ما هو الضغط الجوي
مفهوم الضغط الجوي
إنّ ضغط الهواء أو الضغط الجوي (بالإنجليزية: Atmospheric Pressure) يُمثّل وزن الهواء على مساحة ما، أي أنّه القوة التي تؤثر على وحدة المساحة بحيث يصنع وزنًا معينًا حسب الارتفاع الموجود عليه، ويتكوّن الهواء بصورة عامة من غاز النيتروجين بنسبة 78%، والأكسجين بنسبة 21%، ومجموعة من الغازات الأخرى كثاني أكسيد الكربون بنسبة 1%.
عندما يُشار إلى أنّ الأكسجين موجود في الجو؛ هذا يعني أنّه يتوزع سواء على سطح البحر والمرتفعات بالكمية ذاتها تقريبًا، ولكن يجد الأشخاص صعوبةً في التنفّس عند المرتفعات الجبلية العالية؛ بسبب اختلاف معدّل ضغط الهواء لا كميّته، حيث أنّ ضغط الهواء هو القوة التي تدفع الهواء إلى الرئتين ومنها إلى مجرى الدم للتنفس، ويكون ضغط الهواء عند سطح البحر أعلى منه عند المرتفعات؛ لأنّ عمود الهواء عند سطح البحر أعلى مما هو عليه عند المرتفعات، وهو ما يصنع مفهوميْ الضغط الجوي المنخفض والمرتفع عند نقاط معيّنة على سطح الأرض.
أجهزة قياس الضغط الجوي
يتم استخدام أجهزة البارومتر المتنوعة ل قياس الضغط الجوي ، وذلك لتفسير مبدأ التغير في الضغط الجوي في نقطة معينة تبعاً للقوّة المتمثلة في وزن الهواء في تلك المنطقة، بالإضافة إلى التنبؤ بالأحوال الجوية من خلال معرفة الضغط الجوي، وفيما يأتي توضيح هذه الأجهزة بشكل تفصيلي:
الباروميتر الزئبقي
يُعتبر الباروميتر الزئبقي (Mercury Barometer) من الأجهزة الأقدم في قياس الضغط الجوي والذي يُستخدم في عمله سائل الزئبق، ، وإنّ أوّل من اكتشف مبدأ جهاز الباروميتر هو العالم إيفانجليستا توريشلي (Evangelista Torricelli)، ويتكوّن الباروميتر الزئبقي من أنبوب زجاجي مُغلق من أعلاه ومفتوح من الأسفل ومملوء بالزئبق، هذا الأنبوب وُضِع في وعاء من الزئبق أيضًا، ومن خلال هذا الجهاز تبين للعالم توريشلي أنّ التغّير في الضغط الجوي يُسبب التغير المستمر في ارتفاع الزئبق داخل الأنبوب.
ويقوم مبدأ عمل مقياس الزئبق في جهاز الباروميتر على موازنة الضغط الجوي في موقع ما مع حجم الزئبق داخل هذا الجهاز بعد تفريغ الهواء من الأنبوب وإغلاقه من الأعلى منعًا للإخلال بالقياس الصحيح، وعندما يكون وزن الزئبق أقل من الضغط الجوي في حالة الضغط المرتفع، فإنّ مستوى الزئبق يرتفع في الأنبوب الزجاجي، أمّا في مناطق الضغط الجوي المنخفض، فيكون عدد جزيئات الهواء أقلّ، وبالتالي يكون وزن الزئبق أكبر من الضغط الجوي؛ لذا فإنّ مستوى الزئبق ينخفض في الأنبوب الزجاجي.
الباروميتر المعدني
يُعرف الباروميتر المعدني (Metallic Barometer) باسم الباروميتر اللاسائلي، ويُعتبر أكثر دقةً من البارومتير الزئبقي وغيره من أجهزة الباروميتر؛ إذ يعتمد على قراءة الجزء المُتحرك الموجود في مقدمة الجهاز المعدني ولا يعتمد على ارتفاع السوائل وتمددها داخل جهاز الباروميتر لقياس قيمة الضغط الجوي كالباروميتر الزئبقي، وقام العالم لوسيان فيدي (Lucien Vide) بتصميم الباروميتر المعدني من صندوق نحاسي بعد إزالة الهواء من داخله وتثبيت نوابض تتغير بتغير الضغط الجوي، حيث يُعتمد على هذه الزنبركات في قياس قيمة الضغط الجوي، بالإضافة إلى مقياس حرارة في أسفل قرص الجهاز.
الباروميتر المُسجل
يُعتبر الباروميتر المُسجّل من أجهزة قياس الضغط الجوي اللاسائلة ويُسمى بالباروغراف (Barographs)، ويعتمد على الرسم البياني لتسجيل قيمة التغيّر في الضغط الجوي، ويُثبَّت مخطط التسجيل على أسطوانة يتم تشغيلها بواسطة ساعة، إضافة إلى مجموعة من الكبسولات غير السائلة التي تُعتبر أدوات القياس في جهاز الباروميتر المسجل.
يُسجّل الباروغراف الضغط الجوي على الورق أو ورق القصدير الذي يُحيط بالأسطوانة، ويؤدي دورًا واحدًا لإيجاد الضغط في اليوم، أو الأسبوع، أو الشهر، ومع التطور التكنولوجي فقد استبدل الورق بأدوات إلكترونية لتسجيل الضغط على جهاز الحاسوب.
وحدة قياس الضغط الجوي
يوجد عدة وحدات قياسية للضغط الجوي ويُمكن التحويل بينها اعتمادًا على الوحدات المستخدمة للقوة والمساحة كالجرام، والكيلوجرام، والمتر، والكيلومتر، وفيما يأتي بعضًا منها:
- باسكال (Pa): وهي الوحدة المتعارف عليها والمُعتمدة في النظام العالمي للوحدات لقياس الضغط الجوي ولأنّها تُعتبر صغيرة جدًا يتم تحويلها إلى وحدة الكيلو باسكال (kPa).
- ضغط جوي (atm): أي (atmosphere)، تُستخدم أيضًا لقياس الضغط الجوي وتساوي 101.3 kPa.
- ملليمتر من الزئبق (mmHg): إذ يُقاس الضغط الجوي بتحديد ارتفاع عمود الزئبق في جهاز الباروميتر، ويُمكن تحويلها إلى وحدة (atm)، إذ إنّ 1 atm يساوي 760 mmHg.
- رطل لكل بوصة مربعة (psi): وكل 1 atm يُساوي 14.7 psi.
أسباب التغير في الضغط الجوي
يُعتبر التغير في الضغط الجوي مهماً في علم الطقس والأحوال الجوية؛ لأنه يتغير باستمرار سواء بالانخفاض أو الارتفاع بسبب درجة حرارة الجو أو العوامل الجوية الأخرى كالرياح، إضافةً إلى منسوب الارتفاع عن سطح البحر، ويُمكن تحديد أسباب التّغير في الضغط الجوي كالآتي:
الارتفاع عن مستوى سطح البحر
إنّ العلاقة بين الضغط الجوي والارتفاع علاقة عكسية؛ فكلما زاد الارتفاع عن مستوى سطح البحر انخفضت قيمة الضغط الجوي؛ ويُفسّر ذلك اعتمادًا على عدد أو كمية جزيئات الهواء الموجودة على مساحة ما، مثلًا في الأماكن المرتفعة كالجبال ينخفض الضغط الجوي لأنّ جزيئات الهواء تقل مقارنة بتلك الموجودة على المساحة ذاتها في منطقة منخفضة؛ ففي المناطق المنخفضة تزداد جزيئات الهواء ويزداد الاصطدام فيما بينها مما يُنشئ ضغط جوي عالٍ.
الجاذبية الأرضية
إنّ الضغط في الارتفاعات العالية يكون أقلّ مما هو عليه في المناطق المنخفضة، ويُعزى ذلك لوجود جزيئات هواء أكثر في المستويات الدنيا مقارنة بالمستويات العليا؛ بسبب قوة الجاذبية الأرضية (Gravity) التي تُحافظ على أكبر عدد من جزيئات الهواء قريبًا من سطح الأرض، فمثلًا يقع ما يزيد عن نصف جزيئات الغلاف الجوي تحت ارتفاع 5.5 كيلومترًا؛ لذا فإنّ الضغط الجوي ينخفض فوق هذا الارتفاع بنسبة تصل إلى 50%، ويستمر الضغط بالانخفاض لكن بنسبٍ أبطأ كلّما زاد الارتفاع.
دوران الأرض
من الأسباب التي تؤثر في تغيّر الضغط الجوي هو دوران الأرض أو ما يُعرف بتأثير كوريوليس (Coriolis Effect)، الذي يؤدي بدوره إلى حركة الهواء نحو اليمين في نصف الكرة الشمالي وإلى اليسار في النصف الجنوبي، وينتج من هذه الحركة مناطق ذات ضغط عالٍ وأخرى ذات ضغط منخفض، بالإضافة إلى تكوّن الأعاصير نتيجةً لهذه الحركة الدورانية والتي ينشأ عنها تغيّرات في الضغط الجوي.
الحرارة
عند تسخين جزيئات الهواء تزيد درجة حرارتها، وتزداد سرعتها، وتزداد التصادمات بينها، وزيادة السرعة هذا يؤدي إلى تباعد الجزيئات عن بعضها البعض وتمددها، وإنّ تمدّد جزيئات الهواء يعني أنّ كثافته أصبحت أقلّ، وعندما تقل الكثافة يقلّ الضغط، أي أنّ ارتفاع الحرارة يؤدي إلى ارتفاع الضغط الجوي.
الرطوبة
يعتبر الهواء الرطب المشبع ببخار الماء أقل وزنًا من الهواء الجاف إذا كان كل منهما تحت نفس درجة الحرارة والضغط، فعند إضافة جزيئات الماء للهواء تتم إزالة جزيئات أخرى للحفاظ على إجمالي عدد جزيئات الهواء في الحجم، وتحلّ جزيئات الماء خفيف الوزن مكان جزيئات الهواء الجاف الأثقل وزنًا من النيتروجين والأكسجين؛ وبالتالي يُصبح الهواء أقل وزنًا، ما يؤدي إلى ضغط أقل.
يُعتبر النيتروجين الجزئي المكوّن من ذرتي نيتروجين هو المكوّن الأساسي للغلاف الجوي، وبما أنّ الكتلة الذرية لذرة واحدة من النيتروجين تساوي 14 تقريبًا، فإنّ مجموع الذرتين يساوي 28، وبالمقابل، فإنّ الماء يتكوّن من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين، وبما أنّ الكتلة الذرية للهيدروجين تساوي 1 تقريبًا، وللأكسجين 16، فإنّ المجموع يساوي 18 تقريبًا، وبالتالي يُعتبر الماء أخف وزناً من النيتروجين، وكذلك الأكسجين الجزيئي، وهو ثاني أكبر مكوّن للغلاف الجوي، تساوي كتلته الجزيئية لاثنين من ذرّاته 32، وهو بهذا أكثر وزناً من بخار الماء.
ويُفسّر آخرون الضغط المنخفض في الأماكن التي تتمتع برطوبة عالية إلى أنّ الرطوبة تقلّل من كثافة الهواء، وعند وجود الهواء الرطب المنخفض الكثافة أسفل الهواء الجاف عالي الكثافة، سيبدأ الهواء الرطب في الارتفاع إلى أعلى؛ إذ من المعروف أنّ المواد ذات الكثافة الأقل تطفو فوق المواد ذات الكثافة الأعلى؛ وأثناء هذه العملية، ونتيجةً للفراغ المؤقت المتكوّن خلالها، يتكوّن الضغط المنخفض.
يُمكن قياس الضغط الجوي بوحدات قياسية مختلفة، أبرزها: باسكال، والضغط الجوي (atm) الذي يُساوي 101.3 كيلو باسكال، كما يُمكن قياسه بـِ ملليمتر من الزئبق، ورطل لكل بوصة مربعة وغيرها، وهناك العديد من العوامل التي تؤثّر في معدّل الضغط الجوي، أبرزها الارتفاع عن مستوى سطح البحر؛ فكلّما زاد الارتفاع قلّ الضغط، إضافةً إلى تأثيركل من الحرارة والرطوبة.
أهمية الضغط الجوي
إنّ معرفة الضغط الجوي ومراقبته مهم جدًا للباحثين بوجه خاص وللأشخاص في حياتهم اليومية بشكلٍ عام خاصةً في بعض المناطق التي تشهد ظروف جوية غير مستقرة، وفيما يأتي بعضًا من أهمية معرفة الضغط الجوي:
- معرفة حالة الطقس: يُعتبر الضغط الجوي مؤشرًا للظروف الجوية خاصة في فصل الشتاء؛ إذ يدل انخفاض الضغط الجوي على فرصة لهطول الأمطار، بينما يدل ارتفاعه على طقسٍ هادئ ودافئ، لذا يستفيد خبراء الأرصاد الجوية من التغيّرات الحاصلة في الضغط الجوي للحصول على مؤشرات تدل على المناخ وتغيراته المتوقّعة.
- الحفاظ على عملية التنفس: معرفة قيم الضغط الجوي ومتابعتها مهم لسلامة السكان في مناطق معينة؛ لأنّ انخفاض الضغط الجوي يعني انخفاض في كمية الأكسجين المطلوبة لعملية التنفس خاصة في قمم الجبال والأماكن المرتفعة.
- توفير المعلومات اللازمة لرحلات جبلية آمنة: مراقبة الضغط الجوي مهم أيضًا لمتسلقي الجبال والغواصين في البحار؛ وذلك لتجنب خطر الانتقال السريع من المواقع ذات الضغط العالي إلى الضغط المنخفض.
- تحديد المواقع (GPS): الاستفادة من معرفة قيمة الضغط الجوي يُساعد على تحديد الموقع (GPS) لمنطقة ما؛ إذ يؤثر التغير في قيمة الضغط الجوي على الذبذبات والإشارات الصّادرة من الأبراج الكهربائية.
- معرفة ارتفاع الطائرات: في أنظمة الطائرات يتم قياس ارتفاع الطائرة من خلال أجهزة قياس الارتفاع التي تُعطي قراءة منخفضة للضغط الجوي كلّما زاد ارتفاع الطائرة.
- الحفاظ على ضغط الكائنات الحية: تكمن أهمية الضغط الجوي بالنسبة للكائنات الحية في منع حدوث النزيف لدى الإنسان والحيوان، إذ إنّ الضغط الجوي يكون مقاربًا لضغط الدم لدى الكائنات الحية وأي فروقات هائلة في الضغط قد تؤدي إلى اختلال في تدفق الدم، وبالتالي فإن وجود الضغط الجوي يدعم وجود الحياة على كوكب الأرض عن طريق الحفاظ على ضغط الدورة الدموية.
- منع تبخر السوائل: يمنع الضغط الجوي المناسب تبخر السوائل؛ فعند الضغط الجوي المنخفض جدًا تتحوّل السوائل إلى الحالة الغازية رغم أنّها لا تزال في درجة حرارة الغرفة.
يُعرف الضغط الجوي بأنّه وزن عمود الهواء على مساحة معينة، ويقاس بعدة وحدات منها وحدة باسكال، وذلك باستخدام أجهزة الباروميتر لقياس الضغط الجوي التي تعتمد في عملها على سائل الزئبق أو الأجهزة الفلزية غير السائلة، وتؤثر العوامل الجوية في قيم الضغط الجوي كالرطوبة ودرجة الحرارة، وعوامل أخرى كالارتفاع عن مستوى سطح البحر، وتكمن أهمية معرفة الضغط الجوي في معرفة حالات الطقس، وتوفير المعلومات اللازمة للقيام برحلات آمنة، وتحديد المواقع (GPS) الذي يُمكن أن يتحقق بالنظر إلى التغيّر في قيمة الضغط الجوي الذي يؤدي إلى تذبذب الإشارات الصادرة عن الأبراج الكهربائية.