ما هو النصاب في الزكاة
نصاب الزكاة
تعريف نصاب الزكاة
نصاب الزّكاة هو القَدْر المُحدّد الذي لا تجب الزّكاة فيما دونه أو أقلّ منه، ويكون اختلاف هذا النّصاب بحسْبِ الأموال المُزكّى بها، وهو شرطٌ من شروط وجوب الزّكاة على المسلم، وللنّصاب شرطان أساسيّان، هما كالآتي:
- أن يكون زائداً عن الحاجة المُلحّة للمسلم؛ كالتي لا يمكن الاستغناء عنها؛ كمطعمه، وملبسه، ومسكنه، ومركبه، وآلاته الحِرفيّة.
- أن يكون قد حالَ عليه حَولٌ هجريٌّ كامل؛ وبدؤه من يوم مِلْك النّصاب؛ وذلك لحديث أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (لا زكاةً في مالٍ حتى يحولَ عليه الحولُ)، ويخرجُ من هذا الشّرط زكاة الزورع والثمار؛ حيث تجبُ الزّكاة فيها يوم حصادها؛ لقوله -تعالى-: (وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ).
مقدار النصاب في الأموال الزكوية
النصاب في النقدين
إنّ الزكاة واجبةٌ في كُلٍّ من الذّهب والفضّة، سواء كانا نقوداً، أو سبائك، أو حُليّاً، أو تِبْراً، إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول؛ وذلك لقوله -تعالى-: (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في سَبيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ* يَومَ يُحمى عَلَيها في نارِ جَهَنَّمَ فَتُكوى بِها جِباهُهُم وَجُنوبُهُم وَظُهورُهُم هـذا ما كَنَزتُم لِأَنفُسِكُم فَذوقوا ما كُنتُم تَكنِزونَ)، ونصاب الذّهب خمسةٌ وثمانون غراماً، ونصاب الفضّة خمسمئةٍ وخمسةٌ وتسعون غراماً؛ فإذا بلغ ما يملكه المسلم من الذّهب أوالفضّة النّصاب وجب عليه إخراج الزّكاة.
النصاب في الأنعام
بهيمة الأنعام هي الإبل، والبقر، والغنم ، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت النصاب، وإذا كانت سائمةً بعد مرور حولٍ عليها؛ والسائمة أي التي تُرعى مما يخرج من الأرض في أكثر الأيّام، وأمّا النصاب الأدنى في الأنعام؛ ففي الغنم أربعون، وفي الإبل خمسٌ، وفي البقر ثلاثون، وتفصيل ذلك فيما يأتي:
- الإبل: من كان عنده أقل من خمسة من الإبل فلا زكاة عليه فيها، ففي كُلّ خمسٍ من الإبل شاةٌ إلى عشرين من الإبل، فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاضٍ*، وإذا بلغت ستّاً وثلاثين ففيها بنت لبونٍ*، وإذا بلغت الستّ والأربعين ففيها حقَّة*، فإذا بغت الإحدى والستين ففيها جذعة*، وفي ستٍّ وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقّتان، وفي مئة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وفي مئة وثلاثين حقّة وبنتا لبون، ثمّ إنّ كل عشرة تزيد على ذلك يختلف فيها الواجب؛ حيث يجب في كل أربعين بعدها بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، والأقل من ذلك يُعفى عنه.
- البقر: من كان عنده أقلّ من ثلاثين من البقر فلا زكاة عليه فيها، وفي كُلّ ثلاثين من البقر تبيعٌ؛ وهو ما يبلغ سنةً من عمره، وإذا بلغ العدد أربعين بقرةً ففيها مُسنّةٌ، وهي التي بلغت سنتان من عمرها، فإذا كثرت عن ذلك فيُزكّى من كُلّ ثلاثين تبيعة، ويُزكّى من كُلّ أربعين مُسنّةً.
- الغنم: من كان عنده أقلّ من أربعين من الغنم بنوعَيْه؛ الضأن والمعز، فلا زكاة عليه فيها، وفي كُلّ أربعين من الغنم شاةٌ واحدةٌ، حتى تبلغ مائةً وعشرين، فإذا بلغت مائةً وإحدى وعشرين ففيها شاتان حتى المئتيْن، فإذا بلغت مئتيْن وواحدةً ففيها ثلاث شِياه إلى الثلاثمئة، وبعد ذلك في كُلّ مئة شاةٍ شاةً واحدةً.
النصاب في الزروع والثمار
اتّفق جمهور الفقهاء على أنّ نصاب ما يخرج من الأرض من زروعٍ وثمارٍ خمسة أوسقٍ؛ فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ)، والوسق: واحد وستّون صاعاً، فيكون المجموع ثلاثمئة صاعٍ، والصّاع يساوي ألفان وخمسةٍ وثلاثين غراماً، وينفرد هذا النّوع من الأموال الزكويّة بعدم اشتراط حولان الحول، فإخراجة يكون مرّةً واحدةً عند نضوجه وحصاده؛ فهو ينمو بنفسه، والقدر الذي يجب إخراجه هو نصف العُشر إن كان السّقي بكلفةٍ وآلة، والعُشر إن كان بغير كلفةٍ؛ كالسّقي بماء المطر، وذلك لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (فيما سقَتِ السَّماءُ والأنهارُ والعُيونُ، أو كانَ بَعلًا العُشرُ وما سُقِيَ بالسَّواني والنَّضحِ، نِصفُ العُشرِ).
النصاب في الرّكاز والمعادن
الرّكاز هو كُلّ مالٍ عُلِم أنّه دُفِن في عصر الجاهليّة، والمعدن هو كُلُّ ما خرج من الأرض ممّا يُخلق فيها من غيرها وله قيمةٌ، وزكاة الرِّكاز إخراج الخُمس دون اشتراط النّصاب أو حولان الحول عند جمهور أهل العلم باستناء الإمام الشّافعيّ ، حيث إنّه اشترط النّصاب كنصاب الذهب والفضّة؛ وذلك لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (في الرِّكازِ الخمُسَ)، وأمّا المعادن فقد تعدّدت آراء الفقهاء في وجوب زكاتها إلى ثلاثة أقوالٍ، وهم:
- المالكية والشافعية: ذهب الإمامان مالك والشّافعيّ إلى أنّ المعادن لا يجب فيها شيءٌ إلّا الذهب والفضة منها.
- الحنفيّة: ذهب الحنفيّة إلى أنّ المعادن الجامدة المستخرجة من الأرض والتي تنطبع بالنار تجب فيها الزكاة، وأمّا المعادن السائلة أو الجامدة التي لا تنطبعُ فلا زكاة فيها.
- الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى وجوب الزكاة في كُلّ ما خرج من الأرض وله قيمةٌ، سواء كان ممّا ينطبع أولا ينطبع.
أمّا النصاب في المعادن فبيانها فيما يأتي:
- جمهور الفقهاء: ذهب الأئمة الثلاثة إلى اشتراط النصاب دون الحول، ويكون نصابه كنصاب النقديْن؛ الذهب والفضّة، فوجب إخراج ربع العُشُر، أو اثنَين ونصف في المائة.
- الحنفية: ذهب الحنفيّة إلى وجوب الزكاة في المعادن في القليل والكثير منه، دون اشتراط النصاب والحول، فهو كالرِّكاز، فوجب إخراج الخُمس.
النصاب في عروض التجارة
عروض التجارة هي كُلّ ما يملكه المسلم من أموالٍ بقصد التجارة والتكسّب عدا النقديْن، كالعقارات، والسّيارات، والآلات، والجواهر، وأنواع الحيوان، والزروع، وغير ذلك، واتّفق جمهور أهل العلم على وجوب الزكاة في عروض التجارة؛ مستدلّين بقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ)، وللفقهاء شروطٌ عدّة حتى تجب الزكاة في عروض التجارة، وبيانها فيما يأتي:
- أن تبلغ قيمة العروض نصاب الذهب والفضة، فإن لم تبلغ نصابهما فلا زكاة فيها.
- نيّة التجارة: فشرط زكاة العروض أن يكون المُزكّي قد نوى التجارة عند تملّكه أو عند شرائها.
- حولان الحول: فيجب تقويم العروض وإخراج زكاتها عند حولان الحول.
- الملك التّام: فيُشترط لوجوب زكاة العروض أن يكون مالكاً الشخص لها بالفعل؛ كالبيع، وقبول الهبة، والوصية .
مصارف الزكاة
مصارف الزكاة هم الجهات الذين يحقّ للمسلم صرف زكاته إليهم، وعددهم ثمانية، وقد ذُكروا في قول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وبيان مستحّقو الزّكاة فيما يأتي:
- الفقراء والمساكين: وهؤلاء يُعطون من الزّكاة لدفع ضروراتهم وحاجتهم، وقد ذهب الحنفيّة والمالكية إلى أنّ المسكين أشدّ حاجةً من الفقير، وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الفقير أشدّ حاجةً من المسكين؛ فالفقير لا يجد ما يكفيه وعائلته، أو يملك أقلّ من نصف ما يكيفيه، والمسكين يجد نصف الكفاية فأكثر دون كمال الكفاية، وهؤلاء يُعطون لحاجتهم.
- العاملون عليها: وهم الذين لهم ولاية على الزكاة من قِبل أولياء الأمر، فهم يقومون بجمع الزكاة من أصحابها، ويحفظونها، ويوزّعونها على مستحقّيها بأمرٍ من إمام المسلمين، ويدخل فيهم كذلك عدّاد المواشي، والكيّال، والوزّان، والرّاعي، وغيرهم ممّن يُحتاج لهم في الزكاة، وهؤلاء يُعطون من الزكاة بقدر عملهم فيها، سواءٌ كانوا أغنياء أم فقراء؛ لأنّهم يأخذون الزكاة لعملهم لا لحاجتهم، وعلى هذا فيعطون ما يقتضيه العمل من الزكاة، فإن كان العاملين عليها فقراء أيضاً، فإنهم يُعطون لعملهم، ويُعطون ما يكفيهم لفقرهم؛ لأنّهم يستحقّون الزكاة للعمل والفقر.
- المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يُعطون لتأليفهم على الإسلام؛ إمّا لغير مسلمٍ يُرجَى إسلامه أو لدفع شرّه، أو لمسلمٍ لتقوية الإيمان في قلبه، أو لكونه ذو وجاهةٍ ومكانةٍ في قومه ويُتوقّع بإعطائه إسلام أمثاله، أو للمسلم الذي يقوم على الثغور لحماية المسلمين من شرّ الأعداء والبُغاة.
- في الرقاب: وهم المكاتبون الذين لا يجدون مالاً يعتقون به أنفسهم، فيُعطى المكاتب ما يقدر به على وفاء دينه حتى يُعتق من الرّق، ويجوز أن يُفتدى من الزّكاة الأسير المسلم؛ لأنّ في ذلك فك رقبة المسلم من الأسر.
- الغارمون: وهم المدينون العاجزون عن سداد ديونهم، وهم نوعان؛ الأول: الغارم لأجل إصلاح ذات البين؛ كأن يقع بين قبيلتين تشاحنٌ وتشاجر، فيأتي رجلٌ من أهل الخير والشرف، ويُصلح بين القبيلتَين بمالٍ يتحمّله في ذمّته، فيُعطى هذا الرجل المال الذي تحمّله من الزكاة، والثاني: الغارم لمصلحة نفسه، كأن يكون عليه دينٌ لا يقدر على تسديده، فيُعطى من الزكاة ما يسدّد به دينه.
- في سبيل الله: وهم الغُزاة المتطوّعون بالجهاد في سبيل الله، الذين ليس لهم نصيبٌ من مال بيت المسلمين، فهؤلاء يُعطون من مال الزكاة ما يكفيهم، كما ويُعطَى ما يساعده على الجهاد من وسائل وأدواتٍ للحرب.
- ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطع به السفر فنفذت مؤونته؛ إما لطول سفره، أو لأنّ عدواً من قطاع الطريق أخذ ماله، أو لأسبابٍ أخرى، فهذا يُعطى من مال الزكاة بقدر ما يوصله إلى موطنه، وإن كان غنيّاً.
_______________________________________
الهامش
* بنت مخاض: هي أنثى الإبل التي أتمّت السنة ودخلت في الثانية، وسميت بذلك؛ لأنّ أمّها أصبحت من ذوات المخاض؛ أي الحوامل.
* بنت لبون: هي أنثى الإبل التي أتمّت السنتين ودخلت في الثالثة، وسميت بذلك؛ لأنّ أمها ولدت فصار عندها لبن.
* الحقّة: هي أنثى الإبل التي أتمّت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، وسميت بذلك؛ لأنّها استحقّت أن يطرقها الفحل.
* الجذعة: هي أنثى الإبل التي أتمت أربع سنين ودخلت في الخامسة، وسميت بذلك؛ لأنّ مقدمة أسنانها سقطت.