حكم الوشم في الاسلام
حُكم الوشم في الإسلام
ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بحُرمة الوشم، استناداً إلى الحديث الصحيح التي ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في لعن الواشمة والمُستوشِمة، الذي رواه ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (لعَنَ اللَّهُ الواصلةَ والمُستوصِلةَ، والواشمةَ والمُستوشِمة).
وقد عدَّ بعض فقهاء المالكيّة، وبعض فقهاء الشافعيّة الوشم من الكبائر التي يُلعَن فاعلها، وذهب بعض متأخِّري المذهب المالكيّ إلى القول بكراهة الوشم لا تحريمه، وقال النفراويّ: إنّ حكم الكراهة يُحمَل على التّحريم.
وقد استثنى بعض الفقهاء حالتين من حُرمة الوشم، هما:
- إذا كان القصد من الوشم التداوي من مرض، فإنّه في هذه الحالة يجوز وضعه والتوشّم به؛ لأنّ القاعدة الفقهيّة تنصُّ على أنّ الضّرورات تُبيح المحظورات، وقد أباحت الضرورة هنا الوشم لأجل الاستشفاء أو التداوي.
- إذا كان القصد من الوشم تزيّن المرأة لزوجها، ويكون ذلك بإذنه.
أنواع الوشم وأحكامها
الوشم الثابت
هو آثار وخز الجلد بالإبرة، وملئِه بالكحل أو أيّ مادة أخرى، وحُكمه التحريم.
الوشم المُؤقّت
هذا النوع يُقسَم إلى قسمين، هما:
وشم مؤقّت لا يزول سريعاً
يدخل تحته تلوين محيط الشِّفاه، أو محيط الحواجب، أو إصلاح عيوب لون الجلد، باستخدام إبرة مُعقَّمة، وتزول آثار هذا النوع من الوشم بعد مدّة أقصاها ثلاث سنوات، ويُعرَف باسم درموغرافي، أمّا الحُكم الفقهي لهذا النوع من الوشم فهو التحريم، ودليل ذلك من القرآن الكريم، قول الله -تعالى-: (وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ)، فالوشم يُعدّ من تغيير خلق الله، ودليل السنة النبوية قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (لعَنَ اللهُ الواصلةَ والمستوصِلةَ، والواشمةَ والمستوشِمة)، فاللعن لا يكون إلّا على ما هو مُحرَّم.
وشم مُؤقّت يزول سريعاً
مثل: وشم الحناء، والطبع على الجلد، والحكم الفقهي لهذا النوع هو الجواز؛ لسهولة إزالته بالماء، وقد ذكر الإمام الصنعاني ما يتعلّق بذلك، حيث قال: (ولا يُقال إنّ الخضاب بالحناء تشمله علّة التحريم، وإن شملته فهو مخصوص بالإجماع، وبأنّه قد وقع في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل أمر بتغيير بياض أصابع المرأة بالخِضاب، كما في قصّة هند)، أمّا الطبع على الجلد فقد ذكر أحد العلماء المعاصرين بكراهته؛ لأنّه تشبّه بأصحاب الوشم.
الحِكمة من تحريم الوشم
تعددت أقوال الفُقَهاء في الحكمة من تحريم الوشم، كما يأتي:
- فقيل: لأنّ فيه إخفاءً للعيوب وغِشّاً وتزييفاً؛ للحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: (لعن اللهُ الواشماتِ والمُستوشماتِ، والنامصاتِ والمُتنمِّصاتِ، والمُتفلّجاتِ للحُسنِ المُغيِّراتِ خلقَ اللهِ).
- وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الحكمة من تحريم الوشم هي عدم تغيير خلق الله تعالى، ولِما في الوشم من تعذيبٍ لجسم الإنسان دون حاجةٍ أو ضرورةٍ لذلك، واستدلّ جمهور الفقهاء بقول الله -تعالى-: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا)، ووجه الدلالة من الآية الكريمة، أنّ المقصود بتغيير خلق الله هو: الواشم، وقال بهذا الصحابيّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والحسن البصري.
ملخص المقال: اتفق الفقهاء على تحريم الوشم واستثنوا من ذلك الحاجة أو الزينة للزوج، وهناك أنواع للوشم منها الوشم الدائم والوشم المؤقت الذي لا يزول سريعاً وحكمهما التحريم، بينما الوشم المؤقت الذي يزول سريعاً حكمه الجواز، بحيث لا يؤثر على الوضوء.