ما هو حد الردة في الإسلام
مفهوم حدِّ الردة في الإسلام
تعرف الردة لغة بأنها الرجوع عن الشيء، والتحول عنه، ومن هذا الباب جاء إطلاق الردة على عماد الشيء الذي يُرجع إليها.
وأما تعريف الردة اصطلاحًا، فقد تنوعت تعريفات الفقهاء للردة، وإن كانوا لا يختلفون كثيرًا في صياغتهم لمفهومه، ونبين تعريفاتهم على النحو التالي:
- تعريف الحنفية
قالوا بأن الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان.
- تعريف المالكية
عرف المالكية الردة بأنها: كفر بعد إسلام.
- تعريف الشافعية
وعرف الشافعية الردة بأنها: قطع الإسلام بنية، أو قول كفر، أو فعل، سواء قاله استهزاء، أو عنادًا، أو اعتقادًا.
- تعريف الحنابلة
وعرف الحنابلة الردة بقولهم: الذي يكفر بعد إسلامه نطقًا، أو اعتقادًا، أو شكًا، أو فعلًا.
مشروعية حدّ الردة في الإسلام
دلت النصوص من الكتاب والسنة وكذلك الإجماع على مشروعية حدّ الردة، وعلى قتل المرتد وأنه من أصحاب النار، ومن هذه الأدلة:
- قوله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
- قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
- حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من بدَّلَ دينَه فاقتُلوهُ).
- حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحلُّ دمُ امرِئٍ مسلمٍ، إلَّا بإحدى ثلاثٍ، النَّفسُ بالنَّفسِ، والثَّيِّبُ الزَّاني، المفارِقُ دينَهُ التَّارِكُ للجماعَةِ).
- الإجماع، فقد نقل عن جماعة من أهل العلم الإجماع على وجوب قتل المرتد، على خلاف بينهم إن كان يستتاب قبلها أم لا.
شروط وقوع الردة
لوقوع الردة من الشخص؛ لا بد من توافر مجموعة من الشروط كما يلي:
- البلوغ
يشترط فيمن يقع في الردة أن يكون بالغًا فلا تقع الردة من الصبي؛ لكونه غير مكلف.
- العقل
فلا تقع الردة من المجنون؛ لكونه فاقدًا للأهلية، فكما أن إسلامه لا يقع، فإن ردته لا تقع كذلك، واختلفوا في وقوع ردة السكران فقال البعض بالوقوع، والبعض بعدم الوقوع.
- الاختيار
يشترط أيضًا لوقوع الردة من الشخص اختياره، وذلك بأن لا يكون مكرهًا عليها، فلا تقع ردة المُكرَه.
- إرادة الكفر
لا بدّ أن يكون الناطق بكلمة الكفر قاصدًا للكفر والردة، فمن نطق بالكفر لغوًا لشدة هول مصيبة أو دون أن يقصد ويدرك؛ فإن ردته لا تقع، مع وجوب الاستغفار والتوبة من الوقوع بقول الكفر.
- العلم بالحال والحكم
لا بدّ لوقوع الردة أن يعلم المكلف بأن هذا القول أو هذا الفعل موقع في الكفر، ويستوجب حد الردة.
كيفية ثبوت الردة
تثبت الردة بأحد أمرين اثنين:
- الإقرار من الشخص المرتد نفسه بردته.
- شهادة رجلين عدلين على وقوع الردة من شخص ما، مع بيان ما صدر منه تفصيلا؛ لاختلاف حدوث الكفر من شخص ما بين العلماء.
ومما ينبغي الإشارة إليه أن جمهور الفقهاء قالوا بلزوم استتابة المرتد ثلاثًا قبل تطبيق حدّ الردة عليه، وذلك لما ورد بأن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت؛ فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعرض عليها الإسلام والتوبة قبل أن تقتل، وتتحقق توبة المرتد بان ينطق بالشهادتين، مع إقراره بما جحد به سابقًا من ضرورات الدين والذي أدى إلى ردته.