ما هو تعريف التقوى
تعريف التقوى لغةً واصطلاحًا
تُعرّف التّقوى في اللُّغة: بمعنى الوقاية، والصّيانة، والحفظ، ويأتي أيضاً بمعنى الحذر.
وتُعرّف التقوى اصطلاحاً: بأن يلتزم المسلم أوامر الله -تعالى- ويجتنب ما نهى عنه، فيقوم بالواجبات، والمندوبات ويترك المُحرّمات، والمكروهات، فيجعل المسلم بينه وبين ما حرّم الله -تعالى- واقياً يَقيه من عذابه وغضبه، وأن يقي نفسه من الوقوع بالمعاصي، وشُبهات الدنيا، وقد قيل في التّقوى أنها ابتغاء المسلم في عمله الصّالح رضى الله -تعالى- وحده.
التقوى في اللغة الوقاية، وفي الاصطلاح الالتزام بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، وبهذا يقي المسلم نفسه من غضب الله تعالى ويفوز برضوانه.
أهمية التقوى
التّقوى لها أهمية كبيرة في الإسلام، وذلك لأسباب عدّة نذكر بعضها فيما يأتي:
التقوى سبب للفلاح والنجاح
إنّ الله -سبحانه وتعالى- قد جعل التّقوى أمراً لازماً للفلاح والنّجاح، وقد أوصى بها جميع السّابقين، واللّاحقين فقال -عز وجل-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ الله).
التقوى ذُكرت في القرآن الكريم
إنّ الله -عز وجل- قد ذكر التّقوى في الكثير من الآيات، وأوجب على المسلمين أن يلتزموا بها ومثال ذلك من الآيات قوله -تعالى-: (وَاتَّقُواْ الله وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
التقوى ذُكرت في الأحاديث النبوية
إنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد ذكر التّقوى وفضلها، وأوصى بها في كثير من الأحاديث النبويّة، ومنها أنَّه قال في حجة الوداع : (اتقوا اللهَ ربكُم، وصلّوا خمسكُم، وصُومُوا شهركُم، وأدّوا زكاةَ أموالكُم، وأطيعُوا ذا أمركُم، تدخُلوا جنةَ ربكُم)، وقوله -عليه الصّلاة والسّلام-: (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأَتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ).
التقوى لباسٌ للروح والقلب
أنّ التّقوى لباسٌ للرّوح، والقلب فهيَ تفوق أهميّة اللّباس الذي يُغطّي به المسلم جسده، وقد ذُكر ذلك في قوله -تعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ).
التقوى أكثر أهميةً من طعام الإنسان وزاده
أنّ التّقوى أكثر أهميّة من طعام الإنسان وزاده لقوله -تعالى-: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ).
التقوى سببٌ في دخول الجنة
إنَّ التقوى سبب في دخول الجنّة، كما أنّ الله -تعالى- يُفاضل بين النّاس بمقدار تقواهم، قال الله -تعالى-: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، ويضاف إلى ذلك الوعد بالكثير من الأجر والخير في الدنيا والأخرة من الله تعالى لِمن يلتزم بالتّقوى.
للتقوى أهمية بالغة في الإسلام، ومن ذلك أنها سبب من أسباب دخول الجنة ونيل رضوان الله تعالى، كما أنها معيار المفاضلة بين الناس.
كيف نغرس التقوى في القلوب؟
يجب على المسلم أن يبذل جهده في غرس التّقوى في قلبه وهناك طرق عدّة تُعينه على ذلك، نذكر بعضها فيما يأتي:
قراءة القرآن الكريم وتدبره
زيادة معرفة المسلم برّبه تزيد في تقواه، ولهذا أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم؛ ليتفكّر به أهل العقول الذين أنار الله -تعالى- أبصارهم وبذلوا جهدهم، حتى ينالوا رضى الله -تعالى- بالتّقوى فقد قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَّا يَتَّقُونَ)، فيتعرّف المسلم في القرآن الكريم على الله -تعالى- وعلى عظمته وقدرته، ومن أسمائه وصفاته.
تعظيم شرع الله في النفوس
تعظيم شرع الله -تعالى- في النّفوس، وإقامة حدود الله -تعالى-؛ لقوله -تعالى-: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
التحلّي بالأخلاق الحميدة
التخلُّق بالأخلاق الحميدة، كالعدل؛ لقوله -جلَّ وعلا-: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، والعفو كما قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، وأيضاً محبة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وتوقيره، واحترامه، فقد قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى).
بذل الجهد في الطاعة والإكثار من العبادات والذكر
بذل الجهد في الطاعة والإكثار من العبادات فرائض كانت أم نوافل، ومن العبادات التي تُعين على التقوى الصّلاة، والصّيام. كما يجدر بالمسلم الإكثار من ذكر الله -تعالى- فلا يفتُرُ عن الذّكر.
التأمل في النصوص التي تتحدث عن القبر والآخرة
تأمُّل المسلم في النّصوص التي تتحدّث عن القبر والآخرة والتّفكر بها، فكلما زاد تعظيم الله -تعالى- في نفسه كان من التّقوى أقرب، وفكّر بالاستعداد لِما بعد الموت.
تُغرس التقوى في النفوس بأساليب عديدة، ومنها كثرة التفكر والتأمل والتدبر بالنصوص القرآنية، وخاصة تلك التي تتحدث عن القبر وأحوال الآخرة.
ثمرات التقوى
إنّ للتّقوى فوائد وثمار عديدة نذكر بعضها فيما يأتي:
- يحفظ الله -تعالى- المسلم التّقي ويُعينه، ويرزقه، ويكون معه، فقد قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ).
- يحب الله -تعالى- المسلم التّقي ويغفر ذنوبه، كما ورد في قوله -تعالى-: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ)، وقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ).
- يفرّج الله -تعالى- هموم المسلم التّقي، ويُعلّمه الله -تعالى-، ويُرشده لِما هو نافعٌ له، فقد قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ)، وقوله -جلَّ وعلا-: (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
- يتقبل الله-تعالى- منه أعماله الحسنة، لقوله -تعالى-: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ).
- يُعين الله -تعالى- المسلم التّقي ويُيسّر أموره، ويحميه من عدّوه، ويرزقه الجنّة، ويُبعده عن النّار، وقد وردت آيات كثيرة تؤكد ذلك منها، قوله -تعالى-: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)، وكذلك قوله -تعالى-: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
- يرفع الله -تعالى- المسلم التّقي يوم القيامة ويُعلي مقامه، ودلّ على ذلك قول الله -سبحانه وتعالى-: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
- يمنح الله -تعالى- المسلم التّقي ميّزات في الآخرة ليست لغيره، فهو في الحشر يكون مع المتقين في وفدٍ عظيم لقوله -تعالى-: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا)، وتكون الجنّة قريبة منهم، فقد قال -جلَّ وعلا-: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ)، ثمّ إنّ له مقام عظيم فقد خُصّ لهم غُرفات خاصّة في نعيم الجنّة، ودلّت على ذلك قوله -تعالى-: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ الله لا يُخْلِفُ الله الْمِيعَادَ).
- يحفظ الله -تعالى- علاقة المُتّقين بعضهم ببعض، فهيَ دائمة ومحفوظة في الدّنيا والآخرة فقد قال الله -تعالى-: (الأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ).
- التّقوى سبب لتأيّيد الله -تعالى-، وإنزال العون من الله -تعالى- ودلّ على ذلك قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ الله لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ* بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ).
- ينال المسلم التّقي البركات من الله -تعالى- فقد قال الله - سبحانه وتعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)، ويحميه الله من سوء الشّيطان وضرره، وقد ورد ذلك في قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
- يأمن المُتّقي من الفزع يوم القيامة، قال -تعالى-: (أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّـهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ* الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ* لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّـهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ).
للتقوى ثمار عديدة، ولعل من أبرزها الأمن يوم القيامة من الفزع، وأن التقوى سبب من أسباب تأييد الله تعالى لعباده وإنزال عونه عليهم، كما أن التقوى سبب من أسباب محبة الله تعالى للعبد، وكفى به سبباً لتحفيز المسلم على الالتزام بالتقوى.